الأقباط متحدون - في البحث عن دليل
أخر تحديث ٢٢:٠٤ | الأحد ١٣ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٦ | العدد ٣٢٤٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

في البحث عن دليل

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

علي سالم
أرجو أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي أحدثك فيها عن غريزة الموت وما تنتجه داخل النفس من ثقافة تدفع الإنسان بدورها لقتل نفسه وقتل كل مكونات الحياة من حوله. إن حديثي عنها هذه الأيام وإن كان لا يأتي من فراغ، بدأت أشعر أنه بدأ يبعدني عن السباحة في المياه العذبة ويدفعني للخوض في مياه البحر المالح. لا شك أن نقل الأنباء الكئيبة للناس يشعر المرء بالاكتئاب.

في قضايا العقل والتفكير والتحليل النفسي بوجه عام، من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، العثور على دليل قاطع نؤكد به ما نقول. وفي غياب هذا الدليل، أقصد الدليل على وجود هذه الغريزة بالفعل داخل النفس البشرية، تظل مهمتي ناقصة، وتظل أنت تشعر بالشك في هذه المقولة وخصوصا إذا كنت من الأذكياء الذين يأخذون بالنظرة العلمية للأمور. أستطيع أن أقدم لك قرائن كثيرة منها مثلا أن عدد حوادث السيارات في مصر تفوق مثيلاتها في العالم كله، وأن ذلك يحدث بفعل الإحساس بالتعاسة التي تنتجه هذه الغريزة، غير أنك ستظل تطالبني بدليل لا يقبل الشك.

حسنا.. دعنا نقتحم ميدانا آخر كتبت عليه لافتة ممنوع الاقتراب، وهي موضوع الجماعات المكافحة من أجل فلسطين، وليكن واضحا أنني لا أناقش القضية الفلسطينية، لا أناقش الغاية، بل أناقش الأهداف والوسائل. عندك مثلا جماعة أجناد بيت المقدس، التي ارتكبت أعمالا في مصر، في سيناء وأرض الوادي، يستحيل وصفها إلا بأنها جرائم بشعة، هل قتل الجنود والضباط المصريين يعيد لهم بيت المقدس؟

ومع ذلك أنا أعترف بأنني حتى الآن لم أقدم لك الدليل القاطع.. حسنا لننتقل إلى بؤرة الأحداث الحالية الآن في غزة وعلى أرض فلسطين، مرة أخرى أنا لا أناقش القضية الفلسطينية، وموقفي منها واضح ومعروف وهو أن الحل الوحيد المطروح علينا جميعا هو الوصول بالتفاوض إلى دولة فلسطينية تعيش في استقلال وحرية مع جيرانها.. أنا أريد الحديث معك عن المسكوت عنه بدافع من الحياء السياسي.. يبدأ الفصل الأخير من الحكاية، بأن جماعة مناضلة فلسطينية تخطف ثلاثة مواطنين إسرائيليين وتقتلهم فيترتب على ذلك كل ما يحدث الآن على أرض فلسطين من قتل للناس بالجملة ونسف للبيوت والممتلكات وإصابات قاتلة لأجساد البشر لا تجد من يعالجها.. بالطبع أنا لا أقر بحق إسرائيل في ارتكاب كل هذه الجرائم، أنا فقط أريد أن أعرف، بماذا كانت تفكر الجماعة الخاطفة قبل أن تقوم بعمليتها؟

هل كانوا يتصورون مثلا أن إسرائيل ستتحمل الضربة وتسكت، هل فكروا أن خطف هؤلاء المواطنين والمزيد منهم وقتلهم سيجعل الإسرائيليين يصرخون ألما ويقولون: إحنا مالناش عيش هنا.. لازم نسيب فلسطين ونرجع للأماكن اللي كنا عايشين فيها.

أنا أقول لك: هذه الجماعة كانت كصاحب أي عقل بشري طبيعي على يقين بأن إسرائيل سترد على هذا العمل بالفتك بقطاع غزة وبأهله في عمليات قتل موسعة لا يستطيع المجتمع الدولي أن يفعل إزاءها شيئا غير الشجب والإدانة، غير أنها الرغبة في القتل المعطلة لكل البديهيات العقلية.. هل حصلت على الدليل الآن؟.
نقلآ عن الشرق الأوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع