الأقباط متحدون - وقت مجابهة داعش التي في داخلنا الآن - إلهام المانع
أخر تحديث ٠١:٢٥ | الثلاثاء ١٩ اغسطس ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ١٣ | العدد ٣٢٩٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

وقت مجابهة داعش التي في داخلنا الآن - إلهام المانع

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"كلنا داعش".

عبارة صادمة؟

بل هي عنوان لمقال كتبه وزير الإعلام الكويتي السابق سعد بن طفلة العجمي في مقال نشرته صحيفة الشرق القطرية يوم السابع من اغسطس الجاري.
لم يكن يحتفي بداعش، ولا بالفظائع والمجازر التي ترتكبها ضد المدنيين والمدنيات أو الأقليات الدينية في سوريا والعراق.
كان يذكرنا فقط بأن داعش، رغم أنها تجابه بالتنديد من أغلبية المسلمين والمسلمات، هي نتاج لخطاب ديني إسلامي سيطر على الساحة العامة في العقود الماضية ـ خطاب اصبح عادياً ومألوفاً.

داعش “لم تأت من كوكب آخر، ولا هي خريجة مدارس الغرب الكافر أو الشرق الغرابر. قالها الكاتب بمرارة.
لا.
"الحقيقة التي لانستطيع نكرانها، أن داعش تعلمت في مدارسنا وصلت في مساجدنا، واستمعت لإعلامنا، وتسمرت أمام فضائياتنا، وانصتت لمنابرنا، ونهلت من كتبنا، واصغت لمراجعنا، …، واتبعوا فتاوى من لدنا".

وهو على حق.

سيكون من السهل ان نصر أن داعش لاتمثل التعاليم الصحيحة للإسلام. سيكون من السهل جدا فعل ذلك.
ونعم.
أنا على قناعة ان الإسلام هو ما نفعله نحن، البشر، به.
اي دين يمكن أن يكون رسالة حب أو سيف كراهية إعتمادا على من يؤمنون وتؤمّن به.
رغم ذلك، فإن من الصعب إنكار أن افعال داعش تم الترويج لها وتعميمها ايدولوجيا منذ وقت طويل.
كيف؟
في المساجد التي تلعن المسيحيين-الصليبيين واليهود والكفار في كل صلاة جمعة.
من خلال مشائخ يطلون علينا كل يوم من شاشات الفضائيات، يبثون رسالة مسمومة بالكراهية والتعصب ورفض الآخر، ايا كان هذا الآخر.
في المدارس التي تعلمنا ان عقوبة من يترك دين الإسلام ويتحول لدين آخر هي القتل. وأن المسيحيين واليهود هم “فئة محمية”، عليها ان تدفع جزية كي نتركها في حالها، او ستُجابه خيار الحرب.
مصير ما يحدث للمنتمين للأديان الأخرى يظل مسكوتاً عنه، لكننا نستطيع أن نقرأه بين السطور.
في هذه المدارس لم نسمع يوماً أن من حق المواطن والمواطنة أختيار الدين الذي يريدانه.
في هذه المدارس لم نسمع يوماً أن المواطنة متساوية بغض النظر عن الدين او الإعتقاد، وطبعا بغض النظر عن الجنس.

داعش هي نتاج لخطابنا الديني ـ خطاب اصبح عادياً مألوفاً.
لاننكره.

هي نتاج لعملية سياسية. بدأت مع صعود فكر الإسلام السياسي والترويج له منذ السبعينات بأموال نفط خليجي و نجاح الثورة الإيرانية.

هي نتاج لإستراتيجية سياسية. النخبة السياسية تستغل ظاهرة الإسلام السياسي، تدعم بعض الجماعات الإسلامية في مواجهة اخرى، وتعقد معها تحالفات سياسية. والهدف سياسي: كي تضفي غطاءاً دينياً شرعياً على حكمها وتنزعه عن من ينافسها.

والتحالف الميكيافيلي له ثمن. في مقابل دعمهم، تسمح النخبة السياسية للجماعات الإسلامية بالسيطرة على الخطاب الديني برسالتهم المسمومة بالكراهية والإقصاء والتعصب - ومعها تحولت المساجد والإعلام والمدارس إلى ملاعب تسيطر عليها هذه الجماعات دون منافس.

داعش هي نتاج لفشل سياسي. فشل الدول في الوفاء بجانبها من العقد الإجتماعي. فشلها في توفير الخدمات الصحية والتعليمية والإجتماعية الأساسية لمواطنيها ومواطناتها. والفراغ الذي يتركُه فشلها تملئه الجماعات الإسلامية، بأموالها النفطية ـ توفر للمحتاجين والمحتاجات تلك الخدمات مغلفة بعبوة ايديولوجية دينية.

سيكون من السهل أن نصر على أن داعش هي نتاج لمؤامرة اجنبية.
لكننا حتى ونحن ندفن رؤوسنا في الرمال، لن نستطيع ان نختبئ من حقيقة أننا بالفعل من صنع داعش.
نحن من صنع داعش.
نحن من روج لها وعمم ايديولوجيتها منذ عقود.
والغريب أننا فزعنا عندما أستيقظنا يوماً ووجدنا داعش تطبق ما روجنا له حرفياً. من نخدع هنا؟

سيكون علينا أن نتحمل مسؤوليتنا. لأننا إذا لم نفعل ذلك، سنواصل خطابنا كالمعتاد، كما هو دون تغيير:
ستستمر المساجد في لعن اليهود والمسيحيين والكفار في كل صلاة جمعة.
سيستمر الشيوخ في تحيتنا بخطابهم المتعصب الكاره للآخر.
وستستمر مدارسنا في تعليمنا أن الدين هو المحدد للهوية والمواطنة.

تمنيت عليك وعليكي أن تتوقفا لحظة، وتفكرا: كم عدد النساء والفتيات والطفلات التي تم قهرهن بإسم ديننا؟ كم عدد المسيحيين والأحمديين من الباكستانيين الذين تم إستهدافهم في الآونة الأخيرة؟
كم عدد الكنائس التي تم مهاجمتها في إندونيسيا ونيجيريا؟
كم عدد المصريين والمصريات من الأقباط الذين طردوا من قراهم؟ وحرقت بيوتهم ومحلاتهم؟
كم عدد السنة الذي يقتلون الشيعة؟ وكم عدد الشيعة الذين يقتلون السنة؟
كم عدد البهائيين الذي يتعرضون لقمع شرس في إيران؟
وكم عدد البريطانيين الذي لحقوا بداعش في سوريا والعراق؟
كم عددهم؟

سيكون من السهل ان نشيح بوجوهنا بعيداً.
سيكون من السهل جداً فعل ذلك.
لكننا إذا إستمرينا في لوم “الآخر”، واصرينا على صمتنا وعدم الفعل، سنكون نحن، نحن لاغيرنا، من يسمح لديننا بأن يختطفه هذا التفسير المتطرف للإسلام.
ونسميه خطاباً “وسطياً معتدل”؟

داعش هي فينا.
داعش هي فينا.
ووقت مواجهة داعش التي فينا هو الآن.

نقلا عن justze.com


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع