الأقباط متحدون - معنى الغفران
أخر تحديث ٠٤:٠٠ | الاربعاء ٢ يوليو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٢٣٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

معنى الغفران

دكتور وجدى ثابت غبريال
ان تغفر الاساءة لمن يطلب الغفران بنية صادقة و باخلاص فهذا من التعاليم المسيحية البديهيه
و لكن الامور ليست دائما بهذا الوضوح و البساطه . لان فردية و غطرسة و تبجح البعض فى إقتضاء الغفران  تحوله الى "حق مكتسب " او تصريح بالاساءة المتكرره او نوع من الاستهتار و اللامبالاة فى حق الاخر الذى نقتضى منه ان يغفر كل ما وقع به من ضرر امس و الان و الى الابد !

وهكذا نخلق من الفكرة الانسانيه و الروحيه الساميه سببا للافساد و التجنى  المتواصل على الاخرين. و يبلغ طلب الصفح ادنى درجات الدونية عندما يكون باعثه الوحيد اراحة الضمير  الفردى و تخديره او تلقى نوعا من الحل و المباركة للاستمرار فى ذات الغى و المكابرة.

و الاصل ان طلب الغفران او الصفح هو فض لدين و كسر له. و يتعين معه الاعتراف الكامل بما صنعنا فى حق الاخر و تفسيره و قول الحقيقه عن بواعثه. لا غفران لمتكبر جاحد لا يعترف بجرمه و لا يقر بوزره و بما احدثه فى الابرياء من الم و ضرر . لا صفح و لا عفو يمنح لمن يعبث بالغفران ليزداد غيا و يريح ضميره الذى يؤرقه حتى يستمر فى الاستهتار و المراوغة و الكذب و "استغفال" الابرياء اصحاب الطوية الحسنه و النوايا الطيبه.
ما ينطبق على العلاقات الخاصه ينطبق ايضا على العلاقات السياسية لان فكرة الحق و العدل واحده فى مفهومها المجرد. و لها ذات المضمون و المبدأ. فالمثل الذى يعطى لجنوب افريقيا فى المصالحة بين القوى الوطنية يغفل ان من قادوا السياسة العنصرية اعترفوا بجرائمهم و باخطائهم الجسيمه و تعهدوا بعدم تكرارها مع وجود ضمانات قانونية و دستورية تمنع تكرار الظلم من جديد.

ان اقصاء شخص مؤذى و مدمر لك من حياتك يعادل تماما اقصاء جماعة مؤذية و مدمرة من حياة الامة. المقصود فى الحالتين واحد : تحييد العنصر المسبب للضرر و المؤذى ، تجنب المضر و اضراره ، تفادى الاذى و العدوان، الابتعاد عن الخديعة و الكذب و الغش و التلاعب .

اما و ان تعطى امريكا دروسا لنا لاشراك ارهابيين قتلة فى الحياة السياسية البرلمانية المقبلة، بينما يقوم نظامها الجنائي كله على نوع بدائي من التجريم التحوطى السباق، فهذا هزل ما بعده هزل. و الغريب ان احدأ لا يرد على هذا الهزل منتقدا نظامهم كما ينتقدون هم انظمة العالم التى لا تحقق مصالحهم الضيقه . المصالحة وطنية كانت ام شخصية ، قومية كانت ام خاصة ، تقوم على اخلاص النوايا و الاعتراف بالخطأ كاملا و ذكر التعدى و الندم على ارتكابه و القناعة بان التردى فى هذا المستنقع لا يجدى معه الكبرياء الاجوف و الزهو الزائف أو وضع غطاء عليه لاخفائه . ذلك انه ليس بخفى الا و يعلن و لا مكتوم الا و يستعلن.
 و الكلام لك يا جار و لو عامل ....

كلية الحقوق و العلوم السياسية
جامعة لاروشيل- الجمهورية الفرنسية


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter