الأقباط متحدون - إمتى هنولّع فى كتاب الوزارة؟
أخر تحديث ٠٧:٢٩ | الجمعة ١٩ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٩ | العدد ٣٣٢٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

إمتى هنولّع فى كتاب الوزارة؟

د. غادة شريف
د. غادة شريف

قالك الكتب المدرسية ستصل المدارس فى خلال أسبوع!.. والنبى يا حمادة تروح تتحزم وترقص فى شرف استقبال تلك الدرر المكنونة!.. هل تظن أننى أسخر من وصولها بعد بدء الدراسة؟.. بالعكس.. أنا أتمنى ربنا يرزقها بحد يثبتها على الدائرى فلا تصل للمدارس أبداً!.. انظر حولك، هل ترى جيل الموظفين الحالى الذى يوقف المراكب السائرة فى كل الهيئات الحكومية؟.. إنه نفس الجيل الذى كان يتعهد وهو طالب بأنه عندما يتخرج هيغير كل شىء وسينسف تلك البيروقراطية البغيضة، فهل تعلم ماذا حدث له؟.. الإجابة تكمن فيما يسمى كتاب الوزارة.. هذا الكائن الديناصورى الذى نتج عن تزاوج أبو رِجل مسلوخة وأمنا الغولة، وبيخوفوا به العيال.. يمسك دماغ ابنك يرص فيها المعلومات رصا فيصبح حافظ مش فاهم، ويمنعه من الإبداع ويفرض عليه ما يسمى الإجابة النموذجية.. أمّا فى الخارج فالموضوع مختلف تماماً.. فى الدول الأجنبية غربية وشرقية لا يوجد كتاب مقرر ولا إجابة نموذجية، بل هناك مواضيع مقررة ومطلوب من التلميذ البحث عن المحتوى بنفسه سواء عن طريق استعارة كتب من المكتبة أو عن طريق الإنترنت.. تلك الطريقة فى البحث تثبت المعلومات فى ذهن التلميذ دون الحاجة لأن يحفظ ويسمَع، وفى نفس الوقت تعطيه مساحة للإضافة والابتكار، تماما مثل الذى يطبخ بإيده فيضيف توابل من عنده.. لهذا تخرج الأفكار الجديدة من تلك الدول، ولهذا تتولى تلك الدول الريادة فى جميع المجالات، خصوصا البحث العلمى.. الغريب أن المسؤولين عن التعليم عندنا يسافرون ويحتكون بنظم التعليم فى الخارج ويعلمون تماماً أن طريقة التدريس المتبعة عندنا هى طريقة متخلفة انقرضت فى الخارج، ومع ذلك تجدهم يتحدثون عن تطوير المناهج فى إطار هذا العته المسمى كتاب الوزارة!..

 المؤسف أن المشكلة تمتد أيضاً للجامعات؛ حيث يكون كتاب رئيس القسم هو الكتاب المقرر لتلك المادة ويا ويله ويا سواد ليله الذى يعتمد على كتاب آخر، فعادة رئيس القسم يضع الامتحان من مواضيع محددة فى كتابه ليست فى كتب أخرى فيكون فخاً لمن لم يشتر كتابه..هذه هى منظومة التعليم الفاشلة التى نفخر بتوارثها ثم نتساءل: لماذا لم يعد لدينا مبدعون فى الفن والعلم والأدب بعد أن رحل العظماء؟..هؤلاء العظماء الذين علمهم أساتذتهم ألا يتوقفوا عن البحث والتنقيب، فظهر علماء سعى الغرب لاغتيالهم مثل يحيى المشد وسميرة موسى، وتأثرت ألحان عبدالوهاب وفريد الأطرش بتشايكوفسكى ورحمانينوف، وترجمت روايات نجيب محفوظ ويوسف السباعى وطه حسين لمعظم اللغات، ومشى الناس فى الشارع يغنون القصائد لأم كلثوم فارتقى الذوق العام وتهذبت الأخلاق، فنتج عن هذا جيل الستينيات وكان آخر جيل العظماء..أما الآن، فنحن نحشو أدمغة أبنائنا فلا نعطيهم فرصة البحث والتنقيب.. لهذا أتساءل: كيف نشكو من أن أبناءنا مدمنون للجلوس على الإنترنت ونتجاهل توظيف تلك العادة فى الاتجاه الصحيح الذى تفعله كل بلاد الدنيا؟.. طالما همَ كده كده قاعدين بالساعات على الإنترنت فلماذا لا يكون للبحث عن محتوى المنهج الدراسى المطلوب منهم؟.. إن فرحتهم بتشكيل الموضوعات الدراسية بأيديهم ستجعلهم يستهيفون جلوسهم على الإنترنت للتوافه، وسيتعودون إعمال عقلهم فى كل ما يتعرضون له، وبالتالى سيكتسبون مهارة فلترة ما يجدونه على وسائل التواصل.. الإبقاء على الكتاب المدرسى هو مؤامرة على عقول أبنائنا؛ لذلك لا تجد خبير تعليم أجنبيا ينصحنا بإلغائه فهم يريدوننا هكذا.. يبقى الآن السؤال الأهم: هل حكومتنا تمتلك شجاعة ريتشارد قلب الأسد فتلغى الكتاب المدرسى، أم أنها عاشور قلب الأسد؟

نقلا عن المصري اليوم
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع