قدم باحثون وصفا لبقايا حفريات اكتشفت فى الصين توضح بجلاء التفاصيل الدقيقة لتركيب المخ لدى مجموعة عجيبة من الكائنات البحرية التى كانت من أبرز المخلوقات المفترسة قبل نصف مليار عام.
وتضمنت هذه الحفريات حيوانا اسمه العلمى (ليراراباكس انجويسبينوس) -ويعنى اسمه ذو المخالب الشوكية- عاش خلال العصر الكمبرى الذى يمثل منعطفا جوهريا فى تاريخ الحياة على وجه الأرض عندما ظهر الكثير من المجموعات الحيوانية الرئيسية.
وينتمى هذا الكائن لمجموعة حيوانية بدائية -من أسلاف مفصليات الأرجل التى منها القشريات والحشرات والعناكب- التى تصطاد فرائسها بزوج من الزوائد الكلابية الشبيهة بالمخالب والتى توجد فى مقدمة العينين.
ورغم عدم وجود أقارب فى وقتنا الحالى على قيد الحياة تمت بصلة مباشرة لهذه المجموعة الحيوانية البدائية إلا أن تركيب المخ لديها يشبه إلى حد كبير حيوانات شبيهة بالديدان تسمى الديدان المخملية وتنتشر فى غابات المناطق المدارية وشبه المدارية فى نصف الكرة الجنوبى.
وقال الباحثون أمس الأربعاء إن أوجه التشابه هذه توحى بأن الحيوانات الشبيهة بالديدان أو الديدان المخملية ربما تكون أسلافا بعيدة للمجموعة الحيوانية البدائية ومن أمثلتها حيوان (انومالوكاريس) الذى وجد فى صورة حفرية فى منطقة بورجيس شيل بكندا.
وتنمو الديدان المخملية لتصل فى الطول إلى بضع بوصات ولديها قرنا استشعار طويلان يمتدان من الرأس ولها أيضا أزواج عديدة من الأرجل القصيرة المكتنزة الأنبوبية غير المفصلية التى ينتهى كل منها بزوج من المخالب الصغيرة.
وعاش حيوان ليراراباكس -وهو من الكائنات المفترسة الشبيهة بالقيثارة فى الشكل- قبل 520 مليون عام ويشبه فى شكله التشريحى للجهاز العصبى الديدان المخملية فى عدة أوجه منها بساطة تركيب المخ ووجود زوج من العقد العصبية تقع أمام العصب البصرى ووجود قاعدة للزوائد المخلبية.
وعادة ما تتحلل الأعضاء اللينة لأى حيوان عقب نفوقه مما يعنى أن الحفرية لا تحتفظ إلا بالأجزاء الصلبة مثل العظام والأسنان والأصداف لكن فى ظل ظروف استثنائية يمكن أن تحتفظ الأنسجة اللينة والأعضاء التشريحية بشكلها فى صورة حفرية.
وحيوان ليراراباكس أصغر من رفاقه فى نفس مجموعته الحيوانية إذ يصل طوله إلى 15 سنتيمترا أى ما يعادل تقريبا طول الروبيان الكبير. وقال بيون كونج عالم الأحياء القديمة بجامعة يونان الصينية إن العينات الثلاثة التى عثر عليها لهذا الكائن "ربما تكون لأطوار حياة مبكرة للحيوان لذا ربما كان أكبر من ذلك حجما."
وأضاف "من النادر العثور على ليراراباكس محفوظا بكامل جسمه. ولم تسجل أى حفرية وجود المخ ضمن الجسم."
وتشير هذه الحفريات إلى ان تلك المجموعة الحيوانية البدائية لديها مخ أقل تعقيدا من الحيوانات التى يفترسها.
وقال نيكولاس شتراوسفيلد عالم الأعصاب بجامعة أريزونا وهو أحد المشاركين فى البحث "ربما أسهم نشاط الافتراس جزئيا فى تطور المخ بصورة أكثر تفصيلا بحيث يمكنه التعامل مع الظروف البيئية الأكثر تعقيدا التى يمكن أن توفر درجة من التمويه وصور الوقاية الأخرى."