الأقباط متحدون - أزمة عقل «٨»
أخر تحديث ١١:٠١ | الاثنين ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ١٢ | العدد ٣٣٣٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أزمة عقل «٨»

د. مراد وهبة
د. مراد وهبة

ماذا حدث من عقبات لاتفاق أوسلو بعد التوقيع عليه فى واشنطن فى ١٣/ ٩/ ١٩٩٣؟

فى عامى ١٩٩٥ و١٩٩٦ اجتمع فى لويزيانا بالدنمارك سياسيون وكُتاب من النخبة الإسرائيلية والمصرية. وكانت الغاية من الاجتماع تحويل السلام البارد بين مصر وإسرائيل إلى سلام دافئ. وكان المنظم لذلك الاجتماع هربرت بوندك رئيس التحرير السابق لمجلة «بوليتيكن» ووزير خارجية النرويج. وكانت السرية هى السمة المميزة كما كانت كذلك فى مفاوضات أوسلو. ولكن مع توقف مسار السلام فى خريف عام ١٩٩٦ قرر بوندك مع لطفى الخولى رئيس تحرير «مجلة الطليعة» وديفيد كيمحى رئيس اللجنة الإسرائيلية للشؤون الخارجية تغيير مفهوم حوار لويزيانا. فبدلاً من أن يكون سرياً ومحصوراً فى النخبة يصبح علناً وتتسع دائرته بحيث تشمل فلسطينيين وأردنيين لتأسيس حركة جماهيرية لتدعيم مسار السلام فى الشرق الأوسط.

وفى ٢٠/ ١/ ١٩٩٧ تسلمت رسالة من سفير الدنمارك بالقاهرة جاء فيها أنه يدعونى باسم وزارة الخارجية الملكية الدنماركية للمشاركة فى «حوار لويزيانا» بكوبنهاجن فى الفترة من ٢٩ إلى ٣١ يناير من ذلك العام، وملحق مع الدعوة ورقة عمل تبين الغاية من هذا الحوار وهو تحويل السلام البارد إلى سلام حار، وتمهيد التربة لتأسيس المبادئ الموجهة لقيام حركة شعبية. قبلت الدعوة بصفة شخصية، أى باعتبارى أستاذاً متفرغاً للفلسفة بجامعة عين شمس. وقبلتها لسببين:

السبب الأول أن الحوار على الإطلاق هو الطريق إلى التطور، والتطور سمة الحضارة، وتاريخ الحضارة شاهد على ما أقول. فالثقافة اليونانية تطوير للثقافة المصرية القديمة، والثقافة الإسلامية تطوير للثقافة اليونانية، والثقافة الأوروبية تطوير للثقافتين اليونانية والإسلامية.

السبب الثانى أن الحوار فى الشرق الأوسط - على التخصيص- ضرورى بين الأطراف المتصارعة. فإذا كان الحوار سمة التطور، والتطور سمة الحضارة فالحوار العربى الإسرائيلى لازم من أجل التطور. ولهذا فإن الامتناع عن الحوار سمة غير حضارية، ومن ثم فإن شعار «لا.. للحوار الثقافى» هو شعار لا يستقيم مع مسار الحضارة، هذا بالإضافة إلى أن الثقافة، بحكم طبيعتها، مخترقة للحواجز الجغرافية والعرقية والدينية، ذلك أن الثقافة من إفراز العقل فى تفاعله مع الواقع الخارجى. وكل ما فعلته الثورة العلمية والتكنولوجية هو اختزال الزمن من أجل تسريع ذلك الاختراق. والمفارقة المذهلة، بعد ذلك، تكمن فى هذا التناقض بين الذى تؤديه الثورة العلمية والتكنولوجية وبين الدعوة الهيستيرية إلى ضرورة صيانة نقاء الهوية الثقافية وذلك بعزلها عن الهويات الثقافية الأخرى. وتأسيساً على هذه الدعوة الهيستيرية أصبح تطوير الهوية الثقافية من المحرمات الثقافية منذ توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية فى ٢٦ مارس ١٩٧٩.

هذان هما السببان أو المبرران لقبولى المشاركة فى «حوار لويزيانا». ومع ذلك فأنا فى ذلك الحوار التزمت الصمت إلى أن اعتمد «إعلان كوبنهاجن.. التحالف من أجل السلام» من المشاركين بلا استثناء. وعندئذ طلبت الكلمة وجاءت على النحو الآتى: «إن الشرق الأوسط محكوم بأصوليات ثلاث: يهودية ومسيحية وإسلامية»، وكل منها يتوهم امتلاك الحقيقة المطلقة. وحيث إن الحقيقة المطلقة واحدة فالصدام بين المطلقات أمر حتمى. فإذا أردنا تجنب الصدام علينا تأسيس تيار علمانى لمقاومة التيار الأصولى وتأسيس سلام ليس ممكناً من غير العلمانية. فماذا حدث إثر انتهاء كلمتى؟ هاجمنى اثنان أحدهما من حماس والآخر من الليكود على الرغم من عداوة كل منهما للآخر، وطالبا معاً بتعديل الإعلان من أجل بث مزيد من الجرعة الدينية.

والسؤال بعد ذلك:

ما هو مضمون الإعلان؟ وما هى ردود الأفعال؟

نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع