علي سالم
أقف إلى جواركم مدافعا بقوة عندما تتعرضون لظلم أو عندما يحاول أحد أن يهيل عليكم وعلى أعمالكم التراب. وهذا بذاته ما يعطيني نفس الحق في أن أنتقدكم بشدة عندما أرى منكم مشروعا لا أعتقد أن أحدا قد فهم ما جاء به، وخصوصا تلك الجمل المتفرقة التي لم تكن تعني في وقتها شيئا، ولا تعني الآن أي شيء. مثل حكاية الثوابت.. ياه.. الثوابت يا سادة التي سيدافع عنها المشروع..
يا جماعة الخير، هذا شعب ثار منذ ثلاثة أعوام فقط بعد أن قام بتدمير أهم ثابت في حياة الشعوب وهو رئاسته ونظامه، لا يوجد ثابت على الأرض يا سادة، الله سبحانه وتعالى هو الثابت الوحيد. ما تريدونه، هو لديكم يا سادة، لديكم في الوزارة شبان هذه هي مهنتهم وتخصصهم، وهناك حركة قوية للغاية في مجال علوم الكومبيوتر داخل مصر، يعني هم قادرون على تلبية طلب الوزارة بنفس الكفاءة الأجنبية. العيب الوحيد لمشروعكم هو أنه يريد تحقيق «كل شيء» بينما تستطيعون تقسيم ما تريدونه إلى مراحل يقوم بها هؤلاء الشبان مع الشركات المصرية.
كل مشاريع الدنيا التي عملت على تحقيق «كل شيء» فشلت في صنع شيء واحد، وأحب في هذه المرحلة أن أؤكد لك، الكومبيوتر لا يفهم شيئا، العاملون عليه فقط هم من يفهم. وبالمناسبة، كل البرامج الغربية لا يمكن استنساخها لصنع برامج تصلح لمنطقتنا التي تحمي فيها الأمية الأميين من الاشتراك في البرامج التي تنوون مطاردتها عن طريق الـ«سوفت وير».
ثم ما هي حكاية البرنامج الذي سيراقب أي تغير عند الكتاب في أفكارهم؟ ماذا سنفعل بالضبط؟ هل سنغذى الكومبيوتر بأسماء كل كتاب الجرائد المصرية ونقول له، هؤلاء هم كتابنا، ادرس لنا من فضلك التغيرات التي طرأت على أفكارهم، الكارثة هنا أنكم ستحاولون إقناع الكومبيوتر أن هؤلاء يعملون كتابا. الواقع أن 90 في المائة ممن يكتبون في الصحافة المصرية ليسوا كتابا ولا هم يحزنون
وربما كانوا يحزنون فقط. بالذمة ماذا في استطاعة أجعص كومبيوتر على وجه الأرض أن يعرف أي شيء من خلال هؤلاء الذين نسميهم كتابا؟.. التحليل هو وظيفة البشر يا سادة وليس قطع الحديد المسماة كومبيوتر. يستطيع ضابط شاب أن يعطيك تقريرا عن الاتجاهات الفكرية عند عشرة كتاب وما هي التغيرات التي طرأت عليها من ناحية الأسلوب وطبيعة الأفكار نفسها في السنوات الأخيرة.
غير أنه لا بد من التنبه لظاهرة غريبة تحدث في بعض الصحف المصرية هذه الأيام، شخص قوي من ذلك النوع المسجل خطر كتابة، هو كاتب على قد حاله، على الفور يبدأ في استدعاء كل الضعفاء الذين هم على شاكلته، بذلك تمتلئ الجريدة بكل هؤلاء الكتاب الذين ليسوا كتابا، فيتفرغون لمطاردة ما تبقى بالصدفة من كتاب جيدين. هكذا تنتعش سوق الرداءة والضعف في الصحافة المصرية.
أيها السادة، حل مشكلتكم عند شباب الوزارة المتخصصين في علوم الكومبيوتر. وبعد إذنكم سأحدثكم عن واقعة قديمة غير موثقة، بعد قيام ثورة يوليو (تموز) مباشرة، سارعت الحكومة بشراء سلاح من سماسرة السلاح في كل مكان، كما اشترت قنابل ذرية، اتضح بعد تجربتها أنها نظيفة.. نظيفة جدا لا تنفجر في أحد ولا تقتل أحدا، واختفى البائع.
لا تشتروا قنابل إلكترونية، صنّعوها عندكم في الوزارة، اتركوا الأمر للشباب.
نقلآ عن الشرق الأوسط