الأقباط متحدون - أنا «مش» عارفنى!
أخر تحديث ١٧:٥٩ | الثلاثاء ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ١٣ | العدد ٣٣٣٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أنا «مش» عارفنى!

 أنا «مش» عارفنى!
أنا «مش» عارفنى!

ماذا يجب أن يفعل البسطاء من أبناء الشعب حتى تتأكد الحكومة من أنهم بالفعل يستحقون منها نظرة عطف واهتمام، حتى وإن كان مجرد اهتمام «شكلى»، وهل قصر هؤلاء البسطاء- لا سامح الله- فى تنفيذ ما عليهم من واجبات تجاه الدولة منذ أن بدأت تتعافى وتعود إلى سابق عهدها دولة قوية ومتماسكة وتمتلك من القوة ما يؤهلها لأن تتبوأ مكانة مرموقة على المستويين الإقليمى والعالمى.

أعتقد أن البسطاء- وهم يمثلون الغالبية العظمى من أبناء الشعب- لم يتوان أى منهم ولو للحظة واحدة فى تقديم كل ما فى وسعه من أجل كسب رضاء الحكومة وإثبات حسن النية فى التعامل مع النظام الجديد الذى استبشروا فيه خيراً وعلقوا عليه آمالاً كثيرة، حينما تعاملوا معه باعتباره جائزة السماء التى ستعوضهم عن سنوات التعاسة والشقاء التى عاشوها ولاتزال تداعياتها تخيم فوق رؤوسهم حتى الآن، فحلموا بأن ينتشلهم هذا النظام الجديد من الحال «المائل» الذى عاشوه وذاقوا مرارته منذ ثورة ٢٥ يناير، التى فرحنا بها جميعا وهللنا لها كثيراً قبل أن نكتشف أنها كانت مجرد خدعة ومؤامرة كبيرة على بلد فى حجم مكانتها.

والحق يقال فإن البسطاء من أبناء الشعب قد انخرطوا فى النظام الجديد واستجابوا بكامل إرادتهم لكل ما طلبته منهم الدولة، فحينما رأت القيادة السياسية ضرورة التحلى بالصبر والهدوء فى التعامل مع الأزمات التى نعيشها، وجدنا المواطن البسيط وقد تحول من النقيض إلى النقيض وهو يتعامل مع كل ما يحيط به من أزمات ببرود أعصاب وهدوء وسكينة لم نره عليها من قبل، على الرغم من أن تلك الأزمات الكثير منها يتعلق بقوت يومه وكأنه قد أعطى لنفسه جرعة «مخدر» جعلته يدخل فى غيبوبة ويعيش فى سبات عميق وهو على يقين من أنه سيصحو ذات يوم ليجد نفسه فى أفضل حال وفى مستوى معيشى قد تحسده عليه بقية شعوب العالم.

الناس البسطاء فعلوا كل ما فى وسعهم من أجل دعم ومساندة القيادة السياسية فى كل الخطوات التى تتم على أرض مصر، فما إن ظهرت فكرة شهادات استثمار قناة السويس الجديدة حتى خرجت الأموال من «تحت البلاطة»، لأجل استكمال المشروع العملاق ولكى لا يشمت فينا الأعداء الذين يتربصون بنا من كل الاتجاهات، وقبل شهادات الاستثمار أخرج صندوق دعم مصر المارد من داخل القمم حين تدفقت الملايين لهذا الصندوق حباً وعشقا لتراب الوطن وأيضاً لمن يتولى إدارة شؤون الوطن.

ولكن ماذا قدمت الدولة لهذا المواطن الذى يتحلى بكل هذه الصفات من الطيبة والإخلاص والقدرة على امتصاص أزماته والتعايش معها من أجل سواد عيون قيادته السياسية؟ وإلى متى سيظل هكذا يدفع ثمن حبه للوطن دون أن يجد من يمد له يد العون؟!

هؤلاء البسطاء الذين يحبون البلد من قلوبهم لا يستحقون من الدولة كل هذا «الطناش» والاكتفاء بالتصريحات الوردية.. فكل تلك الوعود التى تخرج يوميا فى تصريحات رسمية من الحكومة، والتى تؤكد أننا سنخرج قريباً من عنق الزجاجة، ليست كافية لفتح البيوت، فهى لا تستطيع أن تدفع عن الناس فواتير الكهرباء الملتهبة ولا فواتير التليفونات أو الغاز أو المياه.. ولا تستطيع أن تدفع عنهم مصروفات العام الدراسى الجديد، ولا تستطيع أن توقف نزيف الأموال المهدرة فى السلع الأساسية التى لا غنى عنها فى أى بيت، والتى تزداد يوماً بعد الآخر دون رادع، ولا تستطيع أن تضع حداً للسرقة التى تتم جهاراً نهاراً فى مخصصات بطاقات التموين على الرغم من التصريحات «الوردية» التى يدلى بها وزير التموين، ولكنه فى حقيقة الأمر كأنه يؤذن فى مالطا، خصوصاً فى ظل ألاعيب أصحاب المخابز ومحال صرف مخصصات بطاقات التموين.

أقولها وبصراحة، والأرزاق على الله، وأتمنى ألا يغضب أحد من كلمة حق خالصة لوجه الله تعالى:البسطاء من أبناء الشعب وبسبب كل تلك الأزمات والمشاكل التى يعيشونها وهم راضون بـ«القسمة والنصيب» حباً فى الرجل الذى اختاروه ليعبر بهم إلى بر الأمان، لم يعد الواحد منهم يعرف أى شىء عما يجرى من حوله ولم يعد الواحد منهم قادرا على استشراف المستقبل الذى حلموا به وتمنوه، بل إن البعض قد أصبح لا يعرف حتى نفسه وهل هو هو أم أنه أصبح شخصاً آخر.. وكأن لسان حاله أغنية المطرب الشعبى عبدالباسط حمودة «أنا مش عارفنى.. أنا تهت منى.. أنا مش أنا».

نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع