الأقباط متحدون - أسباب الاغتصاب فى مصر
أخر تحديث ٠٥:٢٣ | الاثنين ٤ اغسطس ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٢٨ | العدد ٣٢٨٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أسباب الاغتصاب فى مصر

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
بقلم   د. خليل فاضل
من السهل جداً على الإعلاميين أن يسوقوا الأسباب على الشاشات وصفحات الجرائد، وأحياناً ما يستسهِل أيضاً علماء النفس والاجتماع سَوْق الأسباب، لا لشىء إلا لأن الموضوع مُعقد جداً، خاصةً فى مجتمع ذكورى صارخ الذكورة يهمِّش المرأة، يحتقرُها ويتظاهر بمساواتها بالرجل، وهو الذى يضيق بها فى مجالات العمل والمواصلات والحياة، يتحرش بها لفظياً ونفسياً وجسدياً، يستضعفُها. مجتمع متناقض يحمل بين قماشتِه وثناياه كرهاً للمرأة، وتصوراً محدداً لظلمِها وحرمانِها من أبسط حقوقها.
 
من خلال كل هذا نرى الاغتصاب ليس فعلا جنسياً، إنه استعراض قوة فى مجتمع فيه كل الصراعات، التضاد، المتناقضات، سرعة رهيبة فى استخدام التكنولوجيا وتسخيرها للإذلال (الموبايل، التصوير، الذاكرة، الفلاش ميمورى، التوزيع، الإنترنت) مجتمع فيه قبح إنسانى، سرعة، لهفة، غل وقبل أن نناقش موضوع الاغتصاب علينا أن نناقش حقيقة دور المرأة فى البيت فى الشارع فى العمل، دورها كمعيلة، دورها فى التربية، إحساسها العام، كرامتها احترامها، وجودها، زمنها الخاص، وحريتها.
 
إن القماشة الاجتماعية المصرية فيها العديد من الخيوط والألوان، مُركبة ومعقدة ومليئة بالعورات والصراعات والأمور العصيّة على الفهم، وهى فى حالة حركة مستمرة سريعة وشديدة الارتباك، تتضافر مع أمورٍ كالانفتاح التكنولوجى على العالم، مع فقر وانعدام الوعى والبصيرة، تبدَّلت أدوار الرجل والمرأة فى الريف، فى الحَضَر والمدينة، واتخذت أشكالًا جديدة فى العشوائيات. إن تركيبة الإنسان فى العالم الآن تهيئه لأن يكون متساويًا قدر الإمكان، لكن المرأة فى الشرق عموما من شرق آسيا حتى المغرب تتخذ وضعاً قهرياً بائساً، ومن ثم خُلق لنا مجتمع بائس منزعج متحفظ، يجعله أكثر هشاشة، ويجعل المرأة أكثر عرضة للانتهاك، التحرش والاغتصاب، بمعنى أن التقدم العلمى والحضارى لأى مجتمع لابدّ أن يتقدم إنسانياً وأخلاقياً واجتماعياً، وهذا عكس مع ما يحدث فى مصر فى العشر سنوات الماضية.
 
المجتمع المصرى مجتمع يقوده الحدث، كل أفعاله ردود فعل، لا يتحرك أى تحرك إيجابى، لا يقوم بترسيخ نظم وأسس، لا يؤثث أركانا، لا يبنى دفاعات، لا يقيم منهجا تسير عليه الأمة، يقضى جلَّ عمره فى الدفاع عن نفسه، فى تصحيح أخطائه، فى إصلاح مسارِه.
 
نحن نعاصر انتقالًا سريعًا للخلف، نتدهور وننهار، نحاول التماسك، فتكون الخسارة مضاعفة، مزيد من الدم والانشقاق والندم والحزن والاكتئاب، من خلال كل الشقوق والحفر والانحدارات. يقف الرجال والنساء متربصين منهكين مرهقين بعضهم يبلع (البرشام) (يسُّفُه) يعتدى جنسيًّا وبسلاحِه الأبيض، يمتص عرق امرأته، يستولى على أرض أخيه ويقتل أباه، ثم يغتصب امرأة متزوجة رفضته زوجًا لها منذ سنوات، يغتصبها هو واثنا عشر وغدًا، يصورها فى أوضاع قاسية ويفضحها، ينشر جريمته على الملأ وكأنه يصرخ مثل أحمد السقا فى فيلم (الجزيرة): أنا الحكومة.
 
حركة المجتمع السريعة، سواء إيجابية أو سلبية تترك خلفها، وعلى جانبها رجالًا مشوهين، ونساء منتهكات بكل الأشكال والألوان، سيكون هناك (فرز أول وثانى) مثل السيراميك والأحذية والأقمشة، لها أثمان بخسة وتباع فى أسواق النخاسة، هؤلاء يسخطون على المجتمع ويكرهونه وينتقمون منه. لكن ألا يحدث الاغتصاب فى مجتمعات (صحيّة) نعم، لكنها محصورة فى إطار ضيق ليست له أبعاد عقلية، شخصية، وطب نفسية. المجتمعات المتقدمة تتعامل بكل الطرق مع الجريمة، لديها قوانينها الصريحة والصارمة، لديها برامجها التأهيلية المدروسة للجناة.
 
kmfadel@gmail.com
 
نقلآ عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع