الاثنين ٤ اغسطس ٢٠١٤ -
٣٤:
٠٤ م +02:00 EET
بقلم: مرقس كمال
لم أسع يوما فى تسطير كلماتى لمجرد الكتابة بل عندما تطاردني بصرخاتها كحبيسة بين الضلوع أجدها تخترق كل الحواجز وتخرج رغما عنى عبر قلمي الذي تعتبره باب قفصها المفتوح لتنقلت وتتحرر وترفرف بأجنحتها التي لم تخلق لتكبل وأمام صراخها وإصرارها اجدنى ساعيا لتجسيدها فى جمل آملاً أن تقوى على صياغتها والتعبير عنها .
نعم هي صرخة حرية لإنسان يسعى على الدوام ان يحيا حياة قوامها الحب مؤسسة على أعمدة الإنسانية تلك التي خلق بسمو ليحياها ـ كطبيعة فيه منحت له من نفخة خالق مبدع ـ بلا تكلف أو تزييف او تمسك بفانيات لم تدرج في أبجديات خلقته .
وفى صدام مع واقع معاند ومخالف تكاد تختنق وتكبل في سعيها لمقاومة مفاهيم رسخها البشر وجعلوها ثوابت وقننوها حتى أنهم أزاحوا بها كل أفكار الإنسانية لتصبح الأخيرة استثناء ندر وجودة ليعلو قانون الغابة ويصبح الأقوى والمعمول به .
ولان الإنسان لا يعيش بمفرده بل وسط مجتمع يعيش أكثر أناسه كأشباه البشر نجد حياة كل شخص كأحرف مبعثرة متناثرة على جدران الزمن يتحتم على كل من أراد التعرف عليه ان ينشئ من تلك الأحرف جمل تقوده للمعرفة ولكنها فى أغلب الأحيان لا تعبر عن ذاك الشخص المراد معرفته بل تتراص معا بهوى من جمعها وقرأها فتعبر عن إسقاط قارئها فيعكس به مفاهيمه وأغراضه .
فنرى شخص يقرأه البعض متواضعًا بيما آخرون يرونه متكبراً ،هكذا بين البذل بلا مقابل والأنانية ... وغيرها لنكتشف أن القراءة الصحيحة تتطلب أعين بسيطة لشخص يحمل بين أضلعه قلباً نقياً قلما يوجد .
تلك القراءات المشوهة يتخذ قارئها من ذاته محوراً للحياة ففي كبرياء يعلق كل فشله على الآخرين وعدم قدرته بأن يتسامح أو يحب على غيره وفى ترسيخه الدءوب لتلك المفاهيم تصبح مع مرور الوقت من ثوابته وفى طريقه يسوق العديد من المبررات التي تخدمه بل ويورثها لأجيال لاحقة تتكلم عنها كحقائق لا رجعة ولا ريب فيها، فنجدها قد اكتمل حملها اثر تزاوج قراءات مشوهة مع ذات منتفخة لتنجب انشقاقات وخصومات وسوء ظن وكبرياء وغيرها تبدو كجنين يتغذى ويتربى بسهو وجهالة او عمد ليصبح له السيادة عندما يبلغ رشده فيتمكن من ذاك الإنسان ليصبح كمن زرع شوكاً وحصد هواناً .
فلا عجب عندما نرى أناس يعيشون في بحر العالم كجزر متفرقة مترابطة في الأعماق ترابط لا يكتشفه سوى من له القدرة على الغوص في زمن سحيق كان متسماً بالبساطة وإذ يظهر فى وسطهم صانع السلام عائم بينهم ذهاباً واياباً يبدو لهم كشخص متسماً بالغباء مهدرة كرامتة اذ تحركه حريته من تلك القيود التى رسخوها لترفعه باجنحتها فوق ما هو مادى فيتملك الحب عقله وقلبه وكيانه لنجده منادياً به وساعياً لأعاده صياغته وتأصيله ذاك يقرأ كل الناس بعيونه البسيطة أفضل منه إذ يراهم صورة الله حتى بعد تشويههم لها .. نعم يراهم بعيون خالقهم ذات الرجاء والأمل والحب المتجدد .
ولكن هل مات الحب وتبددت الإنسانية بالطبع لا فكثيرون لا نراهم ولا نشعر بهم يحيون وسطنا وقد يختفون في لحظات ويصبحون ذكرى تحيا لأزمنة طوال هؤلاء يعكفون على زرع بزار الحب في صبر وجلد برجاء وأمل بدموع تصرخ لأعلى لكنها .تنزل لأسفل لتروى تلك البذار ولكنها تنمو وتثمر في ارض جيده ليست في هذا العالم وإنما في مكان بعيد وزمن مختلف أبدي مترسخة بجذور لا تفنى .
هؤلاء فى حياتهم سيتجاهلهم العالم ولكنهم سيحيون وينقذون من موت بحريتهم بينما غيرهم عاشوا موتاً وأماتوا الحياة ودفنوا أنفسهم فيها ظانين إنها بالحق حياة .. نعم هؤلاء المنادون بالحب والحرية، سيحيون وسيحاكمون في حياتهم الأرضية بتهمة التمسك بالحرية مع سبق الإصرار.