الأقباط متحدون - لماذا تفشل بعثاتنا فى تغيير مجتمعاتنا؟
أخر تحديث ٠٩:١٦ | السبت ٢٠ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ١٠ | العدد ٣٣٣٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا تفشل بعثاتنا فى تغيير مجتمعاتنا؟

خالد منتصر
خالد منتصر

كنت دائماً وما زلت مؤمناً بضرورة زيادة عدد البعثات العلمية من الجامعات والمعاهد البحثية المصرية إلى أوروبا وأمريكا لأن هذا يعتبر باب أمل ونافذة تجديد للعقل المصرى لإنقاذه من كبوته ولعلاجه من الأمراض الفكرية التى أصابته والفيروسات الرجعية التى سكنت خلاياه وشلت قدرته على الإبداع، فقد بدأ عصر التنوير باحتكاك مفكرينا منذ رفاعة الطهطاوى وطه حسين وأحمد لطفى السيد وسلامة موسى بباريس ولندن وغيرها من المدن الأوروبية ونقلهم لبذور اللقاح الثقافية التنويرية من أوروبا بعد الثورة الفرنسية التى زرعها أمثال فولتير وروسو فى تربة حقل وعقل المجتمع الأوروبى آنذاك، توقف هذا الاحتكاك الثقافى وقل تأثيره جداً منذ الثمانينات والتسعينات وحتى الآن ولم تعد الجامعات ترسل طلاباً لاستكمال دراساتهم وأبحاثهم فى الخارج إلا فيما ندر وبشبكة علاقات شخصية من المبعوث نفسه وبفلوس لا تكفى حد الكفاف. نبهنى بعض المصريين الذين يعيشون فى النمسا إلى أن البعثات برغم أهميتها لم تعد تفيد فى هذا التغيير الثقافى الذى كنا نراه فى زمن جامعة طه حسين، السبب أدهشنى ولم أكن أتصور أنه بهذه السيطرة على عقول المبعوثين الذين من المفروض أنهم النخبة والقدوة والكِريمة وبوصلة التغيير، قالوا لى إن المبعوث فى النمسا على سبيل المثال عندما تطأ قدماه أرض فيينا يسأل أول سؤال قبل السؤال عن مكان السكن والجامعة أين الجالية الإسلامية أو أين الجالية القبطية؟!

يحمل طائفيته ويحزمها مع حقائبه ثم ينزوى مع جاليته فى الجيتو الدينى التابع له فتصير الجامعة جامعاً ويصير السكشن كنيسة، ولهذا نجد أنماطاً لم تتعلم أى قيم ثقافية من البلاد التى سافرت إليها وكأنها سافرت إلى الكفر أو العزبة المجاورة، فيعود شخص مثل أيمن على الطبيب الذى تعلم فى النمسا متحدثاً رسمياً للإخوان، ويرجع رئيسه مرسى من أمريكا بعدما حبس نفسه فى حجرته لا يشاهد إلا قناة «اقرأ» بالشكل الذى شاهدناه عليه لا يتقن حتى اللغه التى ظل يتعامل بها أربع سنوات مع أهل البلد!!

إنها ثقافة الجيتو وسلوك الانعزال ودرقة السلحفاة وصدفة القوقعة وصوبة الخضار وكهف الجماعة الذى يلتصقون فيه ببعضهم البعض يدفئون بعضهم ويحتمون من الآخرين الكفار الفاسقين الفاجرين الأدنى مرتبة، ويجترون أفكارهم فقط وكتبهم فقط وقنواتهم فقط ويعيشون حياة كالحياة فى عالمهم الافتراضى، يعود بعدها المبعوث لم تلفحه أى نسمة حرية فكر أو شعاع ضوء تنوير، يرجع المبعوث حيث لا يبعث نوراً ولا يشع بهجة أو إبداعاً، يرجع الحافظ اللى مش فاهم الرجعى المنغلق، أرسلته الدولة لكى يعود إليها نحلة تفرز عسل التنوير فيعود جرادة تلتهم الأخضر واليابس.

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع