بقلم: د/ عدلى أنيس
والتنظيم الهكسوسى "داعش"
فى شمال العراق تقع تلك المدينة التى ترجع نشأتها الى مايقرب من ستة قرون قبل الميلاد، دخلها الاسلام فى عام 637 ميلادية وفى الوقت الحاضر تعد الموصل من كبريات المدن العراقية كان يسكن بها قبل التهجير نحو 25 الف مسيحي، ومنذ ذلك التاريخ ظلت المسيحية والمسيحيين يعيشون فى المدينة صحيح ان أمنهم قد تعرض للخطر ما بين حين وآخر الا انهم ظلوا موجودين الى ان أطل عليهم هذا التنظيم الهكسوسي "داعش" الذى اعلن بكل وقاحة وبلا آدمية تبرئة المسيحيين من ديانتهم مقابل بقائهم فى الموصل، ومن يرفض ذلك ليس امامه سوى خيارين كلاهما مُر وهما إما دفع الجزية أو الرحيل.
لأول مرة فى تاريخها تُفرَّغ المدينة من المسيحيين الذين نزحوا الى المدن المجاورة منها "هوك" و "أربيل" بإقليم كردستان العراق، تاركين خلفهم كنائسهم الاثرية وبيوتهم وممتلكاتهم وتاريخهم. ما هذا الذي يحدث؟ أنعيش حقًا فى القرن الحادى والعشرين، فى عصر التكنولوجيا والتقدم ، فى عصر الديمقراطية التى يتغنى بها بلطجى العالم "امريكا".
الواقع نحن نعيش فى عالم اللا آدمية و اللا إنسانية، فى عالم التقدم نحو فرض القوة وبلطجة الامبراطورية الامريكية بما لها من أذرع وعملاء ومنهم هذا التنظيم الهكسوسي "داعش" . الكل يقول ما لا يفعل ويفعل عكس ما يقول، الكل يرتدى الاقنعة؛ فأمريكا ترتدى قناع المحافظ على السلام والديمقراطية وهى اكثر من افسد فى الارض، وداعش ترتدى قناع الاسلام وتفعل ما لا يطيقه او يقبله الاسلام او اي دين اخر حتى ولو كان دين وضعي.
هكذا ترسم فرشاة الشياطين مصائر الشعوب فى عصرنا الحاضر وتلون خارطة العالم على هواها بالوان الدم والسواد، وتحدد بلا رحمة مواضع الالم من قتلٍ وذبحٍ وتهجيرٍ قسرى ومجازر للابرياء، نحن نعيش مسرحية عالمية المخرج واحد والنص واحد ولكن العرض يتنقل من مكان لاخر حول العالم فهو فى غزة تارة وفى سوريا تارة اخرى، على المسلمين تارة وعلى المسيحيين تارة اخرى.