عندما تصرف الـ«إم بى سى» على مسلسلاتها مليار دولار هى حرة، حتى لو أحرقت هذا البنكنوت فى ميدان عام، إحنا مالنا؟ ده مش مالنا! لكن عندما تهدر مدينة الإنتاج «قرش صاغ» فى غير موضعه فهى ليست مدينة حرة، واحنا مالنا وستين مالنا لأن دى حكومة وتابعة للحكومة وفلوسها هى فلوسنا، فما بالك إذا كان الإهدار قد تعدى القرش صاغ ووصل إلى الـ27 مليون جنيه!
مسلسل «أهل إسكندرية» تكلف إنتاجه هذا الرقم وما زال راقداً كالجثة ترفضه القنوات وتلفظه الفضائيات وابتعد عن السباق الرمضانى وتورتته الإعلانية ويا عالم من سيشتريه فى المواسم المضروبة المقبلة الخالية من دسم الإعلانات! قصة ملاحقة الأمن ومحلب شخصياً لهذا المسلسل أعتقد أنها قصة فيها مبالغة شديدة ومحاولة خايبة ومفقوسة للهروب من تهمة إهدار المال العام بإلقاء التهمة على الداخلية والحكومة والرئيس وممكن الوصول إلى اتهام القوى الصهيونية العالمية بالوقوف فى وجه المسلسل، فقد قدمت الدراما والسينما المصرية نماذج لضباط شرطة فاسدين ومرت وتركت بصمة وكانت أكثر فنية وجاذبية وخلوداً من هذا النموذج، ولنتذكر فقط أحمد زكى فى «زوجة رجل مهم» ولنتذكر فيلم «ليل وقضبان» و«هى فوضى»... إلخ،
القصة ببساطة أن المدينة فشلت فى تسويقه وأن الكاستنج أو بطل المسلسل بالذات عمرو واكد انقرض جمهوره بل صار طارداً للجمهور، وبالطبع لن يأتى معلن انتحارى لكى يعلن عن منتجه أثناء مسلسل بطولة عمرو واكد. تأكدت من هذا الكلام عندما حضرت بالصدفة جلسة تفاوض تسويقية منذ عدة شهور حول هذا المسلسل فى إحدى الفضائيات، وكانت الإجابة واضحة على وجه مسئول الفضائية الخاصة عندما سمع اسم بطل المسلسل وكان رده: «وده مين اللى حيتفرج عليه ده فى وسط عادل إمام والفخرانى ومحمود عبدالعزيز وأحمد مكى... إلخ؟!»، المهم فى هذه المسألة السربعة التى تعاملت بها مدينة الإنتاج مع المسلسل وتجاوز جميع القواعد والأعراف التى تنفذها بدقة وروتين مع كل المسلسلات. والغريب أنها تساهلت وفرطت فيها مع هذا المسلسل الذى كان اسمه الأصلى «الدار أمان»، ومن ذلك أن لجنة القراءة لم تكن قد انتهت من قراءة المسلسل وبعضهم لم يكن قد وصله إلا خمس حلقات فقط، والسؤال: كيف انتهى تصوير المسلسل دون رأى لجنة القراءة وأيضاً دون رأى الرقابة اللتين تصر مدينة الإنتاج على عدم تجاوزهما؟!
ولو كتبت لجنة القراءة أو الرقابة ملاحظات بعد ما انتهى التصوير وقبض الممثلون فلوسهم ماذا ستفعل مدينة الإنتاج؟ ألا يُعد هذا إهداراً للمال العام؟ ثم نأتى إلى المهم وهو تقييم أجور الممثلين التى من المفروض أن تتم حسب أجور السوق، كيف يأخذ ممثل ثلاثه ملايين جنيه بينما كان آخر أجر له مليون؟! وكيف لممثلة كان آخر أجر لها 700 ألف فنجدها بقدرة قادر اقتربت من الاتنين مليون؟!، نريد معرفة هذا النزيف وهذا الإهدار فى زمن تطالبنا فيه الحكومة بشد الحزام على البطون الخاوية والتبرع بالقرش والمليم من مرتبات المصريين الهزيلة، هل هذا إهدار مال عام أم تضميد لجراح عمرو واكد الفنية بـ27 مليون جنيه على قفانا المنهك صفعاً وضرباً وأختاماً ونهشاً.
نقلا عن الوطن