وهل هناك دروس يمكن ان نتعلمها جميعا ؟

بقلم : صبحي فؤاد
اذكر عقب تولى الرئيس السابق حسنى مبارك مهام منصبه كرئيس للجمهورية انه كان يرفض النفاق ولا يقبل مسخ الجوخ والتملق ولا يطيق المحسوبية او الوساطة او الفساد ولذلك كان يطلقون على بداية عهدة " الطهارة ".

كان الرجل مخلصا جدا لشعبه ووطنه نظيف اليد يعمل بهمة ونشاط واخلاص صباحا ومساءا ..يزور المصانع والمشاريع الكبرى والصغرى لكى يتعرف بنفسه على سيرها وما حققته من تقدم ونجاح.

فى اختصار كان ارئيس مبارك فى بداية عهده مثال جيد وقدوة طيبة فى افعاله وكلماته ولكن مع مرور الوقت والسنوات بدأنا  نسمع عن تلقى اولاده وخاصة ابنه علاء العمولات الضخمة والهدايا الثمينة من اصحاب الاعمال والمستثمرين حتى يتركهم فى حالهم او لكى يحصلوا على موافقة جهات الاختصاص لتنفيذ مشاريعهم ..سمعنا ان واحد من كبار رجال الاعمال ذهب اليه يشكى من فساد اولاده فما كان من مبارك الا ان قال له : "اعتبرهم زى اولادك". !!

سمعنا عن دخول ابنه علاء مشاركة مع رجال الاعمال فى مشاريعهم بدون ان يساهم من اموالة بمليم واحد وسمعنا عن ابنه الاخر حكايات وحكايات ومع هذا لم يكلف خاطره بالتحقيق فيما كان ينسب من فساد لاولاده  او حتى اصدار بيان رسمى ينكر ما كان ينسي اليهما من اعمال غير مشروعة او قانونية.

وطبعا كلنا نعرف كيف كان حال نظام الرئيس السابق مبارك فى سنواته الاخيرة وكيف انه كان يعيش فى عالمه الخاص لدرجة اننى سمعت من واحد كان يعمل داخل الحلقة القريبة منه انه كان "مغيبا تماما لايعرف ما كان يجرى فى البلد ولا كيف كانت الناس تعانى الامرين من البطالة والفقر وغلاء المعيشة " .

وسؤالى هنا : كيف تحول مبارك من رجل نظيف اليد طاهرا لا يطيق الفساد او المحسوبية الى رجل اخر يدافع عن الفساد ويعيش معه برضا وقناعة ؟ ما الذى غير مبارك وحوله من رجل طاهر شريف الى رجل متهم حاليا بنهب وسلب البلد وخيراتها هو واولاده والشله المحظوظة التى كانت تحيط به ؟ وهل هو وحدة المسئول ام ان هناك اخرين من ضمنهم انا وانت وهى وهو ..يعنى كلنا كنا مسئولين ؟
فى اعتقادى الشخصى اننا كلنا يجب ان نتحمل مسئولية ما حدث فى عهد مبارك سواء كانت مسئولية مباشرة بالمشاركة او مسئولية غير مباشرة بالتزام الصمت والسلبية ولكن الجزء الاكبر بكل تأكيد يجب ان يتحمله اعضاء الفريق الذين كانوا يعملون معه من مستشارين ومساعدين ومعاونين وغيرهم لان الضمير والمسئولية الاخلاقية والقانونية كانت تحتم عليهم توجيهه ونصحه واطلاعه بصدق وامانة بما كان يحدث وقتها من فساد فى البلد .. بجانب هؤلاء يجب ان يتحمل نساء ورجال الاعلام المصرى جزءا كبيرا من المسئولية لانهم صنعوا باقلامهم ونفاقهم من الرجل اّلها طاغية مستبد لا يطيق سماع كلمة غير كلمته هو شخصيا  وبقدرة قادر حولوه الى حكيم زمانه !! وفى نفس الوقت اغمضوا اعينهم اماما عن فساد اولاده والشلة التى كانت تحيط به وقتها حرصا على مصالحهم ووظائفهم ومناصبهم فى وسائل الاعلام المختلفة التى كانوا يعملون فيها.

لقد شاركنا جميعا فى تحويل مبارك الجاد النشيط نظيف اليد الطاهر الى شخص اخر يعيش مع الفساد ويدافع عنه لا طاقة له بالعمل ومسئولية الحكم ..يفضل الابتعاد عن العاصمة والضجيج معظم الاوقات والذهاب الى قصرة المطل على مياه البحر الاحمر للاستجمام والاسترخاء واستنشاق الهواء النظيف غير الملوث.

اذكر عندما كنت اكتب لجريدة " ايلاف " ان اتصل بى شخص معروف لا داعى لذكر اسمه او منصبه الذى كان يشغله فى ذلك الوقت وطلب منى ان اكتب فيما اشاء ولكن يجب الا اكتب ضد -  "الراجل الكبير" - هكذا كان يسمى مبارك الحاكم.  ومرت الايام وسقط نظام مبارك واذا بى افاجىء بنفس الرجل الذى حذرنى من عواقب الكتابة ضد مبارك هو نفسه بدمه ولحمه يهتف لحاكم مصر الجديد ويطلق عليه " رسول العناية الالهية " .
الم اقل لكم ان النفاق مدمر ويخرب عقول الحكام وخاصة هؤلاء الذين لا يعرفون الديمقراطية ولا يؤمنون بها وينظرون الى كرسى السلطة كما لو انه حق مطلق وملك خاص لهم ولاولادهم .

خلاصة الكلام ياسادة ..نرجو ان نكون جميعا تعلمنا واتعظنا من تجربة الرئيس السابق مبارك ولا نسمح ابدا لانفسنا او الاخرين الا تتكر نفس التجربة من حاكم مصر الجديد الرئيس عبد الفتاح السيسى ..علينا جميعا ان نتوقف عن نفاقة او تاّليهه او النظر اليه على انه فرعون مصر الجديد ولكن يجب علينا التعاون معه ومساعدته بقدر المستطاع على اداء مهام منصبه كرئيس للجمهورية فى هدوء لكى يستطيع اعادة بناء مصر من جديد وتوفير الخدمات والمرافق والوظائف وكافة احتياجات الشعب فى اسرع وقت ممكن.

اما الرئيس عبد الفتاح السيسى فاننى ارجوه ان يبعد كل من ينافقه من مستشاريه ومعاونيه وكل العاملين معه فى ادارة شئون البلد لكى يعرف ما يجرى بدقة وصدق وامانة وبالتالى تكون قرارته سليمة وفى موضعها الصحيح وتعود بالنفع على الناس جميعا وليس اصحاب المصالح الخاصة كما كان يحدث فى العهود السابقة.

ملبورن
14 يونيو 2014