جسد ضعيف، نهشه المرض من ناحية، وفتّته الفقر والعوز من ناحية أخرى. مرات عديدة حاول التخلص من آلامه بإجراء عملية جراحية قد تعيد إليه الأمل فى الحياة، لكن دون جدوى. وقضى صباحاته «كعب داير» بين المستشفيات ومعامل التحاليل، لعله يجد فى أحدها بصيص أمل، إلا أن التكلفة العالية كانت تسد الأبواب كلها أمامه. بعد أن فقد الأمل، فكر فى أن يلجأ لوزير الصحة، يشرح له ظروفه، قد يساعده ويجرى العملية على نفقة الدولة. فشل كثيراً فى مقابلته، وظل يطوف وراءه آملاً فى لقاء قد يمنحه قبلة الحياة. وبمجرد معرفته أن الدكتور عادل العدوى، وزير الصحة، بصحبة الدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة، يفتتحان المبنى الطبى الجديد بمستشفى هيئة النقل العام أمس، الذى يضم وحدة غسيل كلوى حديثة تحتوى على أحدث أجهزة الغسيل المتطورة بقوة تشغيل 16 جهازاً تبرعت بها «مصر الخير» بتكلفة 740 ألف جنيه، حتى انطلق إلى هناك، عله ينول المنى وتنتهى معاناته.

«أنا عايز اشوفه، لو سمحت.. لو سمحت، أنا عايز أعمل العملية»، كررها المواطن البسيط فى وجل، وهو يصرخ وسط الحشد المصاحب للوزير ومرافقيه، لكن لا صوت يعلو فوق صوت الافتتاح. انتابت الرجل الخمسينى غضبة شديدة من التجاهل المرير، طالباً ممن حوله السماح له بالحديث مع «العدوى»، إلا أن «بودى جارد» الوزير وأمن المستشفى تمكنا من إبعاده. وفيما انهمك «العدوى» فى شرح الجهود الحكومية المبذولة لمحاربة تفشى مرض الفشل الكلوى، وتشغيل وحدة الغسيل الكلوى بمستشفى هيئة النقل العام، وتقديم خدماتها للمرضى بصورة آمنة بعيداً عن العدوى، وبمؤشرات جودة عالية تضمن للمريض سلامة فى آلية العمل، خرج الرجل المريض وحيداً إلى الشارع ينتظر فرصة قد لا تأتى.