الأقباط متحدون - لكل مقام مقال
أخر تحديث ٢١:٣٧ | الاثنين ١١ اغسطس ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ٥ | العدد ٣٢٨٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لكل مقام مقال

إقبال بركة
إقبال بركة

كثر الحديث مؤخراً عن الخطاب الدينى ويطالب البعض بتغييره ولهم كل الحق، والواقع أن خطابنا الثقافى فى أشد الحاجة للمراجعة سواء على المستوى الدينى أو السياسى أو الإعلامى. هناك أخطاء شائعة يتناقلها الجميع ويكون لها مردود خطير، وقد تُرك الحبل على الغارب للكتاب والإعلاميين بدعوى حرية التعبير، وتحولت بعض المقالات إلى ما يشبه الردح والمعايرة والتحريض وإثارة الفتن وشتى أنواع الإساءات التى جدت على قاموسنا الصحفى والإعلامى دون وازع من أخلاق أو ضمير، ودون خشية من عقاب.

رحم الله أيام أن كان رئيس التحرير يراجع كل كلمة تنشر فى الصحيفة التى يرأسها، لأنه كان يتحمل مسؤولية النشر مع، وربما قبل المحرر. وأذكر أن صحفياً كتب فى مجلة «أم الدنيا» التى كنت أرأسها عن روائى شهير وصلت رواياته إلى العالمية أنه بدأ من «الحضيض» ووصل إلى القمة، فاستدعيت الصحفى وسألته أى حضيض يقصد إذا كان يكتب عن روائى تخرج فى كلية الطب وقبلها من مدارس أجنبية، وأعطيته أمثلة على ما يمكن أن يوصف بالحضيض وأمثلة أخرى عديدة.لا أطالب رؤساء التحرير بقراءة كل كلمة تنشر فى الصحف التى يرأسونها (كما كنت أفعل) ولكن التشديد على المحررين فى مراجعة كتاباتهم وعدم التسيب فى التعبير عن مشاعرهم الخاصة. كنت دائماً مع إطلاق واحترام حرية التفكير والتعبير والاعتقاد وكتبت عشرات المقالات دفاعاً عن حق الكاتب المقدس فى التعبير عن آرائه مهما اختلفنا حولها، ولكن الحرية ليست هى الفوضى أو التسيب، وقديما عرف أسلافنا الأدب بأنه «حسن الكلام فيما يقال»، وشددوا على أنه «لكل مقام مقال». إن هبوط الكاتب إلى التعبيرات المسفة والألفاظ الشائنة يشى بعجزه عن اختيار مفردات لائقة قد تكون أقوى تأثيراً وأسرع فى بلوغ الهدف. وقد شاعت فى الآونة الأخيرة كتابة مقالات بالعامية، خاصة إذا ما شاء الكاتب أن يستظرف، وهو أمر فى غاية الخطورة، لأنه يعكس شوفينية لا محل لها، خاصة فى صحف يتابعها باهتمام القراء العرب فى كل الدول العربية. والخطورة تكمن فى أن هذه «الموضة» إذا ما تفشت لدى الكتاب فسوف يكتب كل كاتب بلهجته العامية ونتحول إلى بابل جديدة، بينما العربية الفصحى بزخمها التاريخى وتراثها البليغ كانت وستظل إلى الأبد هى التى تجمعنا وتقارب أفكارنا وتمهد لوحدتنا التى صارت بعيدة المنال.

 نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع