الأقباط متحدون - آه نعم.. الموضوعية
أخر تحديث ٢٢:١٠ | الخميس ٩ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٢٩ | العدد ٣٣٤٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

آه نعم.. الموضوعية

علي سالم
علي سالم

المفكر لا يبيعك أفكارا جاهزة، بل هو ذلك الشخص الذي يدفعك للتفكير. هذا بالضبط ما فعله الأستاذ سمير عطا الله في زاويته أول من أمس بحديثه عن الموضوعية. لقد دفعني دفعا لعادة ممتعة قديمة وهي مطاردة الكلمات كما يفعل أي طفل في مطاردة الفراشات، ترى.. ما هي حقا الموضوعية؟ نحن جميعا نتكلم عنها بزهو وفخر ونزعم أنها صفة أصيلة من صفاتنا، كما نسارع إلى وصف خصومنا بأنهم ليسوا موضوعيين.

غرقت في التفكير في الكلمة باحثا في كل جوانبها وزواياها عن أجزاء تشكل معناها وخاصة أنني أوافق الأستاذ سمير بأنه لا وجود نافعا ومفيدا للبشر في كل مناحي الحياة بغيرها. كما يبدو واضحا، الموضوعية (Objectivity) عكسها وضدها الذاتية (Subjectivity) هذا هو الشائع والمعروف، وأن الناس تفقد القدرة على التفكير الصحيح أي الحكم على الأمور بموضوعية بسبب تغليبهم للجانب الذاتي. ولكن هل هذه الفكرة صحيحة حقا؟ هل الموضوعية ضد الذاتية؟
منذ سنوات قليلة كان الصحافي الأميركي توماس فريدمان في زيارة للخليج وقال في أحد الحوارات إنه ذاتي (Subjective) في حكمه على الأمور فأثارت كلمته استياء الحاضرين، فهل فريدمان لا يعرف أن الذاتية بغيضة لأنها ضد الموضوعية الجميلة؟

هل طريقة التفكير بموضوعية سلعة يستطيع البشر جميعا الحصول عليها؟ أم أن هناك العاجزين عن ذلك؟ ما زلت أطارد الكلمة بعد أن تحولت بالفعل إلى فراشة في حديقة الأفكار والكلمات. ولماذا يعجز بعض الناس عن الحصول على الموضوعية، هل التفكير الموضوعي «الصحيح» هو الذي يختار البشر أم أن البشر هم الذين يختارونه؟

الواقع أن البشر هم الذين يملكون حرية الاختيار في كل شؤون حياتهم. معنى ذلك أنه توجد بداخل الإنسان أي ذاته قوى دفعته إلى اختيار ما نسميه الموضوعية، هنا أستطيع أن أقول إن الموضوعية لا تتعارض بحال من الأحوال مع الذاتية بل هي النتيجة الواضحة لها. التفكير الصحيح الذي يدفع الإنسان ثمنه في أحيان كثيرة، هو نفسه عاطفة اعتبار الذات. الموضوعية هي إذن أعلى درجات احترام النفس. هل تتوقع من شخص كاذب عديم الضمير أن يكون موضوعيا بشأن قضية ما؟ بالتأكيد ذاته لن تساعده على ذلك.

من المستحيل الفصل إذن بين الموضوع والذات، لا بد أن تكون جميلا لترى الوجود جميلا.. هذا هو الشرط الأول للإحساس بالجمال، أن تكون أنت جميلا.. أما عندما تكون سيادتك ولا مؤاخذة إنسانا عاجزا قبيحا فسترى أن الدنيا قد ظلمتك وبالتالي سترد لها الكيل كيلين بأن تظلم كل من تستطيع أن توقع عليه ظلمك. من المستحيل أن تعرف الموضوعية في الحكم على الأمور لأن ذاتك تأبى ذلك.

يبدو أنني استطعت الإمساك بالفراشة أخيرا، لا يوجد تفكير صحيح بمعزل عن نفوس صحيحة، التفكير الصحيح هو من صفات النبلاء، هكذا ينجح البشر في حياتهم عندما يتبنى النبلاء أمرهم.

هذا هو ما يجب أن نفكر فيه، المعرفة ودرجة التعليم العالية والخبرة كلها أمور هامة ولكن قبل ذلك كله.. درجة اعتبار الذات واحترام النفس عند هؤلاء المرشحين لإدارة حياة الناس.

نقلا عن الشرق الاوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع