الأقباط متحدون - دار العلوم والخطاب الديني
أخر تحديث ٠٥:٢٥ | الأحد ١٣ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٦ | العدد ٣٢٤٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

"دار العلوم" والخطاب الديني

مدحت بشاي
نعم ، حسن البنا مخترع حدوتة " الإخوان المسلمين" من أكثر من 80 سنة هو خريج كلية دار العلوم ، ولكن في المقابل كان من خريجي الكلية العديد من رموز الفكر والإبداع والإعلام والصحافة .. فاروق شوشة وطاهر أبو فاشا  والطاهر مكي وصلاح فضل وأبو المعاطي أبو النجا وعلي الجارم ، وفي السنوات الأخيرة استقبلت مدرجات الكلية زعماء ورموز التطرف ، وعلى أبوابها تم رفع شعارات رابعة والقاعدة ..

كلية دار العلوم، كانت من قبل تسمى "مدرسة دار العلوم". يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1872، وقد تطـورت دار العلوم إلى أن أصبحت إحدى المدارس العالية، وظلت كذلك إلى أن ضمت لجامعة القاهرة عام 1946، وأصبحت تسمى كلية دار العلوممحتفظة باسمها التاريخي العزيز. كلمة "علوم" التي يضمها اسم الكلية تعنى العلوم العربية والإسلامية، ودار العلوم كلية تخرج متخصصين في اللغة العربية والأدب العربي والدراسات الإسلامية، ويستطيع المتخرج في كلية دار العلوم أن يعمل في ميدان تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في مراحل التعليم المختلفة، كما يمكنه العمل في مجالات أخرى مثل الصحافة والإذاعة المسموعة والمرئية والثقافية وغيرها.

وأستأذن قارئ موقعنا " أقباط متحدون " لعرض نموذج طيب لمناهج كان يتم تدريسها لطلاب تلك الكلية .. جاء في كتاب تاريخ الأمم الإسلامية منذ 70 سنة والذي قام بتأليفه الشيخ محمد الخضري بك المفتش بالوزارة تلك السطور..
في مجاضرة بعنوان " الحال الأدبية ــ الأخلاق واللغة " .. كتب الشيخ الجليل :
 الخلق هو الملكة التي بها يصدر الفعل عن صاحبها من غير مقاومة وقد اصطلح الكتاب على أن يقصروا لفظ الخلق على الملكات النفسية كالشجاعة والجبن والسخاء والبخل ، وعلى أن يطلقوا لفظ العادات على الملكات الأخرى كالمشي واللعب النظامي .
عموم الأخلاق

لا يحسب الخلق على الأمة إلا إذا كان مألوفاً عند أفرادها بفعلة فاعلة منهم من غير أن يحاذر نكيراً أو يخشى لومة لائم ولو لم يباشره جميعهم ولذلك عدّ من مذام الأمم ـ التي بها تستحق السقوط والخذلان ـ أنهم لا يتناهون عن منكر فعلوه ، ومن هنا قال الله تعالى في الكتاب ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) لأن الشرير يفعل فلا ينكر عليه أحد فيشترك هو ومن معه في الجريمة ، فإن كان الشر معروفاً عن فرد أو جماعة يستسرون به أو يعلنونه مع اشمئزاز الجمهور منهم كانت المذمة قاصرة على الفاعلين لا تعدوهم إلى الأمة بأسرها ، وحينئذ يكون من الخطأ عدّ هذا الخلق على الأمة : كذلك لا يحسب الخلق للأمة إلا إذا كان فاشياً بين أفرادها مألوفاً عند جميعهم لا يخالفه أحد منه إلا مستسراً ويخاف المذمة إن ظهر بالمخالفة أمام الجمهور ، وعلى هذه القاعدة نسير في بيان الأخلاق عند العرب .

 من الأخلاق التي كانت للعربي سرعة الانفعال والإقدام على المكاره تراه ساكناً مطمئناً فلا تحتاج في هيجه إلا إلى كلمة صغيرة أو فعلة حقيرة يتخيل معها أن قد مس شرفه فتجده زأر كالأسد خرج من مكمنه لا يتريث حتى يستطلع جلية الأمر ، بل يقدم منكباً عن ذكر العواقب جانباً وهذا الخلق أكثر ما تراه في قبائل البادية الذين كانوا لا يخشون سجناً ولا أحكاماً قاسية من جّراء أفعالهم ، بل هم بالعكس ينتظرون النصر المؤزر من أقوامهم وحلفائهم ، والنفس إذا أحست بما يضرها انفعلت وتهيأ لها طريق الانتقام

فإذا لم تخش العادية أقدمت ، ومن هنا كان من السهل تحريك عامتهم إلى السير في طريق الحروب بقليل من الكلمات ، وكانت هناك كلمات تحرّك قلب العربي كما في كل أمة وأرقاها درجة في التأثير ، يا لفلان ، واذلاه ، وانصيراه ، شرف الآباء ، وما شاكل ذلك ، ولم يكن عندهم شيء من بلادة الطبع التي تجعل صاحبها يألف سماع ما يهين شرفه حسبما يتخيل ويتبع هذا الخلق الجرأة على سفك الدم ، لأن النفس متى تهيأ لها طريق الانتقام وقدرت ولم تخش عقوبة لم تكتف بدون الموت لمن تريد الانتقام منه .

ومن هنا كان خلق الحلم فيهم عزيزاً اللهم إلا في سادتهم وذوي الأسنان منهم ولذلك كان المعروفون بالحلم منهم قليلون .
ومن أخلاقهم التعصب ومعناه أن ينصر ذا عشيرته على أية حال يرون ذلك من مقومات حياتهم وقد تقدم بيان هذا بوضاحة في حال العرب الاجتماعية ، وقد سمى القرآن هذا الخلق وما قبله حمية الجاهلية لأن فيهما نتيجة من نتائج الجهل وعدم التثبت .

ومن أخلاقهم المتأصلة فيهم الكرم وقد استنفذوا فيه نصف أشعارهم بين متمدح به ومثن على غيره ، كان الواحد منهم يأتيه الضيف ـ في شدة البرد والجوع ـ وليس عنده من المال إلا ناقته التي هي حياته وحياة ولده فتأخذه هزة الكرم فيقوم إليها ويذبحها لضيفه يخشون مذمّات الأحاديث ويقول قائلهم :
واعلم بأن الضيف يو        ماً سوف يحمد أو يلوم

ومن طريف أخبارهم في الكرم أن سالم بن قحفان من بني العنبر جاءه أخو امرأته فأعطاه بعيراً ثم طلب من امرأته حبلاً يقرن به بعيره إلى من أعطاه إياه . ثم ثانياً وثالثاً حتى لم تجد حبلاً ! فقال لها عليّ الجمال وعليك الحبال ، فرمت إليه خمارها وقالت اجعله حبلاً لبعضها فقال :

لا تعذليني في العطاء ويسري        لكل بعير ـ جاء طالبه ـ حبلاً
فإني لا تبكي عليّ افالها            إذا شبعت من روض أوطانها بقلاً
فلم أر مثل الإبل مالا لمفتن            ولا مثل أيام الحقوق لها سبلاً

فأجابته امرأته :

حلفت يميناً يا ابن قحفان بالذي        تكفل بالأرزاق في السهل والجبل
تزال حبال محصدات أعدها            لها ما مشى منها على خفه جمل
فإعط ـ ولا تبخل ـ لمن جاء طالباً         فعندي لها خطم وقد زاحت العلل

ويرى المطلع على أبواب الحماسة والرثاء والأدب والأضياف ـ من ديوان الحماسة الذي جمعه حبيب بن أوس الشهير بأبي تمام ـ ما يثلج الصدر .
ومن أخلاقهم التي كانوا يتمدحون بها ويعيبون من خالفها الوفاء بالعهد ..
ما رأيكم دام فضلكم في تلك السطور ، وأسأل : ليه بقينا كده ؟!!!

medhatbe@gmail.com


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter