بقلم: مينا نبيل فرنسيس
تابعتُ كما تابع غيري من ملايين المشتاقين للزمن الجميل والحياة الأصيلة، حلقة برنامج "مصر النهاردة"، التي استطاع فيها الإعلامي المتميز الأستاذ محمود سعد، أن يحقق انفرادًا إعلاميًا حصريًا على مستوى إعلام الوطن العربي، باستضافته النجمة المحبوبة الفنانة هند رستم..
وحقيقة أنا لم أتابع تلك الحلقة لأني من المتابعين الجيدين لفن السينما، بل لأني أردتُ داخليًا التأكيد على عدة نقاط هامة؛ منها:
- أن تقريبًا جميع من سبقونا ووُلِدوا وعاشوا في العقود السابقة ولازالوا على قيد الحياة، سواءً أكانوا فنانين أو مثقفين أو أدباء أو علماء أو لاعبين أو مشاهير أو حتى أشخاصًا عاديين ممن نقابلهم في حياتنا اليومية وفي وسائل المواصلات، جميعهم حزانى على أوضاع مجتمعنا، يرثون تبدل الأحوال والمستوى الذي وصلت إليه معظم إن لم تكن كل مجالات الحياة في هذا المجتمع.
- كما أن معظم المصريين يشتاقون جدًا للتغيير لكنهم غالبًا ما يتخذون موقف الدائن الساخر مما يحدث حوله، مرددينَ عبارة دائمًا ما تستفزني وتثير غضبي وهي "هو دا الشعب المصري".. وكأن من يرددها من "كوكب المريخ" وليس مِصريًا، يُساهم بسلبيته تلك وضيق أفقه في زيادة تردي الأحوال..
الفنان المبدع الراحل الأستاذ نزار قباني له أبياتٌ قيّمة جدًا في قصيدة "هوامش على دفتر النكسة".. والتي أعقبت هزمة 67 المريرة.. أبيات تستحق التوقف والـتأمل.. لأنها أبعد في رؤيتها من مجرد الحديث عن ونعي هزيمة عسكرية، فقال:
إذا خسرنا الحرب لا غرابه .. لأننا ندخلها.. بكل ما يملكُ الشرقي من مواهب الخطابه.. بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه .. لأننا ندخلها.. بمنطق الطبلة والربابه..
الحرب ليست فقط حرب الجيوش النظامية، ولا حرب الطائرات والدبابات والمدافع والجنود المدججين بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، الحرب بنظري هي مواجهة عدوي ليس فقط الذي يريد اغتصاب أرضي وعِرضي، بل مواجهة كل ما يعوق تقدمي ذهنيًا وعقليًا عن اللحاق بقطار المدنية المنطلق في سرعته كسرعة الصاروخ، وبنظري أيضًا أن الحرب يجب أن تكون من أجل التغيير، وبالتالي فهي تبدأ من الذهن.. الذي يشبه الحاسب الآلي.. بمعنى أنه على حسب المدخلات.. هكذا تكون النتائج والمخرجات..
فالحرب إذن لابد أن تكون أولاً ضد كل ما يحول بيننا وبين التمتع بمحبة السماء، وإذ نلمَسُها، تلقائيًا ستتحول دفة الحرب إلى مواجهة "الجهل" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والذي بدوره يقود للفقر والعوز، سواءً الفقر الداخلي كالفقر الروحي أو النفسي أو المعنوي.. أو الفقر المادي، وبالتالي رثاء الذات، والحزن، والوجع، والرجعية، والرفض، وتكفير الآخر، والانحصار في الذات، والاكتفاء بإدانة الأوضاع، والسلبية، والتواكل، وانتظار الأب الذي يأتي إليَّ وأنا كالطفل ليبدل أوضاعي وأحوالي.. إلخ، ناهيك عن "الجرائم" النفسية والمعنوية والمادية، ولا أظن أن من تقف محبة السماء بجانبه يمكن أن تعوقه أي ظروف أو معطلات.. لآن الله إنما يمهد لنا طريقًا يقودنا فيه إلى النجاح والشفاء من أمراض الذهن والنفس..