الأقباط متحدون - ثوابت؟ كنتِ فين يا بنت يا حلوة؟
أخر تحديث ٠٧:٢٦ | الثلاثاء ١٠ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة٣ ش١٧٣٠ | العدد ٣٢١٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ثوابت؟ كنتِ فين يا بنت يا حلوة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

علي سالم
غابت ثوابت عني وعن مصر كلها لسنوات طويلة، ثم اتضح أنها ما زالت على قيد الحياة، وذلك عندما قرأنا عن مشروع جديد يحذر من خطورة الخروج على الثوابت الاجتماعية، بل واعتبر ذلك أحد الأخطار الحقيقية التي تواجه مصر والمصريين. هل غيرت ثوابت اسمها الأصلي وهو «ثوابت وطنية» إلى «ثوابت اجتماعية»؟ معنى ذلك أنها تتغير، مستحيل أن تتغير ثوابت، كيف تكون ثابت الثوابت ثم تتغير

أو على الأقل أن يتغير اسمك؟ الواقع أن ثوابت لم تتغير، هي فقط تتجمل لكي تصل إلى جمهور جديد لم يعد يأكل حكاية الثوابت الوطنية، وحتى إذا أكلها فسيكون عاجزا عن هضمها ويصاب بما نسميه عسر هضم فكري وسياسي يزيد من عصبيته ومن كراهيته لبقية الثوابت المفروضة عليه لتحجب عنه وتحجبه عن سماء الحرية. الواقع وهو ما يجب أن نتنبه له بشدة هو أنه لا يوجد في حياة البشر الجادين ثوابت من أي نوع، ناهيك عن اعتبارها خطرا يجب الاحتشاد لمواجهته والقضاء عليه. وإذا وجدت ثوابت فهي موجودة في عقل سيادتك وليس لها وجود كمكون من مكونات الحياة.

لعلي أكون أول شخص عانى لسنوات طويلة من الآنسة ثوابت عندما كانت معروفة باسمها الأصلي وهو ثوابت وطنية بعد أن أعطت الحق لخصومي من المثقفين «النُص لبّة» باتهامي بخيانة الوطن. فجأة وجدت نفسي المخلوق الوحيد في مصر الواقع في خصومة مع حبيبة قلبي ثوابت.

وأصل الحكاية تعود إلى عشرين سنة مضت عندما أعلن عن اتفاقية أوسلو التي وجدت فيها خطوة مهمة على طريق السلام، ورأيت أنه يجب علينا نحن المثقفين المصريين، ألا نترك الساحة لآخرين يقدمون أنفسهم للعالم بوصفهم صناع السلام الوحيدين في الشرق الأوسط، بينما نحن، المثقفين العرب، نلعب دور الغربان التي تعيش حالة انتظار لا نهاية لها لزوال إسرائيل. علينا أن نعرف ماذا نريد وإلا مشينا في طريق البؤس والخراب.

وقررت أن ألعب دوري كمثقف عربي يؤمن بالسلام، فأعلنت في نهاية عام 1993 عن رغبتي في الذهاب إلى إسرائيل لأحاول الإجابة عن سؤالين: من هم هؤلاء القوم وماذا يفعلون؟

كان قراري هو أن أذهب بسيارتي القديمة للتأكيد على معنى واحد هو أننا لسنا بعيدين عن بعضنا البعض. وهذا ما حدث بالفعل، وكتبت كتابي «رحلة إلى إسرائيل» ونشرته لي جريدة «أخبار اليوم»؛ الدولة إذن ليست ضد دعوتي، وليست ضد السلام بوجه عام، وفي لقاء مع السيد شيمعون بيريس أخرجت نسخة من الكتاب من حقيبة يدي التي لا تفارقني وأعطيتها له. وبعد أن عدت إلى القاهرة أعطيتهم الصورة الفوتوغرافية لنشرها في الإعلانات عن الكتاب التي تنشرها «أخبار اليوم»، ونشروها بالفعل، ليس في الإعلانات ولكن داخل جريدة «الأدب»

نشروا الصورة ونشروا التعليق التالي تحتها: «علي سالم وشيمعون بيريس وبينهما كتاب وابتسامة وحقيبة مفتوحة».. يا للعبقرية!!

أدركت أن الدولة في تلك اللحظة قد غيرت موقفها، وأنها كلفت الآنسة ثوابت بالعمل على تدميري كشخص وكاتب، أنا وكل من يتكلم عن السلام. أدرك مبارك أن أي علاقة مع إسرائيل على المستوى الثقافي ستأتي بالحرية لمصر.. المسكين، لقد جاءته الضربة من أهم ميادين عاصمته، من هؤلاء الذين حرمهم من الحرية ولم تأته من دعاة التطبيع.
نقلآ عن اشرق الأوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع