بقلم - يوسف سيدهم
في قراءة لما حملته الأنباء الفترة الماضية حول ردود الأفعال العالمية إزاء جرائم تنظيم داعش:
*…تلقي النظام السوري من الأمريكيين معلومات عن مواقع داعش داخل الأراضي السورية,لاسيما في المناطق المتاخمة للحدود السورية العراقية في الرقة ودير الزور وحلب,وصرحت مصادر أمنية سورية أن أمريكا وسوريا بدأتا تعاونا ثنائيا في مجال مكافحة الإرهاب شمل معلومات عن تحركات وتجمعات داعش مما سمح للطيران السوري بشن أكثر من120 غارة علي مواقعها في يوم واحد…
*تعهد الرئيس الأمريكي أوباما بانتهاج استراتيجية بعيدة الأمد لمكافحة تنظيم داعش الذي سيطر علي مناطق واسعة في العراق وسوريا,معلنا أن الضربات الجوية الأمريكية ساعدت القوات الكردية والعراقية علي استعادة سد الموصل من أيدي الإرهابيين ومؤكدا أنه لدي تشكيل حكومة عراقية وعودة الاستقرار السياسي إلي العراق ستكون مختلف دول الشرق الأوسط والعالم أكثر استعدادا لتقديم المساعدة نحو مواجهة خطر أولئك التكفيريين…
*حالة من الصدمة والذعر انتابت الأوساط السياسية الغربية بعد نشر فيديو يصور جريمة ذبح إرهابيي داعش للصحفي الأمريكي جيمس فولي…وحذر الرئيس أوباما من أن هذا التنظيم الإرهابي لابد من القضاء عليه وشدد علي أنه عندما يتم استهداف الأمريكيين تعمل أمريكا كل ما في وسعها لإحقاق العدالة..
*قطع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عطلته ليرأس سلسلة اجتماعات طارئة للنظر في الخطوات الواجب اتخاذها لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي بعد ذبح الصحفي الأمريكي,كما دعا فرانسوا أولاند الرئيس الفرنسي لعقد مؤتمر دولي بشأن الأمن في العراق معتبرا أن التهديد الذي يفرضه تنظيم داعش يفوق ما كان يشكله تنظيم القاعدة عام2001.
*حذرتشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكي من أن تنظيم داعش بات يشكل تهديدا يتجاوز كل المجموعات الإرهابية في ظل تكهنات بقرب توجيه واشنطن ضربات عسكرية للقضاء علي هذا التنظيم…وقال إن مقتل الصحفي الأمريكي يشكل نموذجا جديدا للجرائم البربرية عديمة الشفقة للتنظيم…مشيرا إلي أنه لا يمكن تحقيق نصر كاسح عليه عبر الضربات الجوية وحدها لكن الولايات المتحدة تدرس كيفية دعم دول المنطقة من أجل مواجهة التنظيم والقضاء عليه…
كتبت قبل أسابيع عن تنظيم داعش الإرهابي متسائلا عن سر سكوت دول العالم الغربي علي ما حاق بمسيحيي العراق-خاصة في الموصل-علي يد هذا التنظيم
وتلكؤ أمريكا ودول المجموعة الأوروبية في التدخل عسكريا لإيقافه ووضع حد لاستهدافه المسيحيين وتنكيله بهم وطردهم من أراضيهم واستباحة أعراضهم وممتلكاتهم ومساومتهم علي حياتهم مقابل إشهار إسلامهم…وقمت وقتها بالتذكير
بما حدث في بداية تسعينيات القرن الماضي في يوجوسلافيا-المنفرط عقدها بعد رحيل تيتو-من استهداف الصرب والكروات لمسلمي البوسنة والهرسك الأمر الذي ارتقي إلي التطهير العرقي واستنفر تدخل أمريكا ودول حلف شمال الأطلنطي لإيقافه وإنقاذ المسلمين…ولم أخف أسفي وإدانتي لوقوف دول العالم متفرجة علي ما يحيق بمسيحيي العراق خاصة في ظل اكتفاء دول الجامعة العربية بأداء دورها المعهود:الظاهرة الصوتية واكتفاء الأمم المتحدة بأداء دورها المعهودالماء-لا لون ولا طعم ولا رائحة!!!
الآن أري تحولا خطيرا في الأحداث يشير إلي قرب ساعة القضاء علي داعش والخلاص لمسيحيي العراق وسوريا- وربما يمتد إلي تقويض الإرهاب والصراع المستعر في ليبيا- هذا التحول فجرته جريمة ذبح الصحفي الأمريكي,وإذا جاز التشبيه مع الفارق,يعيد ذلك إلي الذاكرة ماحدث في الحرب العالمية الثانية إثر قيام اليابان بضرب الأسطول الأمريكي فيبيرل هاربور مما جر أمريكا إلي التخلي عن حيادها ودخول الحرب في صف الحلفاء وكان إيذانا بدحر ألمانية النازية وحليفتيها اليابان وإيطاليا…فهل نري ساعة الخلاص من داعش قد اقتربت؟…
وهل تتحرك الآلة العسكرية الغربية وحدها لأداء المهمة؟…فها هي الولايات المتحدة تعلن الحرب رسميا علي داعش بعد أن اعتبرت أن ذبح الصحفي فولي بتلك الطريقة الوحشية يمثل عملا إرهابيا موجها ضدها,لكن إذا أخذنا في الاعتبار ما صرح به وزير الدفاع الأمريكي نقلا عن أن المهمة ليست يسيرة بالنظر إلي التسليح الثقيل لداعش وانتشار قواتها علي الأرض والتمويل الضخم الذي تحصل عليه-هذا التمويل الذي ستكشف الأيام القادمة مصدره الشيطاني -فإنني أتذكر أيضا كيف احتشت الجيوش العربية عام1991 وعلي رأسها القوات المصرية والسعودية وغيرها لإزاحة قوات صدام عن اجتياحها للكويت,وكان ذلك نموذجا يحتذي لتعاون دول المنطقة العربية مع القوات الأمريكية في دحر غرور وصلف وعدوان صدام حسين.
أتمني أن تحمل الأيام المقبلة سيناريوهات شبيهة بتحرير الكويت,فصحيح أن ذبح الصحفي الأمريكي أيقظ المارد الأمريكي,لكن الأكرم للدول العربية أن تتخلي عن عجزها-وميكروفوناتها-وتشارك في تطيهر نفسها مما يحيق بها.