الأقباط متحدون - راجعين بورسعيد
أخر تحديث ٠٤:٠٤ | الجمعة ١٥ اغسطس ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ٩ | العدد ٣٢٩١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

راجعين بورسعيد

صورة تعبرية
صورة تعبرية
بقلم   شريف عارف
على مدى الأيام الماضية، جمعتنى عدة لقاءات فى مدينتى بورسعيد بعدد من الاصدقاء ونماذج من شباب المدينة. واستمعت إلى رؤى حول مشروع قناة السويس الجديدة، بعضها ممزوج بالإحباط، وأغلبها يكسوه الأمل.
 
هناك ثقة كبيرة لدى غالبية أبناء بورسعيد فيما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى، خاصة فيما يتعلق بمدة إنجاز حفر القناة، وأن القناة الجديدة ستكون ملكاً للمصريين. إلا أن أكثر ما لفت نظرى هو الإصرار «البورسعيدى» على الاكتتاب فى أسهم القناة الجديدة، حتى أن أحدهم– وهو فى العقد الرابع من عمره– قال: «مش مهم أشوفها.. المهم العيال تشوفها».
 
مشاعر «البورسعيدية» مختلفة ومتنوعة، لشعب عانى من ويلات الحروب، ومن قبلها ظلم الاستعمار ونهب ثروات البلاد. فقد كانت مدينتهم مسرحاً وامتداداً طبيعياً للحركة الوطنية الحديثة، منذ ثورة ١٩١٩ عندما نُفى سعد ورفاقه من هذا الميناء، والمقاومة الباسلة لقوى العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦، ومعاناة التهجير لأبناء مدن القناة بعد هزيمة يونيو ١٩٦٧.
 
بقدر الأمل.. مازال الخوف والرهبة يسيطران على مشاعر «البورسعيدية»، الذين يخشون تكرار نفس سيناريو المنطقة الحرة مرة أخرى، عندما انتفع كبار التجار والمهربين بخيرات المشروع، وظل البسطاء من أبناء المدينة يتحسرون على تاريخها الذى قهرته «ثقافة الكرتونة»!
 
الكرة الآن فى ملعب بورسعيد وأبنائها. فهم فى حاجة ماسة إلى تغيير ثقافتهم والعادات السلبية التى خلفتها المنطقة الحرة، من حيث الاعتماد على المكسب السريع وإيراد اليوم الواحد، وفقدان العملية التدريبية وتنمية المهارات.. سلبيات خطيرة أطاحت بأحلام أجيال وأجيال، وأضاعت معها أجمل سنوات العمر.
 
الحل الوحيد ليس الاكتتاب فقط فى مشروع القناة الجديدة، ولكن الاتجاه والتوغل شرقاً وجنوباً.. لابد أن تتحرك المدينة وظهيرها العمرانى نحو الشرق، وأن تتجه عمالتها بين الشرق والجنوب.
 
الحكومة حددت أوائل العام المقبل ٢٠١٥، ليكون موعدا لطرح أولى مراحل قائمة المشروعات المتعلقة بمشروع محور تنمية قناة السويس، بنظام حق الانتفاع وليس التملك. ومن المقرر أن تتضمن المرحلة الأولى تحويل ميناء «شرق بورسعيد» إلى مركز لوجيستى يخدم التجارة العالمية، ويربط بين الشرق والغرب، بما يدر أكثر من ١٥ مليار دولار، عقب اكتمال عمليات التطوير.
 
الصين تتفاوض حاليا على إقامة مشروعات تنموية فى شرق بورسعيد، وفى الظهير المصاحب للميناء، تتعلق بصناعات السيارات والسفن والدراجات البخارية، وبعض المنتجات التكنولوجية الموجهة للتصدير لأوروبا، توفيراً للنفقات والفترة الزمنية لنقل البضائع.
 
هذه المشروعات تتطلب إدراك الحكومة قضايا بورسعيد، فالشعب الذى عانى ويلات الحروب، ووقف أمام دولة «مكتب الإرشاد» وتحدى نظامها لن يقبل أن تضيع حقوقه مرة أخرى.
 
مع انتهاء حرب أكتوبر المجيدة وعودة المهجّرين إلى ديارهم فى بورسعيد، كتب الشاعر البورسعيدى الكبير إبراهيم البانى قصيدة «راجعين بورسعيد».. وكانت تؤديها فرقة شباب المهجر بمدينة رأس البر، فى الفترة من عام ١٩٦٩ حتى عام ١٩٧٣.. يقول مطلعها:
 
فجر الرجوع أهو لاح روح يا دمع العيون
 
واطلع يا نور الصبــاح وافرش ضياك ع الغصون
 
نوّر بلدنا الحبيبـة.. خلى السحابة الكئيبة
 
تبعد عن الشمس وعن ضى القمــــر
 
عشان خلاص راجعين.. راجعين بورسعيـد.
 
sharifaref@yahoo.com
 
نقلا عن المصرى اليوم
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع