عرض/ سامية عياد
تذخر الكنيسة على مدار تاريخها بشخصيات عديدة اهتمت بخدمة الفقراء ، بدءا من القديس بولس الذى اهتم باحتياجات الفقراء فى أورشليم ، الى القديس أيسيذورس السكندرى ، والقديس يوحنا ذهبى الفم ، والقديس أغسطينوس والمعلم إبراهيم الجوهرى ، وغيرهم كثيرين ، إلا أن الأنبا ابرآم يظل المثل الأقوى ويظل الأكثر شعبية فى مجال خدمة الفقراء بسبب بساطته وسخائه فى التوزيع ويبقى الأكثر حبا بين الخدام من جهة والفقراء والمحتاجين من جهة أخرى .

قال نيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا فى مقاله عن الأنبا ابرآم بمناسبة العيد المئوى له : لقد ألهب القديس الأنبا ابرآم قلوب عشرات الألوف من الخدام والخادمات وأفراد الشعب العاديين لحب الفقراء والدفاع عنهم ، فقد كان الفقراء شاغله الشاغل أحبهم من قلبه لدرجة أنه كان يعطى كل ما كان يصل الى يده غير متحسب لطارىء أو مفاجأة ونتساءل عن السبب الذى حرك قلبه نحو الفقراء هكذا وجعل قلبه يلتهب الى هذه الدرجة! هل سلمها له والداه؟ هل تأثر ببعض الفقراء فى بكور حياته؟ هل أدرك مبكرا أن ذلك يشفع فيه فى الملكوت؟

لقد كانت مقولته الشهيرة "لا خزنا ولا عوزنا" ويقصد أنه لم يخزن ومع ذلك لم يفتقر ، وإذا كان القديس الأنبا أنطونيوس قد قال "لا تبق أكثر من حاجتك، ولا تعطى أكثر من طاقتك" ، نجد الأنبا ابرآم يتجاوز الحدين فلم يبق إلا النادر اليسير وهو أقل من حاجته ، وفى المقابل أعطى أكثر من طاقته ، كان يعلم الأغنياء أيضا العطاء ومساعدة الفقراء فكان يأخذ من الواحد ليعطى الآخر.

ونظر لارتباط القديس الأنبا ابرآم بمحبة الفقراء وعمل الرحمة ، فقد اتخذته جميع الأسر والهيئات التى تعمل فى خدمة الفقراء والمحتاجين اسما وشفيعا ، ومرجعا ونموذجا للعطاء بغير حدود ، وبالطبع كل من يخدم الفقراء فهو محبوب ايضا لأن خدمة الفقراء تعكس قلبا محبا ممتلئا بالرحمة التى كانت لهذا القديس العظيم .

الأنبا ابرآم من أجمل ما وهبته السماء للأرض ، وهو فى المقابل من أجمل ما أهدته الأرض للسماء ، سيقف هؤلاء الفقراء والمحتاجين الذين خدمهم وأحبهم من قلبه صفوفا يشفعون فيه يوم الدينونة ، وهكذا يمكن لفضيلة واحدة أن تصنع قديسا عظيما ، وهكذا يمكن أن يخلص شخص من خلال أية أو من خلال فضيلة ما.