بقلم: مينا نبيل فرنسيس
أبياتًا رائعة قالها الشاعر العراقي المبدع الأستاذ كريم العراقي، برأيي أنها أوسع وأكبر من مجرد كلمات يتغزل بها إنسانٌ عاشق لوطنه المكلوم الرازح تحت وطأة الهموم والأحزان.. فقال:
الشمسُ شمسي والعراقُ عراقي
ما غيَّرَ الدخلاءُ من أخلاقي
وخزَ الحصارُ على جميعِ أصابعي.. فتفجَّرَ الإبداعُ من أعماقي..
بهذي الكلمات الناضجة قدَّم لنا الأستاذ كريم العراقي مفهومًا مختلفًا لفكرة الحرية!! فالحرية ليست فقط أن يفعل الإنسان ما يراهُ وعن قناعةٍ تامة صالحًا لنفسه وغير ضار بالآخرين ولا يتعدى على حُرمة خصوصياتهم سواءً الفكرية أو الحياتية أو النفسية أو الجسدية.. إلخ، وليست فقط أن تكون جميع تعاملاتي ومحيط وأطر حياتي نابعة من تحرري من أي قيود مفروضة عليَّ من أي نوع سواءً داخلية أو خارجية.. بل إن الحرية وبمعناها الأكثر شمولاً وتفتحًا هي أن أكون ووسط كلِّ ما يُفرض عليَّ من أحداث لا ناقة لي فيها ولا جمل، مبدعًا متألقًا، لا يُزيدني أي دخيل على مجتمعي أو ثقافتي أو حياتي، إلا إصرارًا على البحث عن نوافذ الإبداع والابتكار الخلاقة التي أنا كإنسان إنما وُلدتُ بها..
ومعروفٌ عن المصري على وجه الخصوص.. أنه لا يُخرج من معدنهِ الصلب المتميز إلا في وقت الشدائد فيُبهر به الآخرين.. ومن هنا؛ أود أن أقدم اعتذاري باسم الحرية الحقيقية، لكل من أضرهم الجاهلون والغافلون عن التطبيق العملي لروح الحرية..
ولجميع النساء أقولُ.. سيدتي؛ أعتذر لكِ نيابة عن كل من أهدر حقا من حقوقك، وأعتذر عن كل ما تتعرضين له يوميًا من مضايقات تخدش حياءكِ وأنوثتكِ، وتلوث أفكارك تجاه الرجل الشرقي، ومفهومه عن الحرية..
فالحرية ليست أن أغتصب ما ليس من حقي لأني قوي.. بل إن هذا هو قمة الضعف..
فمن بعض الأمثلة اليومية من واقع مجتمعنا على سبيل المثال لا الحصر التي أقول فيها: "الحرية ليست":
- الحرية ليست أن يرفع سائقوا المواصلات بأنواعها صوت الكاسيت أو الراديو بأعلى ما يكون..
- الحرية ليست أن أزعج جيراني بصوتي العالي وبصوت الأغاني الصاخبة..
- الحرية ليست أن أستمع سواء للأغاني أو الأدعية الدينية بصوت مرتفع عند استقلالي أيًا من المواصلات..
- الحرية ليست أن ألقي بالقمامة في الشوارع..
- الحرية ليست أن أفرض سطوتي لا على حبيتي أو أحبائي أو من هم تحت أمرتي.
وهذا طبعًا ليس إلا جزءًا صغيرًا من مفهوم الحرية الخاطيء الشائع لدى كثيرين منا، فالحرية ليست إلا نفسًا محررة من القيود النفسية والأفكار المغلوطة، الحرية ليست إلا حسًا إنسانيًا يقدر ويحترم الآخرين ومن هنا ينبع الإبداع الداخلي.. الحرية قوة داخلية تحرك الإنسان عندما تُفرض عليه قيود خارجية لأن يبقى كما هو بل يزداد فهمًا وعطاءًا ونضوجًا..
الحرية هي ردة الفعل الناتجة عن التمتع بالمحبة السماوية..
وختامًا.. كل عام وأقباط مصر مسيحيوها ومسلموها بخير وسلام.. فالحرية سلام لا إرغام.