الأقباط متحدون - أنور وجدي كمساري على خط مصر
أخر تحديث ٠٤:٣٥ | الخميس ٢٦ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ١٩ | العدد ٣٢٣٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أنور وجدي كمساري على خط مصر

علي سالم
علي سالم

هل أنا حقا أكتب عن الماضي، أم هي حيلة لجأ إليها اللاوعي عندي لإرغامي على الكتابة عن الحاضر، مستخدما الماضي كإطار أكثر عذوبة، لكي يغري قرائي بفهم أعمق وأشمل لما أقول؟ باختصار، يبدو أنني اخترت هذه الصفحات من الماضي لأتحدث فيها عن أشياء تنقصني في الحاضر. الحاضر يا سادة هو كل ما يملك البشر، والمستقبل لا نعرف عنه شيئا، والماضي «سيبه في حاله.. الماضي إحنا مالنا وماله» ولذلك صدقني عندما أقول لك، إن كل لقطة من الماضي عندي، المقصود بها رسم صورة حقيقية للحاضر.

تكلمنا عن سائقين بوصفهما رمزين لأعلى درجات المسؤولية وهى قيادة أتوبيس امتلأ بالبشر (دعنا نكف عن استخدام كلمة أمنيبوس) وهو ما يستدعي أن نتكلم عن تراخيص قيادة السيارات في ذلك الوقت، هي تبدأ بملاكي خاص تتيح لك أن تقود سيارتك الملاكي فقط، ثم أجرة تتيح لك قيادة تاكسي، ثم عمومي وهي تضيف إلى ما سبق عربات النقل.. فماذا عن الأتوبيس؟

رخصة قيادة أتوبيس منفصلة ولا صلة لها بكل هذه الترخيصات، هي ليست امتدادا لها، ولذلك يعقد لها اختبار خاص ليس لاختبار قدرتك على قيادة السيارة، بل للتأكد من تحضرك وسلامة جهازك النفسي، فبعد لحظات ستكون مسؤولا عن سلامة عدد كبير من البشر. قيادة الأتوبيس هنا ليست مهنة، بل هي وظيفة قيادية معتبرة، ومكانة تحظى باحترام المجتمع والناس. كان من المستحيل في ذلك الوقت أن نسمع عن حادث وقع لأتوبيس سياحي من ذلك النوع الذي نقرأ عنه كل يوم هذه الأيام، وفي الخناقات بين سائقي الأجرة كان من الطبيعي أن يقول أحدهم بانفعال: «هو أنت معاك رخصة أتوبيس يا أخي؟.. ده فاكر إن معاه رخصة أتوبيس». ولذلك أيضا كان من الطبيعي أن يقام حفل للسائق في منطقته بمناسبة حصوله على رخصة أتوبيس. في هذا الوقت كان مرتبه في اليوم 23 قرشا ثم تضاف معونة الغلاء إلى المرتب + مرتب شهر دون معونة غلاء. احسبها حضرتك، فقد تكتشف أن قدرة مرتبه الشرائية تعادل الآن رؤساء البنوك فقط.
هذا عن سائق الأتوبيس بوجه عام، ماذا عن الخطوط المتميزة.. دمياط مصر مثلا؟

هنا يظهر السائق النجم والكمساري النجم، والله كان يوجد على هذا الخط كمسارية يمكن مقارنتهم فقط بأنور وجدي، هنا يشاهد الراكب ليس سائقا بل باشا.. باشا له حضور وهيبة. قد تسألني: هل عملت على هذا الخط؟

وأرد عليك: هي عيّلت؟.. من الممكن أن أكون مقنعا ككمساري لراكب غلبان يركب من قرية البصارطة إلى قرية الخياطة، ولكن خط مصر؟!
انتقل الآن إلى نظام الرقابة، وهو نظام صارم غير أنه مرن. هناك مفتش المنطقة، ثم المفاجئ ومن حقه أن يصعد إلى سيارتك في أي مكان، ثم المباحث، نعم إدارة مباحث خاصة بالأتوبيس لا نعرف من هم، هم يركبون كأي راكب آخر ويراقبون سلوك السائق والكمساري ومفتشي الخط، وينتهي الأمر بوصول «تقرير مباحث» بما ارتكبته من أخطاء ولعل أشهرها هو «جامل راكبا فجعله يدفع قرشين فقط من مدينة الغوابين إلى الضهرة بينما الأجرة المستحقة هي ثلاثة».. بعد غد أواصل حديثي عن نظام الرقابة في الشركة.

نقلا عن الشرق الاوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع