الأقباط متحدون - فقدان التوازن بين الشورى والسمع والطاعة
أخر تحديث ٠٩:٤٤ | الأحد ٥ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٢٥ | العدد ٣٣٤٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فقدان التوازن بين الشورى والسمع والطاعة


 لدى الإخوان مجلس شورى عام، لكن تركيبته وطريقة اختياره وأسلوب أدائه لا يؤدى بحال إلى شورى حقيقية.. وقد حرصت فى أواخر أيامى بالجماعة على تغيير هذا كله، حتى تمارس الشورى بشكل صحيح، عصمة للجماعة من الزلل وعدم الوقوع فى الخطأ.. لكن للأسف، لم أجد أذناً صاغية ولا عقلاً واعياً.. هذا فى الوقت الذى كانت فيه ثقافة السمع والطاعة والثقة فى القيادة تمثل ركناً أصيلاً ومعتمداً.. وقد لعبت سيطرة هذه الثقافة أخطر الأدوار فى حياة الجماعة، خاصة فى المواقف التاريخية الحرجة، وكانت سبباً فى الصدام الذى كان يقع بينها وبين أنظمة الحكم القائمة.. ولاشك أن فشل الجماعة وسقوطها على النحو المزرى الذى رأيناه، سواء فيما يتعلق بالكذب على الجماهير بخصوص نسبة المشاركة فى الترشح للمجلس النيابى أو الترشح لرئاسة الدولة، أو الفشل فى إدارة شؤون البلاد، أو فى إدارة الأزمة عقب الثورة عليهم والإطاحة بحكمهم، أو الانزلاق إلى هاوية العنف والفوضى، أو الاستقواء بالأجنبى فى محاولة انهيار الدولة وهدم أهم مؤسساتها- أقول كان سببه غياب الشورى الحقيقية داخل الجماعة من ناحية، وسيطرة ثقافة السمع والطاعة والثقة فى القيادة من ناحية ثانية.

 
لقد تم اختزال الجماعة فى بضعة أفراد يشكلون «مكتب الإرشاد»، الذى تم اختزاله هو الآخر فى فرد أو فردين، فما يقولانه هو القول الفصل الذى لا تعقيب عليه ولا راد له.. أما الأفراد، فمهمتهم الأولى السمع والطاعة والثقة فى القيادة، ينحازون إليها اقتناعاً أو مزايدة أو مداهنة.. إذا قالت القيادة وجهتنا هى الشرق، ردد الأفراد ذلك وقالوا هذا عين الصواب ومنطق العقل والحكمة.. وإذا غيرت القيادة رأيها ولو بعد ٢٤ ساعة وقالت وجهتنا هى الغرب، ردد الأفراد ذلك، بل قالوا هذا عين الصواب ومنطق العقل والحكمة.. لا أحد يفكر أو يعى.. لا أحد يناقش أو يسأل: لِمَ كان هذا، ولِمَ كان ذاك؟ وإذا تجرأ أحدهم وهَمّ بفعل ذلك، فقد أساء - أيما إساءة - للمبدأ الأصيل وهو السمع والطاعة والثقافة فى القيادة، وبالتالى فقد حكم على نفسه بالطرد من «جنة الرضا»، وبعدها من «جنة الجماعة»!!
 
إن عدم وجود شورى حقيقية مع هيمنة لثقافة السمع والطاعة والثقة فى القيادة جعلا الأخيرة تمارس استبداداً فى حق الأفراد يفوق استبداد الحكام فى عالمنا الثالث، لأنه مرتبط بالدين.. فالفرد يفعل ذلك على اعتقاد أنه يتقرب به إلى الله! وترى القيادة فى ذلك تمام التوفيق والنجاح، إذ إنه يضبط إيقاع حركة الأفراد وفق ما تريد هى، لا ما يتفق عليه الأفراد.. بالطبع هذا ما كان يستهدفه نظام مبارك الذى نجح فيه أيما نجاح.. ولنا أن نفهم - إذن - لماذا كان يترك للجماعة مساحة تتحرك فيها؟!.. الجواب: لأنه كان يعلم أنها جماعة «منضبطة»، أو بمعنى أدق كتلة صماء تدين بهذه الثقافة لقياداتها، وبالتالى فهو إذا تحكم فى هذه القيادات، فإنه يتحكم فى الجماعة كلها.
 
الكارثة وقعت عندما أصبح فرد فى هذه الجماعة رئيساً لدولة بحجم أو وزن مصر.. صحيح أنه كان عضواً بمكتب إرشادها ورئيساً للحزب الذى يمثل ذراعها السياسية، لكنه فى النهاية كان فرداً ينتمى لجماعة تسود فيها ثقافة السمع والطاعة والثقة فى القيادة.. ولك أن تتخيل معى عزيزى القارئ رئيس دولة يأخذ تعليماته وتوجيهاته، بل أوامره من قيادة فى الجماعة.. لذلك كانت الجماهير واعية ومدركة حقيقة الوضع المأساوى الذى سيقت إليه مصر عندما رفعت شعار «يسقط.. يسقط حكم المرشد»، لأن الذى كان يحكم مصر لم يكن محمد مرسى!
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع