الأقباط متحدون - التاريخ عِبرة وليس سكرة1-2
أخر تحديث ٠٤:٢٤ | الاربعاء ٢٥ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ١٨ | العدد ٣٢٣١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

التاريخ عِبرة وليس سكرة1-2

 بقلم : مينا ملاك عازر 

المتابع لسياق مقالاتي في هذا العامود يستطيع أن يدرك أنني طالما أخذت من التاريخ العِبرة، وقارنت وقرنت بين أحداث تحدث الآن وأخرى حدثت في الماضي، وطالما استشرفت المستقبل من بين ثنايا صفحات كتاب التاريخ لأتبين ما سيجري من المجريات.
ومن ثم، فلا غضاضة مطلقاً أن أسترجع أحداث وأستشهد بها لكن لا يمكنني أن أقرن ما لا يمكن مقارننته بأحداث تختلف عنها اختلافاً جوهرياً، إذ أن هذا يسمى لي لعنق الحقيقة، وكسر لعنق الأحداث لتطويعها لإتمام سياق تاريخي على مزاجي الشخصي، وهو ما أظنه فعله الكاتب المحترم جمال أبوالحسن في مقاله -عن المقاتل الذي خلع بزته العسكرية- حين قرن بين هزيمة الجيش العراقي أمام داعش وبين هزيمة الجيش المصري أمام إسرائيل في نكسة يونيو وهزيمة الجيوش العربية في نكبة 1948، وادعى أن كلهم يهربون خالعين بزتهم العسكرية، وساق الأسباب التي دعتهم للهروب، واسمحوا لي أن أفند الفرق بين هزيمة الجيش العراقي وهزيمتي الجيش المصري والجيوش العربية في ما يلي من سطور، وسأرجئ تفنيد أسبابه التي ساقها للمقال التالي بعون الله.
ادعى المحترم أبو الحسن أن الجيش المصري فر في النكسة، وهذه ليست حقيقة إذ  صدرت له الأومر بالانسحاب كلاً على مسؤوليته، والفرق شاسع أن ينفذ المقاتل أوامر قيادته التزاماً منه بتقاليد العسكرية وعرفها وقوانينها وهو ما يظهر جلياً بمقاتلي الجيش المصري وهو ما لم يفعله مقاتلي الجيش العراقي، إذ لم تصدر لهم قيادتهم العليا أوامر الانسحاب بل هم فروا من تلقاء انفسهم ولعلك عزيزي القارئ تلمس الفارق جلياً، لا داعي للتركيز عليه أكثر من هذا، كما أن البون شاسع بين مقاتلي داعش العصابات في تكوينها وبين جيش عسكري مدرب ومسلح بأعلى التقنيات والإمكانيات الغربية وقتذاك ومدعوم بخبراء يضعون له الخطط ويطورون من سلاحه.
أما البون الشاسع فيما بين هروب مقاتلي الجيش العراقي أمام مقاتلي داعش وبين هزيمة الجيوش االعربية السبعة أمام الجيش الإسرائيلي، فيما يسمونه النكبة، ففي مقارنة الحدثين وإقرانهم ببعضهما البعض غبن شديد على الجيوش العربية إذ لا وجه بين جيوش قاتلت فخذلهم حكامهم وقادتهم وجيوش فرت وتخلت عن سلاحها الفرق كبير بين مقاتلين تمت محاصرتهم في الفالوجة مثلاً مدة طويلة وكانوا رمزاً ومثالاً للصمود وبين مقاتلين سرعان ما تخففوا عن زيهم العسكري في أول منعطف عسكري تواجهوا فيه مع عدو يواجههم على هيئة عصابات متنوعة الجنسيات والأعراق والقيادات، وهذا يقودنا لبون هائل في ماهية من قاتلوهم الجيوش العربية في النكبة حين ادعى البعض أنها عصابات صهيونية، وهم في الحقيقة تدربوا في جيوش قاتلت في الحرب العالمية الثانية إذ لم يتدربوا فحسب بل قاتلوا واختبروا ميادين القتال ومسلحين بأفضل أدوات التسليح الحديثة، وبين أولائك المحتيمن بعربات فور باي فور، ومسلحين سلاح خفيف، وحقاً يطلق علهيم عصابات ومن حقك أن تعتبرها صهيونية إن أردت.
عزيزي القارئ، ألتقيك المقال القادم لنفند سوياً في احترام لكاتبنا الجليل ما إدعاه على جيوشنا من أسباب تقودها للفرار، وله منا كل تقدير إلى أن نلتقيه المقال القادم إن قرأ المقالين.
المختصر المفيد فلنأخذ من التاريخ كما هو ،ولا نغير فيه ليخدم سياقات نريدها.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter