بقلم: ماريانا يوسف
دخلت مصر مؤخرًا موسوعة ﭽينيس برقم جديد سجله 5 آلاف طفل مصري بتشكيل ظلاً للهرم الأكبر على الأرض احتفالاً بيوم اليتيم العربي ولجعله احتفالاً عالميًا، متجاوزة الرقم القياسي السابق له الذي حققته ﺑﻟﭽيكا بفارق 4 آلاف طفل.
حقًا، سعدت بهذا الرقم الذي حققته مصر لتدخل به موسوعة ﭽينيس، رغم إني أرى أنها حققته في أكثر من مجال آخر ولكنها لم تحصل على تلك الأرقام؛ فأرى أن مصر من حقها أن تحصل على رقمًا قياسيًا في كم الفساد المتفشي في المجتمع المصري... فكم رجلاً من رجال الأعمال ومن رجال الحكومة حاملي المناصب العليا وكذلك صغار الموظفين، المتهمون بعمليات فساد وغيرهم كثيرين، لم يفتضح أمرهم بعد؟ فإذا أردت مثلاً أن تنهي أي مهمة لك في أي مصلحة حكومية، لابد أن تقوم في الغالب بتقديم رشوة تتفاوت في مقدارها وكمها حسب المهمة المتطلب إنهائها.
ومن جهة أخرى، فمن حق مصر الحصول على أكبر رقم قياسي في بناء هرم "الزبالة"! فكما أن المصريين القدماء نجحوا في بناء 3 أهرامات عظيمة من الحجارة، نجح أطفالهم أخيرًا في تحقيق رقم قياسي في ظل الهرم. فإن المصريين المعاصريين نجحوا كذلك في تحقيق مئات الأرقام القياسية في بناء ملايين الأهرامات من القمامة والمخلفات، فلا تجد شارعًا أو زاوية أو حارة مصرية خالية من لمسة المصريين في بناء هرم من القمامة.
هذا بخلاف أهم رقم قياسي حصل عليه المصريين حتى الآن وهو الرقم القياسي في "الصمت"؛ فالمصريين هم أكثر الشعوب تصمت عن حقها تأكل خضروات مسرطنة أو مروية بمياه الصرف الصحي ولا يعترضوا، تعدل عليهم القوانين التي تطبق عليهم دون الرجوع إليهم وهم صامتون، تفرض عليهم ضرائب متعددة الاسماء ولا تسمع لهم حسًا، تُسرق أعضائهم، يموتون جوعًا أو غرقًا أو فقرًا أو تحت الأنقاض... وهم مازالوا محافظون على صمتهم لا ينطقون! فلا تسمع للمصريين صوتًا في الدفاع عن حقوقهم سوى أولئك القلة التي "تتهور" وتندفع وتقوم بمظاهرات واضرابات واعتصامات اعتراضًا على ما يجري لهم، أما باقي الشعب "فلا يتكلم" وكأنه مقطوع اللسان، وإن سمعت له صوتًا فيكون قاصرًا على التشجيع بمباريات كرة القدم أو "الخناقات" في الطوابير...
وعلى ذكر "الطوابير"، كنت سأنسى أن أذكر لكم هذا الرقم القياسي الذي حصل عليه المصريين؛ فمن طابور "العيش" لطابور "البوتاجاز" لطابور المصالح الحكومية وهلم جرى... وفي انتظار المزيد من الطوابير بل من الأرقام القياسية لعل مصر تحصد جميع الأرقام القياسية بموسوعة ﭽينيس.
وإن كنت أتمنى ـ وغير بعيد على ربنا ـ أن نصل في يوم من الأيام إلى مقدار العلم والتكنولوﭽيا والتقدم في جميع المجالات المطلوب فقط، من وجهة نظري، وهي الإرادة القوية من الشعب، الشفافية من الحكومة، إفساح الطريق للعلماء و المبدعين والشرفاء... ولا عزاء لموسوعة ﭽينيس.