الأقباط متحدون - هل حقاً تريد أمريكا محاربة الإرهاب؟!
أخر تحديث ٠١:٢٨ | الثلاثاء ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ١٣ | العدد ٣٣٣٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل حقاً تريد أمريكا محاربة الإرهاب؟!

 هل حقاً تريد أمريكا محاربة الإرهاب؟!
هل حقاً تريد أمريكا محاربة الإرهاب؟!

فى بداية الإجابة عن سؤالى بالعنوان أوافق كما تبين حول دور الولايات المتحدة فى تصنيع حالة ومنظمات الإرهاب. الأول هو الأستاذ جهاد الخازن الذى كتب فى الحياة يقول إن الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات حاول فى الستينيات العثور على أى شاب فى الأمة العربية للقيام بعملية انتحارية فى مطار بن جوريون بتل أبيب ونقب فى كل التنظيمات الثورية فلم يجد مقاتلاً عربياً واحداً يقبل فكرة العمليات الانتحارية. لقد اضطر عرفات إزاء هذا الموقف للاستعانة بالمنظمات الثورية اليابانية التى قام أفراد منها بالفعل بالسفر إلى تل أبيب ومعهم رشاشاتهم فى حقائب السفر وما إن وصلت الحقائب إلى أيديهم حتى فتحوها وأخرجوا منها الرشاشات والقنابل اليدوية وأمطروا كل من فى المطار بالحمم القاتلة. آنذاك لم تكن إجراءات التفتيش فى المطارات بالتدقيق الذى يعرفه ركاب القرن الحادى والعشرين. يعلق الخازن قائلاً إن هناك اليوم العديد من الشباب العربى المستعد للقيام بعمليات انتحارية.. لماذا؟ لأن المظالم الاستعمارية التى تقوم بها الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط ودعمها الدائم للعدوان الإسرائيلى عبأت الشباب العربى وجعلته جاهزاً من الناحية النفسية لهذه العمليات.

أما الكاتب الثانى الذى أوافقه أثناء بحثى عن إجابة السؤال الوارد بالعنوان فهو محمد بركات الذى كتب تحت عنوان «الحرب على داعش» بالأخبار يقول: «المتتبع لتاريخ ونشأة جماعة داعش الإرهابية وغيرها من الجماعات المتواجدة الآن على الأراضى السورية والعراقية وغيرها من البلاد العربية لابد أن يلفت انتباهه بقوة وجود مؤشرات ودلائل تربط بين هذه الجماعات والولايات المتحدة وحلفائها فى منطقة الشرق الأوسط بصورة غير خافية بل تكاد تكون معلنة». إلى هنا ينتهى كلام بركات. إننا نلاحظ إذن دورين تقوم بهما الولايات المتحدة، الأول شحن الشباب العربى بالغضب وبالتالى دفعه إلى فكرة الانتحار أو الاستشهاد المحببة دينياً باعتبارها الحل الوحيد للتخلص من المظالم الاستعمارية القاهرة للشعوب والحكام معاً. والثانى استثمار هذا الناتج فى خدمة المصالح الأمريكية وكوقود فى حروبها مع أعدائها. حدث هذا فى أفغانستان فى بداية الثمانينيات عندما سهلت لأسامة بن لادن وتنظيمه التوطن هناك وأشرفت على تدريب كوادره وتسليحها وتمويلها بمشاركة نظم عربية حليفة لها كانت تقف ضد الغزو السوفيتى لأفغانستان وتخشى من انتشار المد الشيوعى المصاحب للنفوذ السوفيتى.

وها هو يحدث مرة أخرى فى السنوات الثلاث الأخيرة عندما قررت الولايات المتحدة استخدام بعض حليفاتها العربية مع تركيا فى تنظيم وتدريب وتسليح وتمويل منظمة داعش لتساعدها فى التصدى للنفوذ الإيرانى الذى اعتمد على الحكم أو النفوذ الشيعى فى بغداد ممثلاً فى المالكى وفى دمشق ممثلاً فى نظام الأسد العلوى وفى لبنان ممثلاً فى حزب الله. لسنا فى حاجة إلى تفكير متعمق لنكتشف أن انقلاب القاعدة على الولايات المتحدة هو مثل انقلاب داعش عليها، فهذه المنظمات ترى فى أى مساعدة تأتيها عوناً من الخالق لا مانع من قبوله حتى من الأعداء الذين يسخرهم الله من حيث لا يدرون حسب التفكير الشائع عند منظرى ومفكرى هذه التنظيمات. إن هذه المنظمات تدرك جيداً أن حسابات الولايات المتحدة تقوم على استخدام نزعة الاستشهاد لدى أفرادها كمخلب قط لخدش الأعداء المشتركين مثل الاتحاد السوفيتى وإيران. وهى تفهم أنها بمجرد القيام بوظيفتها المحددة لها من أمريكا سيجرى التخلص منها وتعبئة النظم والدول المتضررة من نشاطها الإرهابى للقضاء عليها. الخلاصة أن العلاقة بين أمريكا وهذه المنظمات هى علاقة استخدام واستغلال متبادل لا مكان فيه للثقة المتبادلة وبالتالى فهى علاقة تحالف مؤقت لابد أن ينتهى إلى الصدام المحتم.

أن علينا أن نتأمل موقف الولايات المتحدة أم الديمقراطية والحريصة على إرادة الشعوب وحقها فى حكم تختاره بحرية فى صناديق الانتخاب- من الانتهاك الواضح الذى يقوم به حلفاؤها الإسلاميون فى ليبيا لقواعد الحكم الديمقراطى. إن هؤلاء الحلفاء الذين قاموا بعملية عسكرية واسعة تحت اسم فجر ليبيا يرفضون التسليم بنتائج انتخابات البرلمان الجديد والذى جاء خالياً من نفوذهم الطاغى الذى ميز البرلمان السابق. ترتيباً على ذلك قاموا بمهاجمة العاصمة طرابلس بميليشياتهم المسلحة وسيطروا عليها ومنعوا البرلمان الجديد من الانعقاد.

عندما اضطر هذا البرلمان لنقل مقره إلى طبرق ليتمكن من مزاولة عمله وإصدار قرار يعتبر فيه الميليشيات الإسلامية المسلحة تنظيمات إرهاربية قامت الميليشيات بإعادة البرلمان القديم الذى كان لها فيه الأغلبية وعندما قرر البرلمان الجديد تشكيل حكومة جديدة ردت الميليشيات بتشكيل حكومة مضادة وهكذا أصبح فى ليبيا حكومتان وبرلمانان. السؤال مازال قائماً عن موقف أمريكا. لقد أعلنت السفيرة الأمريكية فى حديث مع صحيفة فى مالطة أن بلادها تعترف بالبرلمان الجديد ولكنها لا توافق على كل قراراته خاصة قرار اعتبار الميليشيات الإسلامية المسلحة منظمات إرهابية. ماذا يعنى هذا الموقف سوى دعم الحلفاء الإسلاميين لأمريكا والذين ينتهكون كل قواعد العملية الديمقراطية. لقد قال محمود جبريل رئيس حكومة الأزمة التى مثلت المنظمات المعارضة أثناء الثورة على القذافى لصحيفة الحياة إنه لمس أثناء الثورة رغبة أمريكا فى تسليم الحكم للإخوان وحلفائهم فى إطار استراتيجية لتسليمهم الحكم فى جميع بلدان الشرق الأوسط.

فى ضوء هذا الموقف الأمريكى فى ليبيا يحق لوزير خارجية مصر أن يخاطب وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى مؤتمر جدة المخصص لمكافحة داعش بقوله «ليس من المنطق فى شىء أن نحشد مواردنا لهزيمة داعش بينما تحجب هذه الموارد عن مصر وهى تخوض معركة ضد ذات العدو المشترك على أراضيها» إذن شعار «مكافحة الإرهاب» هو مجرد غطاء أمريكى لتأديب داعش التى خرجت عن الطوع لتكون عبرة لكل من يخالف أمريكا من الحلفاء.

نقلا عن المصر اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع