لا تحكم بل دع القانون يحكم بدولة المؤسسات
بقلم : أشرف عبد القادر
هذه هي الرسالة الرابعة والأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي،حيث كانت الرسالة الأولى خاصة بإصلاح التعليم،والرسالة الثانية خاصة باصلاح الإعلام،والرسالة الثالثة خاصة بإصلاح الإسلام وتجديد الخطاب الديني،أما هذه الرسالة فستكون عن الدور المنتظر من الرئيس السيسي.
سيدي الرئيس
منذ 24 قرناً،أراد شخص في أثينا أن يكون حاكماً للناس،فسأله آخر:كيف ستحكم الناس إذا وصلت إلى الحكم؟رد الرجل فقال:لن أحكم الناس،لأن القانون هو الذي سوف يحكم.
الرئيس في دول العالم المتقدم يقوم بدور وظيفي يستطيع أن يؤديه أي شخص ذا صفات تؤهله للحكم،لكن مؤسسات الدولة هي التي تدير الدولة،وتحافظ عليها من الشطط والإنحراف،فالكل يراقب الكل دون تدخل في شؤونه،تماماً كخلية النحل،هناك شفافية بين دواليب الدولة التي تعتمل ليل نهار،هناك فصل بين سلطات الدولة:التشريعية،والقضائية والتنفيذية،وأضيف لهم السلطة الرابعة سلطة الإعلام. ودور الرئيس هو الإشراف على عمل كل هذه السلطات بحيث لا تطغى ولا تتدخل سلطة في عمل الأخرى،أي أن الدولة تعمل كطائرة بدون طيار،بحيث أنه لو قدر الله واختفى الرئيس(بسبب مرض أو موت مفاجئ أو إغتيال)لا يختل نظام الدولة،لأن أجهزة الدولة تشتغل به وبدونه،لأنه يقوم بدور سيقوم به من سينتخب بعده،ليكمل المسيرة،أي أن الرئيس هو قائد للأوركستر الذي يقود الدولة دون أن يكون عازف أساسي على أي آلة من مؤسسات الدولة.
سيدى الرئيس
مصيبة العالم العربي والإسلامي أن الرئيس يضع كل السلطان بيده،ويتحكم في كل صغيرة وكبيرة في كل مفاصل الدولة فدوره بذلك مركزي،حيث كل السلطات بيده،ويكون اختفاءه مصيبة للدولة و نهاية لمشروعه حيث لا يستطيع أحد إكمال ما بدأه لأنه لا يعرفه. مثلاً مات الرئيس عبد الناصر ومشروعه معه،واغتيل الرئيس السادات ومشروعه معه،أما الرئيس مبارك فلم يترك لنا مشروعاً أصلاً حتى نكمله،وهذا هو سر هذا التخبط الذي نحن بصدده،لأن الجيل القديم لم يترك للجيل الجديد خطة ثابتة واضحة لإكمالها،فرجاء لا تضع كل مؤسسات الدولة تحت سيطرتك،واستدع ذوي الخبرة والكفاءات في كل مجال،ودع الجميع يعمل كل في مجال تخصصه دون تدخل مباشر منك،وتابع نتائج كل مؤسسة وهيئة بدقة،فلتكن رقيباً مخلصاً على تنفيذ القوانين التي ارتضاها الشعب وصوت عليها، حريصاً على تطبيقها على الكبير والصغير،حيث مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات مطبق على جميع المواطنين،فدولة المواطنة هي الدولة التي لا تفرق بين أبنائها على أساس العرق أو الدين، فالناس سواسية كأسنان المشط.
سيدى الرئيس
" لا خاب من استشار"هذه الحكمة يجب أن تكون نصب عينيك،أكبر مصائب الحكام العرب آتية من سؤ اتخاذ القرار،فقرارات معظم الرؤساء العرب انفعالية وليست عقلانية،فعقل الإنسان مقسم إلى ثلاثة أجزاء:عقل غريزي،وعقل انفعالي وعقل معرفي،في الجزئين الأوليين نتشارك فيهما مع الحيوان،أما تميزنا كبشر فهو باستخدام العقل المعرفي.
سأضرب بعض الأمثلة عن بعض القرارات الإنفعالية(=غير محسوبة العواقب والكارثية)للرؤساء العرب،اتهم حزب البعث في سوريا الرئيس عبد الناصر بأنه يسمح للسفن الإسرائيلية بالمرور من مضايق تيران،بناء على اتفاقية سرية بينهما،فما كان من عبد الناصر ،ثأراً لكرامته الجريحة،إلا أن اتخذ قراراً انفعالياً ليكذب ذلك،فأغلق المضايق أمام السفن الإسرائيلية ،مما اعتبرته الدولة العبرية بمثابة إعلان حرب عليها، فسددت له قاصمة الظهور نكسة 67،التي مازلنا لم نتخلص من آثارها النفسية والعملية حتى الآن،والتي ضاعت فيها باقي فلسطين،وسيناء المصرية،وهضبة الجولان.
حسن نصر الله أحرق لبنان من أجل جنديين إسرائيليين،أيضاً بقرار انفعالي غير محسوب العواقب مما عاد بلبنان عشرات السنين إلى الوراء لبناء ما تم هدمه من البنى التحتية،ثم عاد نصر الله واعترف بخطأه عن فعلته هذه، وقال:" لو كنت أعلم حجم كل هذا الدمار ما أقدمت على خطف الجنديين الإسرائيليين"،ولكن بعد خراب لبنان.
البعض الآخر من الحكام يتخذون قرارته المصيرية في الأحلام،صدام حسين غزا الكويت بعد رؤيا (=حلم) رآها وهو نائم،ونحن نعلم نتائج حرب الخليج الأولى والثانية الكارثية،التي حلت بالعراق والشرق الأوسط كله بسبب غزوه للكويت؛حكام طهران كأحمدي نجاد وعلي خامنئي على اتصال دائم بالإمام الغائب ليساعدهم في حل مشاكلهم ومساعدتهم في أخذ القرارات المصيرية. بمثل هذه الطريقة الهاذية يُصنع القرار في شرقنا التعيس، وعواقب هذه القرارات الانفعالية الهاذية كارثية علينا وعلى مجتمعاتنا وعلى مستقبلنا.
سيدي الرئيس
القرار في دول العالم المتقدم يؤخذ في المعاهد العلمية المتخصصة،ويشارك فيها الكمبيوتر، لأنه محايد لا يعرف العواطف ولا حزب اليمين ولا اليسار،بل يتخذ القرار بحيادية تامة و بمنطق الربح والخسارة،فعليك بإنشاء معاهد عملية متخصصة وبالكمبيوتر لإتخاذ قرارت سليمة،بعيدة عن الإنفعال أو أضغاث الأحلام.
المهمة ثقيلة وأثقل من أن يحملها فرد وحده،فشارك الجميع في اتخاذ قرارتك،وابتعد عن بطانة السؤ التي ستزين لك كل كلماتك وقراراتك على أنها عبقرية،رحب بالنقد أكثر من المدح.وفقك الله ورعاك وسدد على الدوام خطاك،وعاشت مصر حرة أبية.
رجاء يا سيادة الرئيس
أرجو أن تصدر قرار فورياً بعودة برنامج"البرنامج"للإعلامي الشهير باسم يوسف،لأن الآلة الإعلامية الإخوانية والغربية تتخذ من وقف البرنامج ذريعة للهجوم عليك وعلى نظامك،كما أنه من غير المعقول أن لا يمنع البرنامج في عهد الإخوان المتأسلمين،ويمنع في عهدك أنت،لأن النظام الذي يخاف من برنامج،مهما كان،يكون نظام ضعيف،وأنت والحمد لله قوي و تتمتع بشعبية جارفة وغالبية المصرين يحبوك ويثقون فيك،فالقافلة تسير والكلاب تنبح.
ashraff3@hotmail.fr