الأقباط متحدون - «فلتان لسان»!
أخر تحديث ٠٣:١٦ | السبت ٢٠ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ١٠ | العدد ٣٣٣٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«فلتان لسان»!

محمود خليل
محمود خليل

هل تدرى معنى وقيمة الثبات الانفعالى؟ تعالَ نحاول الاستدلال على ذلك من خلال حوار أجرته جريدة «الوطن» مع اللواء «ثروت جودة»، وكيل المخابرات العامة السابق. ذكر اللواء كلاماً شديد الإثارة فى حواره، كان من بينه: «قلت للواء رأفت شحاتة -مدير المخابرات العامة أيام مرسى- انس القَسَم الذى حلفته ولا تعط مرسى معلومة واحدة»، وقال: «شفيق هو الفائز فى الانتخابات -يقصد انتخابات الرئاسة 2012- والمستشار حاتم بجاتو يعلم ذلك، والمشير طنطاوى لم يكن يريد أحمد شفيق ولا عمر سليمان فى رئاسة الجمهورية»، وقال: «طارق حجى ذكر لجريدة الـ(واشنطن بوست) أنه كان يجلس مع رئيس المخابرات المركزية الأمريكية وقال له فى حضور جون كيرى: (إحنا اللى نجحنا مرسى)»، وقال: «عمر سليمان قال لـ(ديك تشينى)، نائب الرئيس الأمريكى بوش الصغير، عليك أن تتحدث مع مبارك بأدب فرد عليه: أنا أتكلم براحتى أنا أمريكا، فطرده عمر سليمان من مكتبه».

اقرأ هذه التصريحات جيداً وسوف تدرك معنى غياب الثبات الانفعالى، وأنه يعبر عن حالة اندفاع فى القول دون حساب، أو بعبارة أخرى «فلتان لسان إنسان»، دون اكتراث بالطريقة التى يؤول بها الآخرون ما يقال، ودون إعطاء أى اعتبار لمفهوم «المواءمة السياسية»، أو القدرة على التفرقة بين ما يمكن أن يقال فى ظرف أو سياق معين، وما ينبغى التفكير فيه قبل أن ينطق اللسان بالكلام. ويصل «بنى آدم من دول» إلى حالة فقد الثبات الانفعالى عندما ينتابه شعور بأن كل خيوط اللعبة أصبحت فى يده، وأنه أصبح مسيطراً على المواقف المحيطة به بصورة تدعوه إلى الاطمئنان، الأمر الذى يدفعه إلى «البحبحة» فى الكلام. وأغلب من يسقطون فى فخ «فقد الثبات الانفعالى» يصلون إلى تلك الحالة، بعد أن يزين لهم غرورهم وأوهامهم أن كل شىء أصبح رهن الإشارة، وأن أحداً لن يستطيع أن يلعب معهم أو ينال منهم.

لقد فرح الإخوان -أيما فرح- بكلام اللواء «ثروت جودة»، حيث تناقلته القنوات التليفزيونية والمواقع الإخبارية التابعة للجماعة واحتفت به أشد الاحتفاء. وبعيداً عن تفسير حالة الفرح تلك بإحساس الجماعة بأن كلام «اللواء» يدعم رؤيتهم المغلوطة لموجة الثورة الثانية فى 30 يونيو، أجد أن ثمة سبباً آخر للبهجة الإخوانية، يرتبط بتسرب إحساس لديهم بأن ثمة فقداناً للثبات الانفعالى بدأ يتسرب إلى أعصاب خصومهم، ولو أن الطرفين المتخاصمين فكرا قليلاً فسوف يدركان أن حالة النشوة التى أصابت الجماعة بعد الوصول إلى السلطة والسيطرة على العديد من مؤسسات الدولة بعد ثورة يناير 2011 أفقدتها رشدها، ولم يتوافر لأغلب أعضائها الدرجة المعقولة من الثبات الانفعالى التى تمكنهم من القراءة الصحيحة والمتأنية للأوضاع، بشكل يسمح لهم باستيعاب أن الإحساس بالقدرة والسيطرة على الحياة لا يعنى شيئاً سوى السقوط. وصدق الله العظيم إذ يقول: «حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازينَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ».

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع