بقلم : راحيل
حدث هذا في احدى الكنائس الاوربيه ، وبالتحديد في احد ايام اسبوع الالام ،كانت الكنيسة القبطية تزدحم بالمؤمنات والمؤمنين . الترانيم والتسابيح تملأ ارجاء الكنيسة ، الخشوع والدموع تتلألأ في وجوه يشع فيها سلام السيد المسيح له المجد والقوه الى ابد الابدين امين .
وكان الشحوب الذي خلفه الصوم والسهر والصلوات باديا بوضوح على وجوه الاباء ، ولكن الصلوات الحاره كانت تتدفق من قلوب الجميع بنفس واحد ، والترانيم العذبه تعطر جو المكان فتزيده هيبة ووقارا .
بلغات ثلاث تتكرر قراءة مقاطع من الكتاب المقدس ، هي العربية والقبطية والانكليزيه ، تعقبها تسابيح وتهاليل تتحد مع البخور لتلتحم بارواح المصلين .
وفيما كانت انظار الجميع تتوحد عند المذبح المقدس ، وبينما كان الجمع يهم بالجلوس، خارت قوى احد الاباء ، فهوى الى الارض وتسابيحه لاتزال تتردد على لسانه .
ما حدث كان شيئا طبيعيا ، فحياة النسك والصوم الشديد التي يعيشها الاباء والقديسين ، لا بد وان يصحبها الضعف الجسدي والدوار والشحوب والغيبوبه ، وماالى ذلك من التداعيات الصحيه ، ولكن الذي اعقب ذلك شئ لا يوصف ، اذ هرول اثنان من الاطباء الى الاب لاسعافه ، وامتدت ايادي السيدات اليه ، يد تحمل اليه اقراص النعناع واخرى قطع الشكولات ، وثالثه الماء ورابعه عصير البرتقال ، كرسي وثير بدل من الكرسي الخشبي الذي كان الاب يجلس عليه ، هذه تتوسل اليه قائلة : متكسف الارمله يابونا ، واخرى تقول الف سلامه وتتوسل اي يرتشف رشفة ولو صغيرة من العصير ، اخرى تركض لاحضار الشاي . والرجل مطرق بحياء الى الارض ، لا يكاد يرفع عينيه الى العيون المذعورة خوفا على صحته ، ويهون عليهم الامر ، ثم وياللعجب ! استمر الاب في صلواته رغم الضعف البدني البادي عليه بوضوح ،لم اتمالك نفسي وانا اشاهد هذه اللهفة الحقيقية فانخرطت في بكاء عنيف ، وقلت في سري هذه هي ثمار السيد المسيح الحقيقيه ، ثمار قطوفها المحبة والمغفرة والوفاء والاتضاع ، لقد رايت اسرة واحدة متماسكة ، انهم بحق الاقباط متحدون |