الأقباط متحدون | هل الاضطهاد عنصر مكمل للإيمان المسيحى؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:٠٩ | الاثنين ١٥ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٥ | العدد ٣٣٢٢ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

هل الاضطهاد عنصر مكمل للإيمان المسيحى؟

الاثنين ١٥ سبتمبر ٢٠١٤ - ٢٣: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى
 تركت القرون من الاضطهاد، منذ تأسيس المسيحية، بصماتها على تفكير المسيحيين ازاء نظرتهم للاضطهاد.  كان المسيحيون يتصارعون مع اسئلة تحيرنا مثل: هل الاضطهاد شر لابد منه؟ هل هو رد فعل طبيعى لكراهية الاشرار للايمان المسيحى؟ أم هل هو جزء من العقيدة المسيحية لا يكتمل الايمان المسيحى بدونه؟
    من المعروف ان الاضطهاد كان ملازما لأتباع السيد المسيح منذ البداية.  لقد تعرض المسيحيون وخاصة فى الكنيسة الشرقية لهجمات شرسة بدأت بالاضطهاد الرومانى حيث كان يقدم المسيحيون للوحوش الضارية التى كانت تفتك بهم بينما يتمتع المشاهدون بهذا العرض كمن يشاهد مبارة رياضية.  وقيل ان المسيحيين كانوا يعاقبون احيانا بوضعهم فى براميل الزيت المغلى، واحيانا كانوا يحرقون اجسادهم لاستعمالها كوقود لانارة الشوارع.
    ولكن بعد الثلاثة قرون الأولى تم الاعتراف بالمسيحية كدين الدولة الرسمى بواسطة الامبراطور الرومانى قسطنطين فى سنة 313 ميلادية.  بعدها توقف الاضطهاد فترة فيما عدا بعض الاعتداءات الفردية المحلية التى تمت على ايدى حكام الأقاليم.  ولم يبدأ الاضطهاد مرة اخرى الا بعد الغزو الاسلامى للبلاد المسيحية بعد نحو ثلاثة قرون فى القرن السابع الميلادى.

 فى البداية حد الغزاة الاسلاميين من قسوة الاضطهاد الواقع على المسيحيين ولكنهم ما لبثوا ان ابتدعوا قائمة جديدة من الاضطهاد الخاصة بهم.  تركّز الاضطهاد الاسلامى اساسا على ابتزاز سكان البلاد من ثرواتهم بتحصيل الضرائب الباهظة مثل الخراج والجزية التى كانت تصل احيانا الى نصف ثرواتهم ودخولهم.  هذا كان الثمن الذى فرض عليهم نظير ابقائهم على دينهم.  وهذا بالاضافة الى اتباع اساليب التضييق عليهم لاجبارهم على دخول الاسلام، ثم محاولة محو تاريخهم والغاء حضارتهم والقضاء على لغتهم.

هذه الأساليب لم تتغير الى يومنا هذا خاصة من قبل التيار الاسلامى الاصولى المتشدد، وان كانت قد ظهرت عينات من المسلميين المستنيرين الذين يرفضون هذه الأساليب وينادون باسلام انسانى متطور. ولكن صوت الاعتدال ما يزال خافتا امام صوت التشدد.
وفى هذه الاثناء ظهرت الشيوعية وانتشرت، ثم انحسرت، مستندة الى الالحاد والعداء للاديان على اعتبار انها، حسب مقولتهم الشهيرة، "افيون الشعوب".  وقد قام هذا التيار ايضا بدوره فى اضطهاد اتباع الديانات ومن ضمنهم المسيحيين.

كان رد فعل المسيحيين ازاء الاضطهاد هو محاولة فهم هذه الظاهرة كجزء من محاولة التعايش معها.  وقد وجد بعض المسيحيين ان الحل الأسهل أمامهم هو افتراض ان هذه هى ارادة الله التى لا يمكنهم الهروب منها.  أما البعض الآخر فتمادى الى افتراض ان الاضطهاد جزء من الايمان المسيحى لا تكتمل العقيدة المسيحية بدونه.  ولاثبات هذا المفهوم لجأوا لبعض النصوص التى ظنوا انها تؤيد هذا المفهوم فى محاولة لاقناع انفسهم ان الاضطهاد هو الطريق لارضاء الله.
 . وهذه أمثلة لبعض هذه المفاهيم والرد عليها:

هل طاعة الحاكم فوق طاعة الله؟
يبنى هذا الفكر على النص "لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الله، والسلاطين الكائنة هى مرتبة من الله، حتى أن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة" (رومية 13: 1 و 2).

المقصود من هذا النص أن نسلك كمواطنين صالحين، نطيع الحاكم ونحترم القانون طالما كان القانون عادلاً ولا يتعارض مع الناموس الإلهى، أما إذا تعارض فنحن غير مطالبين بإطاعة الحاكم بل بعصيانه. وقد رأينا كيف أن الرسل فى سفر الأعمال قد رفضوا ما وجه لهم من أوامر عندما طولبوا بالتوقف عن المناداة باسم المسيح، وقالوا "ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس" (أعمال 29:5 (.

هل كلما ابتزت اموال المسيحيين يجب ان لا يعترضوا بل يفرحوا؟
 وهذا طبقا للنص "لأنكم قبلتم سلب أموالكم بفرح عالمين فى أنفسكم أن لكم مالاً أفضل فى السموات وباقياً" (عبرانيين 34:10).
هذا النص ليس معناه أن المسيحيين يجب أن يفرحوا بسبب أن أموالهم قد سُلبت. فى تلك الفترة كان المسيحيون مضطهدين وكان كثيرون منهم فى السجون.  ونتيجة ذلك قبل المسيحيون عن طيب خاطر ان يباع  أثاث منازلهم باثمان بخسة للتعضيد المالى لمن هم فى السجون حتى لا يتعرضوا للجوع او الموت. ولكن بالتأكيد ان مفهوم سلب الأموال لا ينبغى أن ينظر إليه على أنه شئ محبب.  وفى الحالات التى كان فى استطاعة المسيحيين منع أموالهم من السلب كانوا يفعلون.

هل الاهانة من اجل المسيح هدفا يجب ان نسعى له؟
 وهذا استنادا للنص "وأما هم (الرسل) فذهبوا فرحين من أمام المجمع، لأنهم حُسبوا مستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه" (أعمال 41:5)
  لا شك أن الإهانة من أجل المسيح شرف يُستحق أن نفرح من أجله.  ولكن الإهانة هنا قد فرضت على الرسل ولم يسعوا هم إليها، ولو كان فى استطاعتهم أن يتفادوها لفعلوا كما نقرأ فى أماكن كثيرة فى سفر الأعمال.

هل يجب ان نخطط ونسعى لنتألم من أجل المسيح؟
وهذ بناء على النص "فاذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد تسلحوا انتم ايضا بهذه النية" ابطرس 4: 1
هذا النص معناه ان يكون لدينا الاستعداد دائما ان نتألم من اجل المسيح اذا لزم الأمر كما تألم هو لأجلنا، وليس معناه ان نخطط لنتألم او نسعى للحصول على الألم.
 
هل الضيقات تأشيرة الدخول لملكوت الله؟
وهذا يبنى على النص "بضيقات كثيرة ينبغى أن ندخل ملكوت الله" (أعمال 22:14 )
 هذا النص معناه أنه فى رحلة جهادنا الروحى لابد أن نمر بضيقات كثيرة.  ليس معنى هذا النص أن الضيقات هى تذكرة الدخول لملكوت الله.  إن دم المسيح وحده هو الذى اشترى لنا حق الدخول للملكوت.  مرورنا فى الضيقات لا يؤهلنا للذهاب للسماء وعدم مرورنا فى الضيقات لا يحرمنا منه.
من المفارقات ان نرى هنا تشابها (مع الفارق) بين فكر المتطرفين الاسلاميين وفكر بعض المسيحيين، فكلاهما يلتقيان فى الاعتقاد بحتمية اضطهاد المسيحيين.  ففى الوقت الذى نرى المتطرفين الاسلاميين ينادون ان اضطهاد المسلم للمسيحى هو طريقهم للجنة، نجد بعض المسيحيين يتبنون فكر ان تعرض المسيحيين للاضطهاد هو طريقهم لملكوت الله.  ولكن الحقيقة التى لا شك فيها ان الاضطهاد هو شهادة على شر هذا العالم وليس دليلا على انه مشيئة الله من ناحيتنا.

Mounir.bishay@sbcglobal.net

هذا المقال عن كتاب "كيف نواجه الاضطهاد" للكاتب. وقد صدر حديثا فى الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة.  للحصول على الكتاب راسلوا الكاتب على عنوانه الالكترونى.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :