الأقباط متحدون - القديس كيرلس الكبير
أخر تحديث ١٤:١٨ | السبت ١٢ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٥ | العدد ٣٢٤٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

القديس كيرلس الكبير

إعداد / ماجد كامل
يحتل القديس كيرلس الكبير مكانة هامة ومتميزة في تاريخ الكنيسة فهو البطريرك الرابع والعشرون من بطاركة الكنيسة القبطية . وهو الرجل الذي تصدي لأخطر بدعة واجهت الكنيسة بعد بدعة اريوس وهي بدعة نسطور . ولقد لقب في تاريخ الكنيسة بألقاب عديدة نذكر منها (عامود الدين – عامود الإيمان – شبل مارمرقس – الأول – الكبير – اثناسيوس الثاني … الخ )

وفي هذا المقال سوف نعرض لحياته وشخصيته وكفاحه ضد النسطورية ثم نعرض بعد ذلك
للمحة مختصرة عن القداس الكيرلسي وتطوره والفرق بينه وبين القداسات الأخرى

أولا :- اصل أسرته :-
يذكر التاريخ الكنسي عن القديس كيرلس انه من أسرة ميسورة الحال عاشت في مدينة ممفيس (وهي حاليا ميت رهينة جنوب محافظة الجيزة ) ولقد قامت مربية أثيوبية بتربية طفلين بعد وفاة والدهما وكان هذين الطفلين هما "القديس ثاوفيلس البطريرك الثالث والعشرين وأخته الصغيرة التي صارت فيما بعد والدة القديس كيرلس" ويحدثنا التاريخ الكنسي أن هذه المربية قد اصطحبت ذات يوم الطفلين إلى معابد الإله ابولون للصلاة هناك وحدث بمجرد دخولهما أن سقطت الأوثان علي الأرض وتحطمت فتوقعت الجارية غضب الآلهة منها فهربت بالطفلين إلى مدينة الإسكندرية وهناك توجهت إلى أحد الكنائس لتتعرف علي هذا الدين الجديد

وتصادف أن كان البابا اثناسيوس يصلي هناك فطلب من أحد الشمامسة بالتنبيه عليها بالانتظار بعد نهاية القداس لمقابلة البابا ؛ولما مثلت الجارية بالطفلين أمام البابا بادرها بالاستفسار عن سبب توجهها إلى معبد للأصنام وكيف دبرت العناية الإلهية سقوط الأصنام وتحطيمها لكي يقودها إلى الكنيسة فدهشت الجارية كيف تسني للبابا معرفة هذا السر فخرت تحت قدميه طالبة إرشاده وتعريفها بالديانة الجديدة ؛ فوضع البابا الطفلين تحت إرشاده بعد أن قام بتعميدهما وصار الولد هو القديس ثيوفيلس البطريرك 23 من بطاركة الكنيسة القبطية أما الفتاة فلقد صارت والدة القديس كيرلس

مولد القديس :-
ولد القديس كيرلس بمدينة الإسكندرية في الفترة من 371" – 375 " (غير معروف علي وجه الدقة تاريخ الميلاد) وكان يتمتع بمواهب فطرية عديدة فلقد كان ذو عقل حاذق مع فكر ثاقب وقوة في الذاكرة . قيل عنه أن كان يقضي الليل في قراءة الكتاب المقدس وفي يده سيف من حديد فإذا غالبه النوم نخسه السيف فيستيقظ في الحال ؛كما تميز بعذوبة الصوت وجماله في الألحان الكنسية فالحقه خاله البابا ثيوفيلس بمدرسة الإسكندرية لدراسة الفلسفة واللاهوت

نزوله للبرية :-
قام البابا ثيوفيلس باصطحابه إلى برية شيهيت وهناك سلمه إلى أحد أباء البرية العظام وهو القديس سيرابيون تلميذ أبو مقار الكبير وظل هناك لمدة 5 سنوات

سيامته قسا :-
لما لمس البابا ثيوفيلس الفضيلة العالية في القديس كيرلس قام باستدعائه من الدير وسيامته شماسا ثم قسا لمساعدته في أمور الخدمة

اختياره بطريركا :-
بعد نياحة البابا ثيوفيلس في يوم 15 أكتوبر 412 ؛اجمع الشعب علي اختيار القديس كيرلس خلفا له وتم تنصيبه بطريركا في 17 أكتوبر 412
أعماله الأولى في البطريركية :-
1-قام بكتابه ردود قوية علي كتابات الإمبراطور يوليوناوس الجاحد في ثلاثة كتب
2-أمر بطرد جميع النوفاتيين من مدينة الإسكندرية
3-أمر بطرد جميع اليهود من مدينة الإسكندرية صونا للسلام في المدينة
4-قام بحل الحرم الذي وقعه خاله البابا ثيوفيلس علي القديس يوحنا ذهبي الفم واعادته مرة أخري إلى شركة الكنيسة
ظهور نسطور ونشر بدعته :-

واخيرا ظهر نسطور وهو أصلا من خريجي مدرسة إنطاكية اللاهوتية "وهي نفس المدرسة التي تخرج منها اريوس ومقدونيوس وعدد كبير من الهراطقة " ونادي نسطور ببدعة غريبة وهي أن للسيد المسيح اقنومين و شخصين وطبيعيتين طبيعة لاهوتية وطبيعة بشرية ولذلك لا ينبغي أن نلقب السيدة العذراء بوالدة الإله Theotokos ؛ وانما الأصح أن نلقبها بوالدة المسيح Christokos كما عاب علي المجوس سجودهم للطفل يسوع واستقطع المقطع الأخير من الثلاثة تقديسات ؛ ولقد رفض مؤمنو القسطنطينية تعاليم نسطور وحضر أيضا بعض الرهبان ومثلوا أمامه أوضحوا له خطأ تعاليمه وانحرافه عن الإيمان السليم فثار عليهم وامر بحبسهم في الكنيسة كما أمر خدامه بضربهم و أهانتهم

في عام 429 أرسل البابا كيرلس رسالة فصحية إلى جميع كنائس العالم بمناسبة عيد القيامة قام فيها بالرد علي نسطور بدون ذكر اسمه وفي عظة عيد القيامة قال أثناء العظة (أن مريم لم تلد أنسانا عاديا بل ابن الله المتجسد لذلك فهي بحق أم الله) كما أرسل بعض رسائل ودية عن طريق بعض الاخوة إلى نسطور وحدثت بينهما مراسلات طويلة نذكر منها قول نسطور في أحد هذه الرسائل (أنا لا أستطيع أن اعبد آلها مات ودفن ) وكان مما قاله نسطور أيضا (هل سمعتم عن اله يجوع ويعطش ويتألم) وقال أيضا (هل سمعتم عن اله عمرة شهران ) فكان رد كيرلس عليه(أن الجسم هو العنصر الوحيد الذي يدركه الموت ومع ذلك نقول أن الإنسان يموت مع أن النفس لا تموت وبالمثل بالنسبة للمسيح ؛فاللاهوت ذاته لا يموت ولكن المسيح تألم ومات) وهنا يطرح كيرلس عبارته الشهيرة التي أصبحت شعارا ورمزا للكل الكنائس المسيحية في العالم كله وهي (طبيعة واحدة للكلمة المتجسد) وشبه القديس كيرلس هذا الاتحاد بـــ :_

1-مثل الروح والجسد 2 -مثل عليقة موسى المشتعلة بالنار
3 –جمرة النبي اشعياء 4-مثل النار والحديد
5-تابوت العهد 6-مثل الماء والنار
قام البابا كيرلس بعقد مجمع مكاني في مدينة الإسكندرية عرض فيها لمشكلة نسطور وردوده عليها فوافق عليها الجميع
وفي نفس القترة عقد أسقف روما مجمعا مكانيا أخر في مدينة روما أعلن فيها تأييده للبابا كيرلس وأرسل له رسالة قال فيها (انت اعظم المدافعين عن الإيمان الأرثوذكسي لقد كشفت لنا عن دقائق هذا المبتدع أوضحت لنا الإيمان المستقيم)
+قام البابا كيرلس بعد انتهاء المجمع بوضع 12 بندا شرح فيها العقيدة الأرثوذكسية وحكم بحرم كل من لا يؤمن بها وهي المعروفة في تاريخ الكنيسة بحرومات القديس كيرلس The Anathema’s Of S T Cyril وبعث بها إلى نسطور فرفض نسطور التوقيع عليها وقام بكتابة ردود عليها وساعده في ذلك بعض أساقفة إنطاكية من معتنقي بدعته

كانت النتيجة أن انقسمت الكنيسة إلى قسمين :- قسم بجانب القديس كيرلس ويشمل كنائس "روما- أورشليم – أسيا الصغرى" وقسم بجانب نسطور ويشمل كنائس "القسطنطينية - إنطاكية " فشعر الجميع بالخطر من هذا الانقسام مما دعا البابا كيرلس إلى مخاطبة الإمبراطور ثيئودوسيوس الصغير داعيا إياه إلى عقد مجمع مسكوني للنظر في أمر هذه البدعة . وبالفعل أرسل الإمبراطور دعوات إلى جميع أساقفة المسكونة لحضور مجمع مسكوني وكان هذا هو :-

المجمع المسكوني الثالث :- افسس 431
+بعث الإمبراطور برسالة إلي جميع أساقفة العالم يحدد فيها موعد جلسات المجمع في 7 يونية 431 . وحضر في الموعد المحدد 200 أسقف من جميع إنحاء العالم علي رأسهم البابا كيرلس ومعه وفد مكون من 50 شخص كان من بينهم الأنبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا بقطر رئيس الأديرة الباخومية كما حضر نسطور ومعه وفد مكون من 40 شخصا

ظل أعضاء المجمع منتظرين حضور وفد كنيسة إنطاكية ووفد كنيسة روما دون جدوي ولكن يوحنا بعث برسالة إلى أعضاء المجمع يعتذر فيها عن الحضور لظروف الطريق ويأذن لهم بالبدء في الجلسات إلى حين وصوله
اضطر البابا كيرلس إلى إعلان بدء افتتاح المجمع رسميا في 22 يونية 431 (أي بعد 16 يوما من موعد الافتتاح الرسمي ) وذلك لانه جاءه

خطاب أن لا يعطل افتتاح المجمع اكثر من ذلك
دعي أعضاء المجمع نسطور إلى النزول وانتدبوا ثلاثة أساقفة لاقناعه بالحضور ولكنه اشترط حضور أسقف إنطاكية أولا مما اضطر البابا كيرلس إلى إعلان افتتاح المجمع وانتهي المجمع إلى قرار بحرم نسطور وتجريده من اسقفيته ووضع مقدمة قانون الإيمان (نعظمك يا أم النور الحقيقيي ..... الخ )

أخيرا وفي يوم 27 يونية 431 وصل يوحنا الانطاكي والوفد المرافق له ولما قرأ قرارات المجمع غضب جدا ورفض الاعتراف بها فأسرع وعقد هو وواساقفته مجمع أخر حكم بإدانة كيرلس وتبرئة نسطور ولأن مندوب الإمبراطور كان نسطوريا فقد تواطأ مع يوحنا أسقف إنطاكية أرسل قرارات يوحنا إلى الإمبراطور دون قرارات كيرلس

قام مندوب الإمبراطور بفرض حصار شديد علي أعضاء المجمع حتى لا يتصل بقية أعضاء المجمع بالإمبراطور وابلاغه بالقرارات الصحيحة .فقام الأباء بإحضار شخص والبسوه ملابس شحاذ وامسكوه في يده عصا مفرغة من الداخل بها قرارات المجمع الصحيحة وبذلك افلت من الحصار ووصل إلى الإمبراطور

استمر نسطور واتباعه في خداع الإمبراطور وإيهامه أن القرارات الأولى هي القرارات الصحيحة فطلب الإمبراطور باستدعاء ثمانية من أعضاء الفريقين واجتمع الجميع في مدينة خلقدونية وبعد مباحثات طويلة اقتنع الإمبراطور بصحة قرارات كيرلس فأمر بتبرئته وإدانة نسطور
استمر الخلاف والمراسلات بين البابا كيرلس ويوحنا أسقف إنطاكية حتى تم الاتفاق بينهما في عام 433 "أي بعد ستنين من مجمع افسس"

أيامه الأخيرة ونياحته :-
وقضي القديس كيرلس أيامه الأخيرة في الكتابة والتأليف وتعليم الشعب حتى تنيح بسلام في 3 أبيب 160 للشهداء الموافق 10 يوليو 444 م عن عمر يناهز حوالي 69 عاما قضي منها حوالي 32 عاما بطريركا ومازالت رفاته محفوظة في الكنيسة المرقسية الكبرى بالإسكندرية ؛ صلاته فلتكن معنا أمين

لمحة مختصرة عن القداس الكيرلسي

1- من حيث المبدأ صلوات كل من القداس الباسيلي والقداس الكيرلسي موجهة للله الأب بينما صلوات القداس الغريغوري موجهة لله الابن

2-
من حيث المبدأ أيضا صلوات القداس الغريغوري تتم في الأعياد السيدية الكبرى وصلوات القداس الكيرلسي تتم في آحاد الصوم الكبير بينما صلوات القداس الباسيلي تتم طوال السنة نظرا لسهولة ألحانها واختصارها .
3- القداس الكيرلسي وضعه القديس مرقس الرسول بنفسه باللغة اليونانية في القرن الأول الميلادي .

4- ظل يسلم شفاها حتى قام البابا اثناسيوس الرسولي بتدوينه علي الورق وذلك عام 330

5- وفي عصر البابا كيرلس الكبير فكر في إطالة القداس المرقسى فاضاف أليه بعض الصلوات والاواشي ومنذ ذلك الحين تسمي باسمه وصار يعرف بالقداس الكيرلسي

6- ترجم القداس الكيرلسي بعد ذلك الي اللغة القبطية ثم ترجم الي اللغة العربية في القرن العاشر الميلادي .

7- يمتاز القداس الكيرلسي بكثرة اواشيه وتنوعها فهو يحتوي علي 17 اوشية بخلاف المجمع والترحيم .بينما القداس الباسيلي يحتوي علي 7 اواشي والقداس الغريغوري يحتوي علي 10 اواشي فقط .

8- يختلف ترتيب القداس الكيرلسي عن ترتيب القداس الباسيلي والغريغوري في انه يضع صلوات التقديس والرشومات في نهاية القداس بعد الاواشي والمجمع مراعاة للتدرج في مشاعر الصلاة شيئا فشيئا حتى يصل الي قمة الروحانية مع صلوات التقديس ثم التناول من الأسرار المقدسة .

9- بدأت بعض محاولات من بعض الكهنة لتطبيع القداس الكيرلسي علي القداس الباسيلي بجعل الاواشي والمجمع بعد صلوات التقديس والرشومات مع حذف الكثير من الاواشي الطويلة كالراقدين والمسافرين بحجة أنها قيلت في صلوات رفع بخور باكر وعشية

10- للأسف الشديد ضاعت معظم الحان القداس الكيرلسي لقلة استعماله ومن يصلي به اليوم فهو يصليه بلحن غير ثابت وبدون تسليم .
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter