الأقباط متحدون - حتى ولو الأفكار هشة
أخر تحديث ٢٢:٥١ | السبت ١٢ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٥ | العدد ٣٢٤٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حتى ولو الأفكار هشة

بقلم : د. رأفت جندى 
 
ذهبت للعزاء في مريضتي "مارى" التي تعدت السبعين عاما وقت وفاتها، وصلت للمكان قبل انتهاء المراسم الدينية في الصلاة على المنوفية وكان أبناؤها يلقون كلمة لتأبين والدتهم.
ارسلت من خلال بعض العاملين في المكان اطلب أن ألقى كلمة على الحاضرين، ووصل الطلب للقس القائم على المكان أو راعى المكان فقام بإعلان المعزين ان طبيب مارى يطلب أن يقول كلمة. 
كنت اعرف هذه المريضة منذ حوالي سبعة أعوام وكانت مصابة بمرض السكر منذ سنوات طويلة قبلها وكان قد تم بتر احد ساقيها بسبب غرغرينة إصابتها، وكان ما يميز هذه المريضة إنها دائما مبتسمة وكانت تمزح معي في كل زيارة قائلة متى ستصلح لى رجلي؟ ولقد أتت لي هذه المريضة ذات يوم ومعها أوراق كشف طبى للعمل كمتطوعة في إحدى المستشفيات في محل بيع الهدايا وأبديت تحفظي طالبا لها أن يكون المكان والوضع مناسب بالنسبة بسبب إعاقتها. 
وعند كلمتي في الجنازة وبسبب إحساسي إنني في مكان عبادة أو كنيسة، بدأت كلامي "باسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد"، ثم قلت للحاضرين كيف كانت مريضتي مارى متوهجة ومبتسمة دائما بالرغم من إعاقتها! ورويت لهم كيف كانت تفكر في الآخرين بالرغم مما بها! وكيف كانت تريد أن تخدم بدلا من أن ُتخدم بسبب بتر رجلها! ولم استرسل كثيرا في الحديث وأنهيته بطلب من روحها أن تقدم صلاة لنا جميعا أمام عرش الله.
بعد نزولي من المنبر امتدحني راعى الكنيسة وقال انه لأول مرة في خلال خدمته يأتي طبيب المتوفى لوداعه بل وامتدح ما قلته وطلب من الحاضرين تحيتي، فصفقوا.  
غادرت بعدها المكان على عجل لكى لا أتأخر أكثر من هذا على المرضى المنتظرين بالعيادة ولفت نظري وأنا أغادر المكان أن عنوان القاعة التي كانت بها هذه الصلاة تسمى "كينجدم هول" وهو لمن لا يعرف مكان شهود يهوه وهم الجماعة المنحرفة عن الإيمان المسيحي.
راجعت بيني وبين نفسي ما قلته في حديثي فوجدت أن بعضه يتعارض مع أفكار وعقيدة هذه الجماعة بدءا من بدايتي باسم الثالوث القدوس الإله الواحد، وانتهاء بكون المنوفية في السماء، وأيضا طلبتي من روحها أن ترفع صلاة بالنيابة عن الحاضرين.
تذكرت بعدها كيف أن راعى المكان لم يعلق على اى كلمة قلتها تتعارض مع عقيدته التي يبشر بها، بل قال كلام استحسان لى بصفتي طبيب ترك عيادته لكى يودع مريضته
كان هؤلاء المجتمعون من المجتمع الغربى، فقلت لنفسي كيف كان سيكون الأمر لو كان هؤلاء شرقيين أيا كان ايمانهم او عقيدتهم؟   
هل كان سيُسمح لى بالحديث بدون ان يعرفوا هويتي؟ هل كانوا سيطلبون منى ان يعرفوا ما سوف أقوله قبل ان أتفوه به؟ هل كان راعى المكان او أحد الحاضرين سيقاطعنى، او سيقف راعى المكان بعدها لكى يصلح للحاضرين ما تفوهت به بما يعارض عقيدته؟
هل كان سيخشى من ان يمدحني بهذه الطريقة حتى لا يظن البعض انه يمدح ما قلته من مخالفة لعقيدته؟
  عقيدة شهود يهوه وأيضا المورمون وكذلك بعض من السبتيين يتفقون على انكار لاهوت السيد المسيح، وهذه العقائد هشة في رأيي، ولا اذكر أن أحد منهم استطاع ان يجادلني ويكسبني عندما يمرون على باب البيت وفى الشوارع وفى أماكن كثيرة أخرى اتقابل معهم، بل حدث انى تناقشت مع بعض الكبار المتعمقين منهم واظهرت لهم لاهوت السيد المسيح في كل ما تفوه به يسوع وكانوا يغلقون كتبهم بعد كل نقاش ويمضوا، ولكن أيضا لم يكن أحد منهم عنيفا أو متطاولا. 
اتعجب كيف تصرف اصحاب هذه العقيدة الهشة بهذا التحضر والرقى والمعقولية، ولم يقاطعونى ولا حاولوا ان ينفوا ما قلته خوفا على اتباعهم؟ 
هل هو الفرق بين الشخصية الشرقية والغربية حتى ولو كانت الأفكار هشة؟ 
ما رائيك عزيزي القارئ؟ 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter