الأقباط متحدون - «طمعنجى» يبحث عن «فلسنجى»
أخر تحديث ١٧:١٦ | الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ١٩ | العدد ٣٣٣٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«طمعنجى» يبحث عن «فلسنجى»

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

محمود خليل
بعض أولياء أمور تلاميذ المدارس الحكومية يصرخون من زيادة المصروفات هذا العام. كل المدارس العامة والتجريبية رفعت المصروفات إلى حد الضعف فى بعض الأحوال، ومن عدل الوزارة هذا العام أنها ضربت صفحاً عن الاستثناءات. فالكل لازم يدفع، لا يهم إن كان قادراً أو غير قادر. «الدفع» أصبح واجباً قومياً لا مفر منه.

نحن نقدر أن الحكومة تعيش أزمة اقتصادية وتحاول أن تجمع كل ما تستطيع من فلوس ما وجدت سبيلاً إلى جيب المواطن، ولكن عليها أن تستوعب حقيقة أنها تطبق معه نظرية «الطمعنجى» الباحث عن «فلسنجى». ربما تكون الحكومة قد اغترت بعض الشىء حين تمكنت من جمع أكثر من 64 مليار جنيه خلال ثمانية أيام لتمويل مشروع تنمية قناة السويس الجديدة، وهو «اغترار» فى غير محله إذا أخذنا فى الاعتبار أن هناك ملايين مملينة من المصريين ليس لديها أى مدخرات، وإنما تعيش اليوم بيومه. وهذه الفئات من المصريين أحوج ما تكون إلى الرحمة.

على الحكومة أيضاً ألا تعتذر بأن من بين أولياء الأمور الفقراء هؤلاء من يدفع أضعاف هذه المصروفات فى دروس خصوصية أو مجموعات تقوية، لأن هذا العذر أقبح من ذنب ترتكبه الحكومة فى حق المواطن، حين سمحت -ولم تزل- بخلق سوق للتعليم الموازى، بعد أن لم يعد للمدرسة دور حقيقى فى التعليم، وبعد سنين طويلة كرست فيها أنظمة سياسية متعاقبة فكرة أن الشهادة أهم بكثير من التعليم. ولم يعد أمام المواطن وهو يرى الجهلاء وأنصاف المتعلمين يتصدرون الصفوف فى مواقع عدة، إلا أن يرقص على أنغام «الشهادة» -ولا يهم التعليم- كما يفعل غيره. كذلك على المسئولين أن يستوعبوا أن من بين أولياء الأمور فى قرى ونجوع مصر، بل وفى مدنها أيضاً، من يلقى بابنه فى أحضان المدرسة، وليس لديه أى قدرة لإدخال ابنه ولو مجموعة تقوية.

لقد استطاعت الحكومة بعد قرار إعادة هيكلة الدعم على الوقود أن توفر عشرات المليارات، لا أجد مانعاً من أن يذهب جزء منها لدعم وتطوير منظومة التعليم بالمدارس الحكومية، ورفع العبء عن كاهل من لا يستطيع ومساعدته فى تعليم أبنائه. لماذا لا ترعى وزارة التعليم مجموعات تقوية مجانية للتلاميذ تمولها بنفسها؟ لماذا لا توزع على الأطفال الفقراء الكراسات والكشاكيل ومستلزمات الدراسة، حتى تخفف على غير القادرين؟

ليس مطلوباً من الحكومة أن تقوم بذلك سوى داخل مدارس الحكومة التى تعمل فى البيئات الأكثر فقراً واحتياجاً.

إن الكثير من أبناء جيلى يذكرون جيداً أن مصروفات المدرسة الابتدائية زمان لم تكن تزيد على 25 قرشاً، وكانت الوزارة توزع علينا الكتب، كما توزع علينا الكراسات والكشاكيل، ذلك ما ورثناه عن تجربة جمال عبدالناصر (رحمه الله)، حين انخرطنا فى رحلة التعليم فى بداية السبعينيات. لم يكن عبدالناصر يلقى بمال الدولة على الأرض، أو يبحث عن فقراء يصفقون له، كما يظن البعض. لقد كان الرجل يستثمر.

نعم كان يستثمر، وليس أدل على ذلك من أن الأجيال المتلاحقة من المتعلمين فى مدارس الحكومة كانت ولا تزال المصدر الأكبر للعملة الأجنبية، من خلال تحويلات المصريين «المتعلمين» العاملين بالخارج.. شوف اللفة!
نقلآ عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع