الأقباط متحدون - شكراً أوباما
أخر تحديث ٠٣:١٣ | الاربعاء ٨ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٢٨ | العدد ٣٣٤٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

شكراً أوباما

أوباما
أوباما

أعلن الرئيس أوباما أن الولايات المتحدة أخطأت قبل عام حين لم تنتبه بالقدر الكافى إلى خطورة «داعش» وأن المخابرات المركزية أخطأت تقدير حجم وقوة هذا التنظيم، كثير منا لم يصدقوا هذا التصريح، وذهبوا إلى أن الخطأ - إن صح - كان متعمداً كى تجد الولايات المتحدة ذريعة لشن غاراتها على المنطقة والعودة مرة ثانية إلى العراق، وهؤلاء يتصورون أن أمريكا تدير العالم بمؤامرة محكمة التدبير، وينفون عنها أنها قوة يديرها بشر، يستبعدون الخطأ وسوء التقدير عن الإدارة الأمريكية وعن أجهزتها المعلوماتية والأمنية.. وأنا ممن يرون أن الولايات المتحدة من أكثر الدول التى يخطئ ساستها التقدير وتخطئ أجهزتها التقييم، ونحن بالذات يجب أن ندرك ذلك، فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ كانت التقديرات الأمريكية أن السادات لن يتخذ قرار الحرب، وأن الجيش المصرى لا يمكنه تحطيم خط بارليف، وحين سقط الاتحاد السوفيتى تماما وتفكك سنة ١٩٩٠، لم يكن هناك فى الولايات المتحدة من توقع ذلك ولا تنبه إلى إمكان حدوثه، وكان كل طموح الولايات المتحدة، إضعاف الاتحاد السوفيتى فقط.. ومن هنا فأنا أصدق الرئيس أوباما، فى تصريحاته حول «داعش»، لنلاحظ أن الإدارة الأمريكية الحالية أخطأت تقدير الأمور فى مصر منذ يوم ٢٥ يناير ٢٠١١، وكان تصورهم أن جماعة الإخوان قادرة على أن تنهض بمصر وعلى أن تسحب الإسلام المتطرف والعنيف إلى دائرة الاعتدال، وكان ذلك خطأ، والأخطر أنه كشف عن جهل حقيقى بتاريخ الإخوان وأفكارهم، وجهل تام بطبيعة وتكون الشعب المصرى وتكوين الدولة المصرية الحديثة. ويوجد بيننا من يصرون على أن الولايات المتحدة تعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا، وتعرف عنا مالا نعرفه ويمكنها أن تتنبأ بتصرفاتنا وردود أفعالنا، وفى ذلك مبالغة كبيرة ولا إنسانية فى قوة أمريكا ونبخس أنفسنا حقنا وقدراتنا، حتى حينما يكتب صحفى أمريكى مثالا عنا نفترض أن كل ما يقوله من أفكار ويطرحه من تصورات هو الصواب بعينه، وعلينا أن نكيف عقولنا ومشاعرنا عليها، وفقا لها، ومن ثم نعطل أفكارنا ومفاهيمنا نحن، وفى كثير من المواقف، يجلس بعضنا ينتظر التصرف الأمريكى أو الوحى الأمريكى، كى يضبط إيقاعه ويحدد موقفه، وهنا تصبح علاقاتنا وارتباطاتنا بالولايات المتحدة أقرب إلى العبودية، أو التبعية حتى فى الفهم والتفكير، تبعية من صنعنا نحن ونفرضها على أنفسنا.

تصريحات الرئيس أوباما حول داعش تقول لنا بملء الفم، إننا نعرف منطقتنا وبلادنا وظروفنا أكثر من أى طرف آخر، ويجب أن تترجم هذه المعرفة إلى فعل وحركة على الأرض، والخطأ الأمريكى فى تقدير «داعش» لم يكن الأول ولن يكون الأخير، من قبل أخطأوا فى أسلوب إخراج صدام حسين ومعمر القذافى، فأسلموا البلدين الكبيرين إلى ميليشيات وأشعلوا فتيل التطرف والمذهبية، وإذا رأت الولايات المتحدة فعلا على الأرض، فإنها قد تعيد الفهم والنظر فى الأمور، وهذا ما جرى معنا فى مصر، جرى يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣، حين فاجأهم الجيش المصرى بالعبور العظيم وفاجأهم الرئيس السادات، وجرى ذلك يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣، حين أبهرتهم الملايين من المصريين فى الشوارع يرفضون حكم المرشد وجماعته ومندوبه فى القصر الجمهورى، وكان ذلك رفضاً للتصورات وللخطط الأمريكية لتجليس محمد مرسى وإن بغلاف شبه ديمقراطى على منصة الرئاسة المصرية، وصحيح أن الإدارة الأمريكية زمجرت فى البداية ثم انتفضت لكنها ما لبثت أن اعترفت بالأمر الواقع، بالفعل الذى جرى على أرض مصر.

الرئيس أوباما امتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ، وهذا يجب أن يحسب له وأن نقدره، لم يكابر ولم يستسلم لغرور السلطة والقوة، وعلينا أن نتأمل ونفهم تصريحه جيداً، إنه يلقى بالكرة فى ملعبنا، نحن من له إمكانية فهم ما يجرى هنا وفهم تلك التنظيمات الإرهابية البربرية، ومن ثم يجب أن نكف عن خلق أوهام وأشباح فى خيالنا ثم نخاف منها وتظل تطاردنا، ونحن توهمنا أنه إذا حطت ذبابة على وجه أحدنا فسوف يكون وراءها المخابرات الأمريكية، وأن المعامل الأمريكية ستكون هى التى خلقتها وأن الإدارة الأمريكية حركتها، وننسى أن القوة مهما تعاظمت لها حدود، وأن الفهم مهما اتسع فلابد من خطأ ما، وإلا لتوقفت الحياة، فالتاريخ بلا نهاية والحياة لا تتوقف، وشكراً للرئيس أوباما الذى أكد ما كنا ننادى به، وهو أن الولايات المتحدة لن تعرف عنا ولن تفهمنا أكثر منا.

نقلا  عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع