بقلم : د.ماجد عزت إسرائيل
كان وادي النطرون يزخر بأعداد كبيرة من الأديرة والقلالى، وقد بلغت نحو مائه دير، ثم صارت عشرة أديرة، ممتدة غرباً على جانب برية شيهيت بين مديرية البحيرة والفيوم، ولكن أحداث الزمان والغزوات المتلاحقة أبادت الكثير من أديرة الوادي ولم يبق به الآن من الأعداد الكثيرة سوى أربعة ويجدر بنا أن نتناول كل دير من هذه الأديرة بلمحة وجيزة عن تاريخه على النحو التالي:
- دير الأنبا بيشوى
ويقع على بعد نصف كيلو متر إلى الجنوب الشرقي من دير السيدة العذراء السريان، ويبعد عن دير القديس مكاريوس " أبو مقار" غربا نحو عشرين كيلو مترًا وتبلغ مساحته فدانين وستة عشر قيراطًوينسب إلي القديس "الأنبا بيشوي" وكان تلميذ للقديس مكاريوس أحد زعماء النسك في الوادي.
ويرجع إنشاؤه على أغلب الاحتمال إلى أواخر القرن الرابع الميلادي، كما أعيد بناؤه حوالي عام 840م ويعتقد أن المبنى الرئيسي للكنيسة يرجع إلى هذا التاريخ كما قام البابا بنيامين الثاني البطريرك 82 (1327- 1339م) بترميمه وأضاف تعديلات ما زالت باقية حتى الآن.
- دير القديس مقاريوس (أبو مقار):
ويقع في الجنوب الشرقي لدير الأنبا بيشوي ودير السريان وتبلغ مساحته نحو فدانين ،وينسب هذا الدير للقديس مقاريوس الكبير، وهو أغنى أديرة وادي النطرون بما يحويه من قدسية لدى الرهبان حيث يوجد التابوت الذي يحوي رفات ستة عشر من الآباء البطاركة، كما يوجد أجساد التسعة والأربعين شيخا الشهداء الذين قتلهم البربر مدفونين بكنيسة الشيوخ، كذلك التابوت الرخامي الذي يحمل رفات القديسة هيلاريا ابنة الملك زينون التي تنكرت في زي الرجال وترهبت بهذا الدير ودفنت في أرضية قصره القديم الذي بناه والدها فوق المكان الذي يحوي تابوتها كما كان البطاركة يجتمعون فيه عندما كانوا يقومون بعملية الميرون المقدس، وأحيانا يدشنون الكنائس والهياكل التي تكون قد شيدت في هذا الدير،
وكان من العادات المتبعة عند انتخاب البطريرك للكرسي أن يتوجه بعدها مباشرة إلى دير الأنبا مقار حيث لابد من إتمام عملية الرسامة والتقديس بالدير المذكور، وهذا دليل على مقدار المكانة المرموقة التي تبوأها ذلك الدير خلال العصور التاريخية المختلفة في كافة أنحاء البلاد المصرية بل وفى جميع أقطار المسكونة وأسبغ هذا بلا شك صفة التقديس للمكان المذكور.
- دير السيدة العذراء السريان:
ويقع في المنطقة الواقعة بين دير البراموس ودير الأنبا مقار إلى الجنوب الشرقي من دير البرموس، ويبعد عن دير أنبا بيشوي الواقع في نفس المنطقة بمسافة 500 متر وتبلغ مساحته نحو فدان وستة عشر قيراطًا وترجع نشأته إلى اواخر القرن الرابع الميلادي، وقد بورك بزيارة العائلة المقدسة في القرن الأول الميلادي.
وأطلق عليه اسم السيدة العذراء والدة الأله في القرن الخامس الميلادي ولكنه اشتهر باسم "دير السريان" بسبب سكنى بعض الرهبان القادمين من سوريا وبلاد المشرق داخل الدير بجانب الأقباط- في الفترة من القرن الثامن حتى القرن السادس عشر الميلادي – وقد تميز بقدوم مجموعات من جنسيات مختلفة بهدف التلمذة على أيدي آباء الدير الأوائل كما أطلق عليه على مدى العصور اسم "دير السريان العامر" لأنه لم يخل من الرهبان ولم يخرب ولم يحدث أي اعتداء عليه في أي عصر من العصور تقريبا.
وترجع شهرة دير السريان في الغالب إلى وجود القلاية الأصلية التي كان يعتكف فيها الأنبا بيشوي، كما أن بجوارها شجرة "الأنبا أفرام السرياني" وكانت عصا ثم تأصلت في التربة ونبتت ثم أورقت وما زالت حتى يومنا هذا.
- دير البراموس:
ويقع دير السيدة العذراء براموس في الطرف الغربي لبحيرات النطرون وتبلغ مساحته نحو فدانين وثلاثة عشر قيراطًا من الفدان ويعرف بدير الروم لوجود مغارة أولاد الملوك التي عاش بها الأميران مكسموس ودماديوس انبا الإمبراطور فالنتينان الأول الذي حكم في الفترة من (364-375م) وقد أطلق عليه بعض المؤرخين دير أبي موسى الأسود وذلك لأن الأنبا موسى كان رئيسا لذلك الدير ودفن به.
ويرجع تاريخ تأسيس دير السيدة براموس إلى القرن السادس عشر الميلادي، وكان آنذاك عبارة عن كنيسة، وترجع شهرته إلى وجود رفات القديسين مكسيموس ودماديوس.