بقلم : د. صفوت روبيل بسطا
بعد ما قدمه الأقباط لبلدهم ووطنهم "مصر" من تضحيات ودماء وحرق وتدمير لكنائسهم والكثير ... ووطنية صادقة بإعتراف الجميع ، وبعد أكبر ثورتين في العصر الحديث ،وبعد إنتخاب رئيسنا ورئيس كل المصريين "السيسي" عن كل إقتناع وحب ، مع تقديرنا لسيادته لوطنيته الصادقة وما يقوم به من أجل رفع إسم مصر عالياً في كل العالم
بالرغم من كل ذلك مازال "الأقباط" يُعانون وبشدة في بلدهم !! وسط حالة من الأحباط الشديد وعلامات إستفهام كبيرة جداً لا نجد لها أي إجابة !! جعلت أغلب الأقباط يقولون أنه لا أمل في التغيير !!!؟؟
بالرغم أيضاً من إعتراف سيادة الرئيس السيسي وفي أثناء حملته الأنتخابية وقوله عن الأقباط... يوجد فصيل في البلد يُعاني ... وتأكيده علي أنه لن يسمح لأحد أن يخوف أو يرعب المصريين (كل المصريين) ، وأيضاً قول سيادته أن ...الأقباط حُرقت كنائسهم ولم يشكوا لأحد ، وأن المصريين لم يجدوا أحداً يحن عليهم ... والأقباط حتي الأن ليس لهم إلا إلهنا الصالح الوحيد الذي يحن علينا وحده وليس سواه
وبالرغم من كل ذلك أيضاً ما زالت معاناة الأقباط من خوف ورعب وخطف لبناتهم وأطفالهم وشبابهم ، والأعتداء عليهم وعلي بيوتهم ومنازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم وكنائسهم وأديرتهم ...إلخ ، مع تباطئ وتواطئ وتقصير (عن عمد وغير عمد)!! من الأمن!!؟ ، حتي وصلنا إلي إعتداء الأمن نفسه علي الأقباط !!؟؟ كما حدث في قرية جبل الطير !!؟؟
وبالرغم من الأستغاثات والرسائل والشكاوي إلي سيادة الرئيس وإلي سيادة رئيس مجلس الوزراء وإلي سيادة وزير الداخلية وإلي جميع المسئولين بالبلد ...ولكن.. لا جديد تحت الشمس !!؟؟؟
ومع هذه الأستغاثات نسمع أيضاً عن إستغاثات إلي قداسة البابا تواضروس الثاني –أدام لنا الرب في حياته
نسمع هذه الأستغاثات من أباء وأمهات البنات المخطوفات ومن جميع الأقباط المُعتدي عليهم وعلي كل القنوات وخاصة المسيحية ،يستغيثون لإنقاذهم من جلاديهم ومرعبيهم كمداً وقهراً علي ما يحدث معهم وخاصة علي مخطوفيهم !!؟؟
وبعد أن حُلت مشكلة سيدة جبل الطير (كما ذكرت قداستكم) في إجتماع الأربعاء الماضي ...مازالت حالات التعدي وخاصة حالات الخطف لكل الأقباط بنات وغير بنات ..وكمثال للبنات القبطيات المختطفات أو المختفيات حتي اليوم بدون أي مساعدة من الأمن !!؟؟ ..كرستينا طلعت شاروبيم (الأسكندرية) ... كرستين عماد رمزي (أسيوط) ... داليا فتحي (سوهاج)...... مارينا لويس شكرالله تواضروس (أسيوط) .... ....هذه عينات تحدثت عنهن إحدي القنوات المسيحية
قداسة البابا
أبنائك وبناتك في كل مكان علي أرض المحروسة مستهدفين في أعراضهم ونسائهم وممتلكاتهم !! بل وواضح أن كل شيئ مدبر ومقصود ووفق خطة داخلية وخارجية !!، وأصبح الأقباط الصيد السهل جداً لهذه العصابات ولهذه التجارة الخسيسة للمكاسب المادية للمجرمين من خطف وفرض أتاوات وغيره علي الأقباط !!؟؟
والجديد ...ذكره أحد أهالي المخطتفات بالصعيد في إتصال له علي إحدي القنوات المسيحية ...قال ... أن الأمن إهتم في بادئ الأمر بغياب إبنتهم لأن الأب الكاهن الذي كان معهم كان يتبع الطائفة الكاثوليكية ، ولكن بعد أن تأكد الأمن أنها تتبع الكنيسة الأرثوذوكسية تراجع عن إهتمامه بالمرة!!؟؟؟ وواضح السبب لأن الكنيسة الكاثوليكية تتبع دولة الفاتيكان !!؟؟؟
نعلم أن أبوتكم في الكنيسة هي أبوة روحية وتعليمية وإدارية ، ولكن الشعب القبطي الذي يُعاني والذي حتي الأن لا يجد أحد يحن عليه سوي الله تبارك أسمه ، في مثل هذه الظروف الصعبة لن يجد غير "الكنيسة" ليلتجئ إليها ولن يجد غير أبوتكم ليستغيث بها ، ولن يجد الصدر الحنون إلا في كنيسته التي علمته أنها مسئولة عنه ..ليس فقط عن حياته الروحية بل والنفسية والجسدية ، وبما أن المُعاناة تؤثر علي كل كيانه الروحي والنفسي والجسدي فلن يجد غير حضن "الكنيسة" ليجد فيها الأمن والأمان المفقودين لديه من الذئاب التي تتربص به من كل إتجاه!!؟؟
واضح أننا مازلنا في مرحلة "محلك سر" بل لا أبالغ إذا قلت أننا إن لم نسرع ونضع حد لهذه المهازل فللأسف فنحن راجعين "للخلف دُر" إلي عصر الأضطهاد!! ، وبعد أن يأس الأباء والأمهات من عدم النظر أو الألتفاف إلي إستغاثاتهم من المسئولين !!؟؟، وبعد أن خرج الأقباط وشاركوا أخوتهم في الوطن بأرواحهم ودمائهم في كل الثورات وخارطة المستقبل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الأجتماعية ، ولكن للأسف واضح بدون أي تغيير !!؟؟ .. لذلك.. لم يجدوا أمامهم إلا الرجوع مرة أخري إلي حضن الكنيسة ، والأستغاثة بقداسة البابا شخصياً
وقد يقول قائل ..ماذا سيفعل قداسة البابا مع هذه الحالات وفي ظل هذا الفكر المتعصب والمتغلغل في القلوب والعقول!! الذي طال حتي بعض المسئولين عن الأمن !! ومع نفس النهج والنظرة المستمرة للتعامل مع الأقباط !!؟؟ غير الصلاة من أجلهم ، لأن الأمر ليس بيد قداسته أو من مسئولياته ؟
نحن كل ما نتمناه كأقباط أن نسمع وأن نري من أبونا كلنا " قداسة البابا" أن..( يتكلم ولا يسكت).. علي ما يحدث لأولاده وبناته في كل مكان علي أرض المحروسة ، وإن كنا متأكدين أن قداسته يتألم كثيراً مما يحدث ويحاول رأب الصدع بقدر المستطاع ونشر الحب والسلام في وقت ضاع فيه كل شيئ جميل في بلدنا !! ... نتمني من قداسته أن لا يترك أي حالة خطف واحدة أو تعدي علي أبنائه إلا ويعرضها علي المسئولين بالدولة مع المتابعة المستمرة حتي يُرفع الظلم عن المظلومين ، ولسان حال قداسته .... لا يحق لك... كما قالها أعظم مواليد النساء ماريوحنا المعمدان ... هذا فقط ...من دالة البنوة من إبن لأبيه مع كل الحب والطاعة والثقة الكاملة في حكمة قداسته
وبالطبع ..(في ظل هذه الأوضاع).. كل الأقباط يشرفهم ويباركهم ..تفويض قداسة البابا.. للدفاع عنهم والتحدث بأسمهم وعن حقوقهم المسلوبة والضائعة ، ونعلم أن مسئوليات قداسته كبيرة جداً جداً وتفوق الوصف ، ولكن أمام رعب وخوف وبكاء طفل صغير في أقصي الصعيد أو جرح قلب أم أو أب علي غياب إبنتهم تهون كل هذه المسئوليات
طالب الكثير جداً من الكُتاب والمفكرين الأقباط بعمل لوبي قبطي أوإتحاد مسيحي لمواجهة هذه التحديات الصعبة ولكنني أري صعوبة تحقيق هذا في مصر بلدنا وتعددت الأسباب وأهمها مع إستمرار هذا الفكر والنهج مع الأقباط !!؟
بل أقترح .... أن تقوم "الكنيسة" وبعد بحث الأمر مع المسئولين بالدولة بتخصيص أحد الأباء الأساقفة كمسئول عن الملف القبطي أمام الجهات الرسمية للدولة ، يتابع كل حالات التعدي علي الأقباط في أي مكان علي أرض المحروسة ، وحبذا لو تم تخصيص أب أسقف للصعيد فقط وبالطبع مع مساعدة بعض الأباء الكهنة وبعض أبناء الكنيسة من العلمانيين ، أو إنتخاب مسئول علماني قبطي موثوق به من جميع الجهات لمتابعة مشاكل الأقباط
نحن الأقباط المصريون نؤمن بكل ما جاء في "الكتاب المقدس" الذي هو دستور حياتنا الحقيقي والذي يتحقق معنا بكل كلمة بل وبكل حرف ، والذي يختلف (كُلياً) عن الدستور المصري المتفق عليه بالأغلبية !!، والذي شدد في إحدي مواده (كمثال) علي تجريم التعدي علي الحريات !! وأكبر جريمة تحدث في مصر الأن هي عكس ذلك تماماً!!؟؟ ..وواضح صعوبة أن يتحقق فيه لا حرف ولا كلمة ولا حتي أي مادة من مواده وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأقباط !!!؟؟
دستورنا علمنا أنه ..في العالم سيكون لكم ضيق ، مع الوعود الألهية الصادقة أن إلهنا الصالح قد غلب هذا العالم ، وعلمنا أيضاً .. كما اضطهدوني سيضطهدونكم ...بل ستأتي ساعة يظن فيها كل مَن يقتلكم أنه يُـقَدم خدمَة لله ..مؤكداً له كل المجد ... قد سَّبـَّـقت وأخبرتكم بكل شئ ..
فنحن المسيحيون نؤمن بذلك بل ونفرح بهذا الأضطهاد وبهذه الضيقات لأنها تؤهلنا أن نتألم معه لنتمجد أيضاً معه
وفي المقابل علمنا دستورنا الحقيقي (الكتاب المقدس) أنه عندما نتعرض للظلم (عن غير حق) أن نقول للظالم ... لماذا تلطمني ... وأيضاً علمنا أن ...نرفع دعوانا إلي قيصر ... ومن أجل كلمة الحق أوصانا أن ...."لا تخف بل تكلم ولا تسكت لأني أنا معك ولا يقع بك أحد ليؤذيك" أع 18