الأقباط متحدون - ربيع في الخريف!
أخر تحديث ٢٢:٥١ | الاربعاء ٨ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٢٨ | العدد ٣٣٤٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

ربيع في الخريف!

بقلم: عـادل عطيـة
جاء الخريف زاحفاً على الطبيعة، عرفت ذلك؛ من أوراق الشجر التي ترميها الرياح، فتتساقط وتتناثر على الأرض!
جعلت واحدة من هذه الوريقات الذابلة في حضن كفي، ونظرت إلى شجرتي الرابضة في هدوء وسكينة بجوار بيتي!
كان الخريف الأصفر، يعتصر جذورها، ويمتص آخر قطرة من اخضرارها!
وكانت تتعرّى إلا من ذكرياتي!
ومع ذلك، فهي صامدة صلدة، كعهدي بها، تستسلم في دعة، وتسامح، وتواضع، ورضا كامل لمقراض الطبيعة، في موسم التجرّد!
لا تئن ولا تشتكي، بل تترقب في حكمة، وثقة، يوم النقاء في حضن المطر، فلا يبقى لغبار الكون مكاناً في كيانها، إلى أن تستريح في بيات شتوي في انتظار الربيع الواعد!
يعود تفكيري إلى نفسي؛ فأنا أيضاً بين فكي خريف العمر، وأوراق أيامي، تتساقط، وتتبعثر عني، وتطير إلى التلاشي!
تذكّرت بداياتي الأولى، ورغبتي الحميمة في أن أطاول قامة الكبار!
فلم أكن أدرك بعد، وأنا في وهج طفولتي البريئة:
أنه كلما زدت يوماً في مسيرة حياتي، كلما نقصت يوماً من عمري، بالمقابل!
وانني سوف أرحل يوماً ما إلى الغروب، في سبات طويل!
وفي ثقة، قلت لنفسي:
قد أكون كالشجرة في الخريف العاصف، ولكني لست بشجرة، بل إنسان!
وكل ورقة يوميّة، تتساقط من عمري:
تمنحني التجرّد، والتحكم الكامل في الغرائز والشهوات!
وتبعدني عن التزاحم المرهق، وعن المظاهر الخادعة!
وتُضيف إلى عقلي وفكري: علماً، وخبرة، ودراية!
وتبقى جذوري الإنسانية ليست ممتدة في الأرض، بل عميقاً في قلب من أعرفهم، ويعرفونني!
عارفاً بأن ربيع الإنسان، كل إنسان، ليس ربيعاً واحداً، بل ربيعين:
ربيع في أولاده، وأحفاده!
وربيع في الأبد، وسمائه!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter