بقلم: منير بشاى
للإسلام شقين احدهما دينى والآخر سياسى. هذا المقال ليس عن الشق الدينى أوعن المسلمين الذين يريدوا ان يعبدوا الله ويعيشوا فى سلام ويتركوا غيرهم يعيشون. ملايين المسلمين يعيشون فى الولايات المتحدة والدول الغربية وهم مواطنون منتجون وملتزمون بقوانين البلاد. المقال عن فصيل متطرف من المسلمين هم جماعة الاسلام السياسى الذين يعتبرون انفسهم المسلمون الحقيقيون ويكفرون كل ما عاداهم. ناهيك ان كثير من المسلمين لا يقبلوا ذلك الفصيل، وهم غالبا اول ضحاياه.
الاسلام السياسى يجب فصله عن الاسلام كدين. عندما قامت الحرب التى استمرت نحو 30 عاما بين الحكومة البريطانية البروتستانتية وجيش التحرير فى شمال ايرلندا، فان هذا القرار لم يزعج احدا. لم يأخذ احد من الطوائف المسيحية القرار على انه حرب دينية ضد الطائفة الكاثوليكية. نفس هذا المفهوم يجب ان يطبق على الاسلام وهو فصل عنصرالدين عن جماعة الاسلام السياسى. ومقاومة جماعات الاسلام السياسى يجب ان لا يؤخذ على انه حرب ضد الاسلام.
الاسلام السياسى يزداد سطوة يوما بعد يوم. الأخبار من آسيا تقول ان ايمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة اعلن مؤخرا عن تكوين منظمة هدفها حفز المسلمين فى جنوب آسيا على ازالة الحدود التى صنعها الانجليز لتقسيم دول المنطقة، بهدف اضعافها، حسب قوله. ولذلك فهدف التنظيم الجديد هو دعوة تلك الدول للجهاد ضد الغرب. وفى الشرق الأوسط نجد منظمة منشقة من القاعدة وهى داعش تنشر نفوذها فى المنطقة للتخلص من الوجود المسيحى فى المنطقة، وايضا التخلص من الفصائل الاسلامية التى لا تتبع نفس توجهاتهم. وفى اجزاء كثيرة من العالم قامت منظمات ارهابية مثل بوكو حرام فى نيجيريا بارهاب المسيحيين بخطف بناتهم لأسلمتهن او بيعهن فى سوق النخاسة. واصبحت هذه المنظمات تهدد الغرب بعد ان امتدت عملياتهم الارهابية لمواطنين غربيين عندما قاموا بذبح الصحفيين الأمريكيين جيمس فولى وستيفن سوتلوف. وهكذا وجد الغرب نفسه طرفا فى المشكلة سواء اراد او لم يرد. هذا بينما ساعدت المجتمعات الغربية المفتوحة على تغلغل الارهابيين فيها ليصبحوا خلايا نائمة فى انتظار الهجوم على المجتمع فى الوقت المناسب.
الحقيقة المؤكدة ان الاسلام السياسى يتحرك. والتهديد الناتج عن ذلك للانسانية اصبح اخطر مما رأيناه فى أى وقت مضى. وخطورة الموقف تؤكد ضرورة التفكير فى استراتيجية، وتبنى خطة عمل، للتعامل مع الموقف باقصى السرعة. الانتظار حتى يحين الوقت الأكثر مواتية يمكن ان يضع العالم الحر فى وضع يجعل التنفيذ اكثر صعوبة.
فى صميم الموضوع خاصية تخلط بين الدين ومبادىء سياسية رجعية تعود الى القرن السابع الميلادى. وفيما يلى بعض عناصر ذلك الاتجاه السياسى الذى يطلق عليه اسم الاسلام السياسى:
• الاسلام دين ودولة. لا فصل بين السلطات فى الدولة كما تنادى المبادىء الحديثة فى الحكم.
• هدف هذا التيار هو تغيير قوانين الدول التى يعيشون فيها لتتبع مبادىء الشريعة الاسلامية ضد رغبة هذه الدول واحيانا ضد رغبة غيرهم من المسلمين.
• ولاء هؤلاء هو للامة الاسلامية وليس للاوطان التى يعيشون فيها. ازدواجية الولاء للوطن هو سمة مميزة لهم.
• الغاية العظمى لهم هو انشاء دولة الخلافة عن طريق هزيمة كل دول العالم بما فيها الدول التى يعيشون فيها واخضاعها لهيمنة الدولة الاسلامية المزعومة.
من الواضح ان ايدلوجية الاسلام السياسى لا تتماشى مع ايدلوجية العالم الحر. وكنتيجة لذلك التصادم بين حضارتين لا يمكن التوفيق بينهما واحدة تتبنى اسلوب العنف والاخرى تخضع لمبادىء الديمقراطية. وقد انتظرالعالم طويلا ان يقوم المسلمون بتطوير دينهم كما حدث لغيره من الاديان لتفادى هذا التصادم. وفعلا كانت هناك محاولات لتطوير الاسلام من بعض المفكرين الاسلاميين ولكن مجهوداتهم باءت بالفشل ومن قاموا بها اما قتلوا او اخرست السنتهم.
بديهى انه لا يستطيع احد تطوير الاسلام للمسلمين فهى عقيدتهم وهم وحدهم المعنيون بها. ولكن العالم له مصلحة فى ان يرى تغييرا ايجابيا للاسلام يستطيع به التعايش السلمى معه.
الاسلام كدين لا شأن لأحد به. ما يعنينا هو العنصر السياسى الذى ينسبه دعاة الاسلام السياسى للاسلام. هذا الفكر السياسى هو اخطر على العالم من النازية والشيوعية. فاذا كانت النازية والشيوعية قد تم حظرهما فى دول العالم الحر فبالاحرى يجب حظر الاسلام السياسى.
ولذلك فانا اوجه هنا النداء لدول العالم الحر لحظر الاسلام السياسى. اى انسان يتبنى هذه الافكار الخطيرة لا يجب السماح له بالحصول على جنسية البلاد. ازدواجية الولاء يجب ان تمنع صاحبها من الالتحاق بجيوش تلك البلاد. وهناك امثلة كثيرة لخطورة هذه الازدواجية أدت الى قيام عناصر اسلامية متطرفة فى الجيش الامريكى بتصويب السلاح ضد زملائهم فى الجيش الأمريكى. من هؤلاء الرائد طبيب نفسى نضال مالك حسن الذى قتل 13 من اعلى الرتب وجرح 31 آخرين فى سنة 2009. وفى سنة 2003 قام الجندى حسن اكبر بقتل اثنين من زملائه وجرح 14.
طبعا من الخطأ التعميم، فهناك آلاف من المسلمين الأمريكيين الذين يخدمون فى الجيش الأمريكى بدون مشكلة. وعلى سبيل المثال 3500 مسلم كانوا ضمن الجيش الامريكى فى العراق وافغانستان. وفى احصائية عملت سنة 2006 وجد ان 212 منهم اعطيت لهم انواط تقديرية لحسن ادائهم. وسبعة من هؤلاء ضحوا بحياتهم فى هذه الحرب.
ومع ذلك يجب الاعتراف انه بعد 11 سبتمبر 2011 وبعد قيام الولايات المتحدة بالحرب ضد دولتين اسلاميتين وهما العراق وافغانستان فان دور المحاربين الامريكيين من اصل مسلم اصبح محرجا. وقد حاول المفكرون المسلمون فى الولايات المتحدة حل هذه الاشكالية فقالوا انه يجوز للمسلم ان يحارب مع بلده امريكا وضد الدول الاسلامية ولكن فى حالة مطابقة الحرب لمواصفات "الحرب العادلة" طبقا للمبادىء الاسلامية. هذا الرأى الفضفاض هو فى الواقع يمنع المسلم من الحرب ضد اخيه المسلم طبقا للمبدأ الاسلامى "انصر أخاك ظالما او مظلوما".
خلاصة القول ان الاسلام السياسى يجب ان يعزل عن العقيدة الاسلامية. وهذا ليس فقط لأنه يتناقض مع مبادىء وقيم العالم الحر، ولكن لان الاسلام السياسى مثل السرطان الذى ينتشر فى كل اتجاه ويجب بتره.
"احظروا الاسلام السياسى" هى صرختى لدول العالم الحر، وكلما اسرعتم فى هذا كان افضل. ولكن ان فشلتم فى اتخاذ هذه الخطوة الآن فمن المحتمل انكم ستجبروا على اتخاذها فيما بعد. ولكن الثمن سيكون باهظا.
Mounir.bishay@sbcglobal.net