الأقباط متحدون - من وحى خطاب عدلى منصور.. القبطى بين المواطنة والعهدة والشروط العمرية
أخر تحديث ١٩:١٥ | الاثنين ٩ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة٢ ش١٧٣٠ | العدد ٣٢١٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

من وحى خطاب عدلى منصور.. القبطى بين المواطنة والعهدة والشروط العمرية

المستشار عدلي منصور – رئيس الجمهورية السابق
المستشار عدلي منصور – رئيس الجمهورية السابق

بقلم-خالد منتصر
«العهدة العمرية» لم تكن مجرد وثيقة تاريخية ذكرها المستشار عدلى منصور فى خطاب وداعه للرئاسة، ولكنها فلسفة تعامل ودستور تواصل أثار حساسية وغضب قطاع كبير من الأقباط نتيجة طرحها لسؤال: هل نحن فى هذا الزمن سنتعامل مع المسيحى كذمى أم كمواطن فى دولة مدنية حديثة؟! وأعتقد أن المستشار عدلى منصور، فى خطابه، أكد على مسألة المواطنة بحسم وأكثر من مرة

لكن المشكلة تاريخية ولا بد للمؤرخين من أن يجيبونا عليها، وهى الفرق بين العهدة العمرية والشروط العمرية، فالتناقض لا تخطئه عين ولا بد من حسمه وتوضيحه، فالعهدة العمرية التى ذكرتها كتب تاريخية فيها من السماحة الكثير مع بعض التحفظات التى حسمتها الظروف التاريخية مثل مفهوم الجزية وبين الشروط العمرية التى ذكرتها أيضاً كتب تاريخية أخرى فيها من العنصرية والطائفية والاضطهاد الكثير والكثير

مما يجعل مسيحيى مصر يخشون من هذا الخلط وأن تسود مفاهيم الشروط وتنتصر على العهدة، ومعهم كل الحق فى ذلك الطلب والتوضيح والاطمئنان على إجابة هذا السؤال: كيف سيتم التعامل مع المسيحى المصرى، هل ستتعامل معه السلطة بمفاهيم الجماعات السلفية التى تتعامل مع حقوق النصارى، كما يطلقون عليهم، على أنها منحة من أعلى وأن الكراهية فى القلب وأن التهنئة بأعيادهم حرام وعدم توليتهم واجب والجزية عليهم وهم صاغرون قانون أزلى.. إلى آخر تلك الفتاوى والمفاهيم

أم أنها ستتعامل معهم كمواطنين مصريين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات بعيداً عن هذا التعالى والتلاسن الدينى؟! لكن دعونا، ونحن نطلب من المؤرخين فض الاشتباك، نتعرف أولاً على ما هى العهدة العمرية، وما الشروط العمرية حتى نستطيع فهم غضب الأقباط من هذا الطرح فى خطاب منصور، وأيهما نصدق وهل هما شىء واحد؟ العهدة العمرية هى عهد الأمان الذى كتبه الخليفة عمر بن الخطاب

رضى الله عنه، لمسيحيى القدس التى كانت تسمى «إيلياء» فى ذلك الزمان عندما تم الاتفاق على فتحها صلحاً وتسليم مفاتيحها إلى الفاروق نفسه، ونصها هو: «هذا ما أعطى عبدالله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شىء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن

وعليهم أن يُخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلى بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم، فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله

فإنه لا يؤخذ منهم شىء حتى يحصد حصادهم». أما الشروط العمرية المذكورة فى كتاب ابن القيم الجوزية والتى يعتمد عليها السلفيون فى فتاواهم وعنصريتهم فهى: «ألا يحدثوا فى مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب، ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يُظهِروا شِركاً، ولا يمنعوا ذوى قرابتهم من الإسلام إن أرادوا، وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس

ولا يتشبّهوا بالمسلمين فى شىء من لباسهم، ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزّوا مقبل رؤوسهم، وأن يلزموا زيّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم، ولا يُظهروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم فى شىء من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة فى كنائسهم فى شىء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين.

فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق». مطلوب من المؤرخين توضيح الفرق التاريخى، والأهم مطلوب من السلطة الجديدة أن ترسخ مفهوم المواطنة وألا تشرك قوى الظلام سواء إخوان أو حزب نور، ممن يلعبون على وتر عنصرى سيحرق الوطن، فى الممارسة السياسية المقبلة ولكى نستحق المستقبل حقاً.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع