مينا وغبريال على مقهى " أبوخالد"
بقلم : مدحت بشاي
الحاج "حسين" مواطن مصري طيب بيحب الدنيا كلها وناسها بيبادلوه كمان حب بحب ، بس هوه كمان كان حب حياته بجد الزعيم الكبير جمال عبد الناصر .. وكان حلم عمره يكون عنده " مقهى " ، ماهي شغلته اللي حبها وما يعرفش غيرها ، لكن الأهم علشان يسميها " قهوة أبو خالد " .. أيوه اسم ابنه على اسم خالد عبد الناصر، وأول حاجه عملها لما اتحقق حلمه إنه حط صورة عبد الناصر فوق مكتبه ، يصبح عليه كل يوم وصبيانه بترش الميه قدام بابها ، ويافتاح ياعليم يارزاق ياكريم ..
لما مات ناصر ، رجع "الحاج" من الجنازة مًنهار ، صرخ لما لقى اتنين تلاته قاعدين على قهوته وطردهم وقفل القهوة اسبوع حزناً على رحيل الزعيم ، حتى أعاده لقهوته أهل الحتة ، وصحبوه لفتح المقهى ، ولما دخل قهوته ، بص لصورة "ناصر" وقال " خلاص بقينا يتامى من بعدك ياريس"..
ولما قعد السادات على كرسيه ، وابتدى يغضب من "الناصريين" ، دخل عليه كُبارات الحتة " القهوة" وقالوا له " ياحاج لايمها بقى مايصحش .. ياسيدي بلاش تشيل صورة الزعيم لكن اعمل زي الحكومة ما عملت وحط صورة السادات جنبها ، السادات ماعدش طايق يشوف صورته ، وفي كل خطبة يقول الناس اللي لابسه قميص ناصر ..
وقبل ماينتهي عهد السادات شال "الحاج" صورته ، وقبل ثورة 30 يونيو قام الحاج "حسين" بتعليق صورة " السيسي" جنب صورة ناصر ، وفي 30 يونيو قاد مظاهرة من قهوته بعد ما نبه على الزباين كلهم يرفعوا الأعلام وكروت رفض"مرسي" الحمراء ..
مينا وغبريال من زباين القهوة اللي ليهم مكان ثابت ورعاية خاصة بوصاية من الحاج "حسين" .. ولما كان حضورهما اليومي كانت تلك المشاهد..
مشهد (1) " الحاج "حسين" يلمح مينا وغبريال وهمه داخلين من باب القهوة ..
ــ يصيح "حسين" مازحاً : إحنا مش قلنا ياعم "مينا" ما فيش مكان عندنا للي مابيحبوش "ناصر" جايبه معاك ليه إن شاء الله ، ده تلاقيه كمان مابيحبش السيسي ..
ـــ يرد مينا ضاحكاً : هيبقى قبطي ومايحبش السيسي كمان ، معقولة دي ياحاج؟ .. يضحك الحضور ..
ـــ يقول الحاج ضاحكاً : بمناسبة رمضان اسمعوا النكتة دي : اثنين مسيحيين ..واحد اسمه جورج والثاني اسمه ميشيل ، تاهوا في الصحرا وموتهم الجوع والعطش، وفجأة لقوا جامع ..قال ميشيل لجورج: أ نا هاقول لهم ان اسمي كذا عشان يدوني أكل وميه و يكرموني! ..جورج قال: لا يا عم. انا هأ قول اسمي جورج واللي يحصل يحصل! .. شافهم شيخ المسجد وسألهم عن أساميهم ..قال ميشيل انا اسمي كذا وجورج قال اسمي جورج ، فقال الشيخ ياللا أكلوا جورج وشوفوه إذا كان يشرب شاي وانت يا فلان رمضان كريم وربنا يتقبل صيامكم !!!.. يضحك الحضور ..
مشهد (2) داخلي / المقهى ..مينا وغبريال يهمان بالجلوس
غبريال مبادراً : إيه بقى ياسيدي الموضوع اللي مزعلك مني وجايبني على المستعجل علشانه ؟
مينا مندهشاً : أنا شفت امبارح الندوة الهايلة اللي كان عاملها موقع " أقباط متحدون " واستغربت قوي وانت بتأكد إن الطائفية ابتدت مع عصر عبد الناصر .. ياسلام يعني الناس والحكام كانوا ملايكة قبل الثورة ؟
أنا عايز أسألك يا "غبريال" ، هيه جماعة "إخوان الشر" دي اللي بدعت وأسست للطائفية في مصر وفي كل المنطقة لما إتأسست في مارس 1928 ، مش ده حصل وسمح بإقامتها ومارست نشاطها قبل " ناصر" وثورة يوليو بربع قرن ، يا عم " غبريال" ده لما حسن البنا أسس الجماعة دي كان "ناصر" عمره 10 سنين (مواليد 1918 ) ، يا راجل ده من الأول شكلوا جمعية أسمها ” شباب محمد ” ومن برامج الجمعية دي أن ثروة البلاد ومرافقها ملك للمسلمين ومن حقهم وحدهم … وإيامها الجمعية دي وجهت نداء للأقباط إن أمامهم ثلاثة خيارات ( إما الإسلام أو الجزية أو القتل) ، وينبغى على العضو أن يقاطع كلية ما هو غير إسلامى من مأكل ومشرب وملبس , وألا يتعامل إلا مع مسلماً كما أنهم يدعون إلى إستعمال القوة لتحقيق الأغراض الدينية الفاشيستية المنافية لحقوق الإنسان والدساتير والقوانين الدولية والحض على كراهية الأقباط ومقاطعتهم تجارياً ) يعني "داعش" الربع الأول من القرن اللي فات ) !!!!
غبريال مقاطعاً : أيوه يا "مينا" بس ما كنش في أحداث اضطهاد على أساس الهوية الدينية
مينا ساخراً : يا ابني مادام الحكاية فيها "إخوان" الدنيا هتكون في سلام ازاي ... كان في تحريض هايل ضد الأقباط وأعيادهم وطقوسهم وحرق كنايس ( حرق كنيسة بالزقازيق1947 / حرق الكنيسة القبطية بالحضرة بالإسكندرية فى شهر أبريل سنة 1947 / محاولة حرق كنيسة مار جرجس بـ ميت دمسيس / إحراق الكنيسة القبطية بالسويس ، وكانت مجزرة بشعة نتج عنها قتل بعض من الأقباط بشكل يتسم بالبربرية , دول علقوا الأقباط فى خطاطيف حديدية (خاصة بالجزارين ) وحرقوهم أحياء وطافوا ببعض أجسادهم يهللون ويكبرون ،وبعدين ألقوا ببعضهم محترقين فى الطرقات وبعدها أخذوهم ورموهم فى الكنيسة وولعوا فيهم النار ، وجرايم "الإخوان" دي لم يعاقبواعليها ، رغم إنها كانت على مرأى ومسمع من السلطات التي بتصورهم ملايكة ، وكان ذنب الضحايا الوحيد أنهم أقباط !!!
مشهد (3) داخلي/ استوديو تليفزيوني
المذيعة : عزيزتي المشاهدة .. عزيزي المشاهد .. أهلا بيكم وحلقة جديدة من برنامجكم " حدث ورأي" .. أما حدث النهارده فطبعا احتفال شعبنا بمرور 62 سنة على قيام ثورة 23 يوليو المجيدة البيضاء بلا دماء ، وإعلان أول جمهورية ، وبالمناسبة مجلة " المصور" عامله عدد تذكاري رائع .. والسنة دي قلنا نحتفل على طريقتنا .. بداية من النهارده وعلى مدى أسبوع هنطرح مع ضيوفنا مالثورة يوليو من إيجابيات ، وما حسب عليها من سلبيات على مستوى عدد من القطاعات والمؤسسات ، وعلى الناس بكافة انتماءاتهم الجنسية والدينية والفكرية .. والنهارده هناقش مع ضيوفنا موضوع " يوليو والأقباط" ، ولأن أهل مكة أدرى بشعابها فضيوفنا .. الأستاذ "مينا سيدهم" الناشط السياسي وعضو الائتلاف المسيحي ، وعلى شمالي الكاتب والمحلل السياسي "غبريال الأمير".. هنسمع رؤية كل ضيف وباختصار لانعكاس ثورة يوليو على المواطن المسيحي..
مينا: يهمني الأول الإشارة لإن المواطن المسيحي هو في النهاية مواطن مصري ، وأي مكتسبات أو إخفاقات تبعت ثورة يوليو ستنعكس على الجميع ، لكن قد يتمثل اختلاف الأثر في قدر الاستفادة أوالضرر بين الناس لتباينات الأنشطة التي يمارسونها ،والظروف التاريخية والإنسانية لكل جماعة .. على سبيل المثال ، كانت لقرارات التأميم أثر سلبي بنسبة أكبر على المواطن المسيحي ، لأنه كان دايما بيهرب من القطاع الحكومي والشركات والمؤسسات الأميرية لفقدانه الأمل في إن السلطة تتعامل مع المواطنين على أساس الكفاءة ، ولكن في المقابل سعت الثورة وفي أولى حطواتها لتحقيق استقلال القرار الوطني والخروج من أي نمط سياسي أو اقتصادي تابع ، والذهاب بقوة نحو اتخاذ قرارات لتحقيق العدالة الاجتماعية ( وهو أيضاً ما نستشعرالأن حرص الرئيس " السيسي" عليه عبر ما اتخذ من قرارات جادة في هذا الصدد بدرحة من المصداقية والشفافية اكتسب بها تفاعل الناس بشكل إيجابي معها ) ..
وبالإضافة للمشاريع القومية العملاقة اللي أقامتها ثورة يوليو مثل بناء السد العالي وإقامة العديد من الصناعات الثقيلة ، فقد كانت قرارات الإصلاح الزراعي وإنشاء مكتب تنسيق القبول بالجامعات ، وتعيين كل الخريجين عبر وزارة القوى العاملة وبناء المساكن الشعبية والاقتصادية والمتوسطة ، وإنشاء منظومة ثقافية وأخرى صحية عبر توفير بيوت للثقافة ووحدات صحية في كل ربوع المحروسة ، كل دي قرارات وإنجازات كان المواطن المسيحي شايف إنها في صالحه لأنها كانت على الأقل بتحميه من شر سؤال صاحب النية الشريرة المتطرفة عن اسمه حتى الجد الرابع ليعرف دين أبوه إيه ..والأهم إن عصر عبد الناصر كان هوه الأقل في الأحداث الطائفية لوجود مشاريع وطنية كبرى وحالات نجاح متواصلة وإنجازات تتحقق على الأرض ، ولسبب تاني إن العلاقة بين البابا الروحاني كيرلس السادس والزعيم الكاريزمي عبد الناصر كانت رائعة ، والأمثلة كثيرة ، منها حضور الرئيس احتفال وضع حجر أساس الكاتدرائية والتبرع كمساهمة في تكاليف البناء ، والسماح لكل الجرائد نقل وقائع الاحتفال بظهور السيدة العذراء وتأمين المكان والاحتفاء بالظاهرة ، وغيرها من المواقف النبيلة..
غبريال : أيوه ، بس من ناحية تانية قرارات التعيين في الحكومة عملت تكدس عشوائي رهيب في الجهاز الحكومي ، وقللت فرص التنافس بين الناس ، وتقديم صاحب الكفاءة متميزا بمهارة ما أوخبرة متفرد بيها .. حينما تم اصطدام جماعة الإخوان المسلمين مع رجال الثورة بسبب التنافس على السلطة، أراد عبد الناصر أن يزايد على جماعة الإخوان بإعادة الدولة الدينية بعد حوالي 150 عاما على ظهور المجتمع المدني في عصر محمد علي. ولهذا يرى غالي شكري أن بذور الفتنة الطائفية وضعت في عهد عبد الناصر ، لأن الدين كان حاضر لآداء وظيفته في عهد عبد الناصر ففي أثناء صراعه مع الإخوان المسلمين راح يزايد عليهم تكتيكيا وذلك بإصدار عدة قرارات مثل:
• جعل الدين مادة أساسية في مختلف مراحل التعليم تؤدي إلى النجاح والرسوب، وكنت أرى أن تدريس الأديان والتعريف بها يكون عبر دور العبادة ..
• إنشاء جامعة الأزهر على غرار الجامعات العصرية مقصورة على الطلبة المسلمين فقط وذلك لدراسة جميع فروع العلم
• إنشاء إذاعة القرآن الكريم دون الموافقة حتى على إذاعة قداس الأحد على موجة محطة مسموعة.
• قيام كمال الدين حسين بأسلمة برامج التعليم..
• ألغى جمال عبد الناصر الأحزاب السياسية في يناير 1953 مستثنيا جماعة الإخوان المسلمين. وعليه لم يعد من الممكن لأي قبطي أن يرشح نفسه للانتخابات أن ينجح مادامت لا توجد أحزاب يستند إليها. ..
مشهد (4) داخلي/ مقهى أبو خالد
"مينا" جالساً يطالع الجرائد ، بينما يدخل " غبريال " مبتسما ومحيياً الحاج أبو خالد
غبريال : صباح الفل يا أبوخالد
الحاج : طبعا ياعم ماحدش هيعرف يكلمك إنت وعم " مينا " كنتم منورين في التليفزيون امبارح ، لكن مش عارف عمال تلطش في " ناصر" شمال ويمين وتجيلك الجراءة تدخل قهوته الصبح ، والله لولا أستاذ "مينا " ماكنت عتبتها ...صباح الخير ياسيدي .. يضحك الجميع ..
مينا : إيه كنت داخل مبتسم قوي .. خير ؟
غبريال : أصلي لسه سامع حلقة من برنامج " ابراهيم عيسى" ..
مينا : أه .."مدرسة المشاغبين" فعلا برنامج رائع ..
غبريال : عيسى بيسأل طالب : يعني إيه ناشط سياسي أو الثائر ، يقوم الواد يرد عليه " هوه البني أدم اللي مش عاجبه حاجه فيثور ويعتصم علشان قال إيه يغير ، ولا يغير ولا نيلة ونشيل احنا الطين "
يضحكان
مينا : تفتكر الجيل ده فاهم ومقدر دور الرئيس السيسي الرائع في ثورة 30 يونيو وفي تاريخ مصر ؟
غبريال : في كُتاب رأي ابتدوا يعملوا مقارنات بينه وبين ناصر وده لا لصالح ده ولا ده .. فاكر لما "مبارك" سألوه أول أيام حكمه " إنت ساداتي ولا ناصري" فقال " اسمي محمد حسني مبارك " والله عجبني الرد ده قوي ..
مينا : الناس ابتدت تتكلم إن الاتنين عسكريين ، ولهما معارك مع الإخوان ، والموقف من أمريكا ، والاتنين بلا أحزاب سياسية تمثل ظهير سياسي للرئيس ..
غبريال :أيوه " مصطفى بكري الصحفي كاتب النهارده " السيسي ليس بحاجة إلى حزب سياسي موضحًا أن رفضه تكوين حزب سياسي هدفه حماية الدولة وتوحيد الأحزاب لأن يكونوا على قلب رجل واحد، ..الديمقراطية لا تعني الفوضى ..السيسي لديه مشروع تنموي اقتصادي، كذلك كان عبدالناصر، الذي تسلم بلدًا زراعيًا لينجح في تحويله إلى بلد صناعي بدون حزب أو برنامج انتخابى.و السيسي يمتلك خبرة وأفق وإبداع وشجاعة كان يمتلكها الزعيم عبدالناصر، هما متشابهان لدرجة كبيرة.الاثنان قادا معركة ضد الإخوان ، وده سبب الهاجس الأمريكى وقلقها منه ومن ثورة 30 يونيو ، خايفه من تحول السيسي من جنرال فى القوات المسلحة ووزير للدفاع إلى زعيم شعبي فى نسخة جديدة لعبدالناصر، ووصف، حسب رؤيته، أن هذا الخوف بأن يتحول السيسي بإرادة المصريين إلى رئيس يتمتع بكاريزما مثل كاريزما ناصر ومن نفس المؤسسة الوطنية المصرية التى تعشق تراب هذا الوطن وترفض التبعية للخارج وهذا هو السبب الرئيسي للهاجس الأمريكى"
مينا : يارب بس ينتبه لحدوتة الأحزاب بمرجعية دينية دي ، وخصوصا "حزب النور".. الحزب الوصيف "للحرية والعدالة " اللي ما شاركش في الثورة ، لكن لما قعد مع جماعة وضع خارطة الطريق ، ولجنة وضع الدستور نفش ريشه ، لكن الريس وعدنا بدولة ديمقراطية عصرية ..
غبريال : وقال إنه مش مدين لأحد بحاجة وإنه بنص الدستور " لا أحزاب بمرجعية دينية " ونعم لمناهضة التمييز ..
الحاج : براوة عليكم وعلى الكلام الجميل .. احنا معاك ياسيسي ..
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع