الأقباط متحدون - مريم العذراء أم العبد المتألم
أخر تحديث ١٣:٠٤ | السبت ١٦ اغسطس ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ١٠ | العدد ٣٢٩٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مريم العذراء أم العبد المتألم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 القمص اثناسيوس جورج
منذ ولادتها ولدت لأبوين عاقرين هما يواقيم البار وحنة ،وكانا قد نذرا مولودهما للهيكل ،قبل الولادة وربما كانا يتمنيا ولدا ذكرا ليحمل اسم الأب كعادة اهل الشرق ،لكنها قدمت انثي ولكونهما نذراها ،فقد سكنت الهيكل ليكون بيتها الاول والوحيد مع النذيرين ،وعندما كبرت وبلغت التغيرات الفسيولوجية تبدو عليها ،وقعت القرعة علي يوسف الشيخ البار ليأخذها إلي بيته

خاصة بعد انتقال والديها المتقدمين في السن عند بلوغها السادسة من عمرها.
ومنذ ذلك الحين والي أن أتتها البشارة بالحبل الإلهي وعلاماتها ،التي تلازمت مع الشك والريبة بألأمها النفسية والجسدية ،حيث راحت مريم الفقيرة النذيرة تتحمل الأم أمومتها الإلهية ،ولم تلد ابنها في بيت الناصرة كسائر الأمهات اللائي يستعدن لولادة أولادهن ،لكنها تكبدت مشاق السفر المضني من الناصرة إلي بيت لحم لتكتب المولود في اكتتاب الإحصاء العام ،ولكي يظهر المسيح في مكان مجد يهوه

وفي بيت أبيه ونسبه لذرية داود الملك ،وهناك أتتها الأم المخاض ولم يكن لها موضع سوي مزود المغارة ،التي تحولت إلي سماء ونجوم وتسبيح وسجود وهدايا وملائكة وهتافات علوية بمجد الأعلى وبسلام الأرض وبمسرة الناس ،حيث عظمة العلي حولت الأرض سماء وجعلت المغارة لاتقترب.

لان النور أشرق ومحا الظلام والغني حل عوض الفقر والقحط ،وفي الموضع ولد راعي الحملان الناطقة الذي آتي ليحول بهيميتها إلي إنسانية الخليقة الجديدة . ثم سمع صراخ الرامة ومخاوف مجزرة أطفال بيت لحم وعويل وصوت الأنين ،علي هؤلاء الذين فدوا بشهادة دمهم الطفل المولود،وماتبع ذلك من هروب والآم نفي وتشريد ومشاقات تكبدتها مريم العذراء ،وحتى رجوعها في عودتها وسط الإتعاب ،التي استمرت عند بحثها عن الصبي في الهيكل وحنق الكتبة والفريسين عليه ،إلي يوم القبض والمحاكمة والصلب والتكفين والدفن ثم استضافتها في بيت يوحنا الحبيب ،وسط رحلة الأم ودموع بقدر ماسال من دم جراحاته الشافية المشفية.

 قبلت الآلام وخضعت للناموس وصعدت الي الهيكل لتقدمه الي بيت ابيه وهي عالمة انه ابن العلي وانه هو رب الهيكل وبانيه ،وانه هو كلمة الله ذبيحة العالم كله ،قدمته بأمومتها المسيانية كصعيده الصعائد وكمحرر للعالم من اسر إبليس المنجوس ،لكنها ومع ذلك خضعت للشريعة وفي فقرها قدمت فرخي الحمام، بيقين أن ابنها هو مكمل الناموس ،وهو العلامة الوحيدة الحية للخلاص الفصحى علي الصليب ..قدمته مما له علي كل حال ومن اجل كل حال وفي كل حال.

وهو وحده ملئها وتقدمتها الممكنة والمقبولة أبديًا ،غفرانا للخطايا ونور مجد الأمم وعزاء خلاص الشعوب .،،،،لكنه في الوقت عينه هو العبد المتألم الذي تمجد بالآلام ،وبذل ظهره لسياط الضاربين وخده للناتفين وترك وجهه للبصاق والتعيير ،حتي ان صورته لم تكن لتنظر ولم يكن له بهاء منظر ،مزدري ومرزول وهو رجل أوجاع ومختنر حزن ( اش ) لذلك وبذلك جاز السيف الطويل المخيف romphaia عبر حياتها كلها ،في فقر وشك ومخاض والالام ومطاردة ووجع وعري وجلد وهزئ وشوك ومسامير وصلب ودموع ،حتى المعصرة والجلجثة.

وها لكنيسة علي مثال العذراء مريم تتألم حتى اليوم ،وتسجل كل يوم رحلة صليب العبد المتألم والقائم من الأموات ،في شركة الطريق ،لأنها لاتعرف شيئا الا يسوع المسيح وإياها مصلوبا ،وتتمم في جسدها ( أعضائها ) مانقص كمطابقة المثيل لمثيله ،فيا عذراء يا أم  العبد المتألم اشفعي في المشردين والمنفيين والمنحورين في عالمنا ، لان شفاعتك قوية ومقبولة وقد غيرت الأزمنة في قانا الجليل فغيري الأزمنة ياقوية في الحروب ومعدن الجود والبركات .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter