الأقباط متحدون - الرئيس
أخر تحديث ٠٢:٤٦ | الأحد ٨ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة١ ش١٧٣٠ | العدد ٣٢١٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الرئيس


 حين يتطلع العالم إلى صفحات التاريخ يقف مشدوهاً أمام عديد من الشخصيات التى حُفرت أعمالهم وكلماتهم فى قلب الزمن وذاكرته، وصارت خُطاهم درباً تسير عليه الأمم. فعند زعماء العالم وقادته نتريث قليلاً لنتأمل تلك الأيقونات البشرية التى بهَرت العالم وصنعت التاريخ.

 
كُتب كثير عن صفات الزعماء والقادة، ولكننى أتوقف عند بعض هذه الصفات وهى:
 
الرؤية: فالزعيم والقائد الفعال لديه رؤية تحمل أهدافاً بعيدة وقريبة المدى، كما أن لديه طموحات عالية متى قورن مع من حوله.
 
المسؤولية: يُعد تحمل المسؤولية جزءاً أصيلاً من شخصيات الزعماء القادة مما يُكسبهم ثقة شعوبهم وتقديرهم، فتكون قدرتهم على التأثير هائلة.
 
المهارة: المهارات الذهنية والفكرية العظيمة، بالإضافة إلى القدرة على التعامل مع الآخرين، فهم قادرون على: فهم شعوبهم والتواصل وإياها، والإحساس بمشاعرها، وفهم نفسياتها، وقادرون على التأثير والإقناع والحفز والتشجيع.
 
ومن هؤلاء الزعماء:
 
غاندى (١٨٦٩- ١٩٤٨م)
 
كان غاندى سياسياً بارزاً وزعيماً للهند خلال حركة استقلالها. عمل محامياً مغترباً فى جنوب أفريقيا، حيث الهنود يناضلون من أجل الحصول على حقوقهم المدنية. وبشعوره بأبناء وطنه، قادهم للوَحدة وتحمّل مسؤولية الدفاع عن حقوقهم. وقد قاد بلاده إلى السعى نحو الاستقلال من السيطرة الأجنبية من خلال الوقوف ضد كل مظاهر الاستبداد والتمييز فى المعاملة، وعمِل على رفع المعاناة عن الفقراء، وزيادة حقوق المرأة، وبناء وئام دينى ووطنى فى البلاد. اهتم بوضع حد للنبذ، وإصلاح الاقتصاد من خلال زيادة الاعتماد على الذات. كانت له رؤية واضحة لما يسعى لتحقيقه، وعبَّر عن ذلك: «عليك أن تكون أنت التغيير الذى تريده للعالم».
 
إبراهام لينكولن (١٨٦١ـ١٨٦٥م)
 
الرئيس السادس عشَر للولايات المتحدة الأمريكية. عارض بشدة سياسة الرق والعبودية فى أمريكا حتى استطاع إصدار إعلان تحرير العبيد فى ١٨٦٣م، وتعديل الدُّستور لتجريم العبودية فى ١٨٦٥م. وقد حمى العبيد الهاربين، وحث الدول المجاورة على نبذ العبودية. كان «لينكولن» يحظى بقدرة تأثير هائلة حتى عُد خطابه المشهور «خطاب چيتسبرج» فى ١٨٦٣م من أشهر الاقتباسات فى التاريخ الأمريكى. واستطاع قيادة بلاده بنجاح وأعاد الوَحدة لها، وقضى على الحرب الأهلية الأمريكية.
 
فرانكلين رُوزفلت (١٩٣٣ـ١٩٤٥م)
 
الرئيس الثانى والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية. وقد تولى الرئاسة فى أسوأ أزمة مرت فى تاريخ بلاده. لذا اهتم بالقضاء على الكساد الكبير الذى تعرضت له البلاد من خلال ما يمكن للحكومة أن تقدمه للإصلاح، مستعيناً بالخبراء والاستشاريين للعبور بالبلاد من أزمتها. وتصدى لحملات تشكيك فى قدرته على تولِّى شؤون البلاد. وعندما تولى «روزفلت» الرئاسة، وضع برنامجاً أطلق عليه اسم «العهد الجديد» عمِل فيه على تقديم معونات مباشرة إلى المُعدِمين، مع بَدء أنظمة اقتصادية راسخة. وفى عام ١٩٣٣م، وضع حلولاً للأزمة المصرِفية، وإنشاء مؤسسات رعاية اجتماعية للمدنيِّين، مع توظيف ملايين الشباب، فى رصف الطرق، وزرع الأشجار، والصيانة والخدمة العامة. وقد اهتم بالمجالات الزراعية والصناعية والتجارية كما اهتم بإدارة الأعمال العامة لتقديم المنح والمساعدات للمشروعات الإنشائية العملاقة. وفى ١٩٣٤م، أنشأ لجنة تبادُل الأوراق المالية لمعالجة انهيار البورصة الذى حدث فى ١٩٢٩م. وفى ١٩٣٥م قام بإنشاء إدارة إدخال الكهرباء إلى الريف وخاصة فى المناطق الريفية المهملة. كما أولى اهتماماً كبيراً بالعمال. ومن أقواله: «الشىء الوحيد الذى يجب أن نخاف منه هو الخوف نفسه».
 
نيلسون مانديلا (١٩٩٤ـ١٩٩٩م)
 
لم يستسلم الزعيم الأفريقى «مانديلا» للعنصرية التى تفشت فى مجتمعه، بل قرر التصدى لها عاملاً بكل جِد واستمرارية حتى حوَّل المستحيل إلى حقيقة. درس القانون، وعمِل بالمحاماة، وكان أول اهتماماته هو وطنه. ثم اتسع حُلمه ليشمل الإنسانية كلها فى جهاد طويل لا يتوقف مدركاً وعورة الطريق، معبِّراً عن ذلك فى كلماته: «ليس هناك درب سهل للحرية، وعلى عديد منا أن يسلكوا وادى ظلال الموت مراراً وتكراراً قبل أن نصل إلى القمة التى نبتغيها».
 
بعد أن قضَّى فى السجن ما يقرب من ربع القرن من الزمان، بدأت رحلة جديدة فى حياة البطل الأفريقى، للدعوة إلى انتخابات حرة يشارك فيها الجميع، ليختاره الشعب قائداً وزعيماً ورئيساً له. اهتم فيها بتغيير كل أنواع العنصرية فى بلاده، وحارب الفقر والجهل والمرض. وصار «مانديلا» رمزاً للحرية والعمل الذى لا يتوقف أمام أى قيود أو معوقات، وقد تسمى يوم عيد ميلاده- الـثامن عشَر من يوليو- بـ«يوم مانديلا العالمى»، ليخصص الناس فيه حول العالم سبعاً وستين دقيقة لأداء عمل بنّاء لمجتمعاتهم.
 
جمال عبدالناصر (١٩٥٦-١٩٧٠م)
 
أحد قادة ثورة الثالث والعشرين من يوليو ١٩٥٢م التى أطاحت بالملكية فى مصر. خطَّط «عبدالناصر» لبناء مِصر عن طريق بناء السد العالى، إلا أن التوتر مع الدول الغربية جعلها تتراجع عن التمويل. لم تستطِع العقبات أن توقف رؤيته وإصلاحاته، فأصدر قراراً بتأميم شركة قناة السويس فى ١٩٥٦م، الأمر الذى أعرب فيه المِصريون والعرب عن مؤازرته. وكانت نتيجة ذلك قيام العدوان الثلاثى على مِصر المكون من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، الذى فشِل فشلاً كبيراً. وازدادت شعبية الزعيم «عبدالناصر» فى المنطقة على نحو كبير، واعتبره المواطن العربى زعيماً له ما أدى إلى ارتفاع النداءات بقيام الوَحدة العربية تحت قيادته، حتى تحقق ذلك بتكوين الجمهورية العربية المتحدة مع سوريا (١٩٥٨-١٩٦١م). وقد لعِب «عبدالناصر» دوراً بارزاً فى مساندة الثورات العربية التى قامت فى أعقاب الثورة المِصرية للتخلص من الاستعمار الأجنبى ما جعله يتمتع بدعم المنظمات القومية العربية فى جميع أنحاء المنطقة. وعلى الصعيد المِصرى، اتخذ «عبدالناصر» سلسلة من القرارات الاشتراكية والإصلاحات التحديثية فى مِصر. وهو يُعتبر رمزاً للكرامة والوَحدة العربية. كما يصفه المؤرخون واحداً من أبرز الشخصيات العربية السياسية فى التاريخ الحديث فى القرن العشرين.
 
السيسى (٢٠١٤م - )
 
عبدالفتاح سعيد حسين خليل السيسى الشهير بـ«عبدالفتاح السيسى». من مواليد التاسع عشَر من نوفمبر ١٩٥٤م بحى الجمالية. حصَل على بكالوريوس العلوم العسكرية فى الكلية الحربية المِصرية عام ١٩٧٧م. ثم ماچستير العلوم العسكرية فى كلية القادة والأركان فى ١٩٨٧م، وماچستير العلوم العسكرية فى كلية القادة والأركان البريطانية عام ١٩٩٢م. كما حصَل على زمالة كلية الحرب العليا فى أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام ٢٠٠٣م، وزمالة كلية الحرب العليا الأمريكية عام ٢٠٠٦م.
 
وشغَل «السيسى» عدة مناصب: رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، وقائد كتيبة، ثم لواء مشاة ميكانيكى، وملحق دفاع بالمملكة العربية السَّعودية، وقائد فرقة مشاة ميكانيكى (الفرقة الثانية)، ثم رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، وقائد المنطقة الشمالية العسكرية، ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة. وعلى مدى تلك المدة الذاخرة بالعمل المتفانى لأجل مِصر، حصَل على عديد من الأوسمة والأنواط والمِيداليات. ثم استقال عن منصبه بحسب رغبة الشعب المِصرى ليرشح رئيساً. وفى انتخابات ديمقراطية، فاز وبأعلى نسبة مشارَكة من المِصريين الذين أحبوه وانتخبوه واختاروه بملء إرادتهم وحريتهم، ليكون رئيساً لهم، وليقود جمهورية مِصر العربية فى مرحلة مهمة فاصلة من تاريخنا المعاصر.
 
وأختم كلماتى بتهنئة المِصريين برئيسهم وقائدهم، فهم يُدركون تماماً الدروس التى مرت بهم على مدى تاريخهم العريق، ويعرفون دور قادتهم الذين صنعوا التاريخ. فكما أدرك القدماء دَور الملك «مينا» فى توحيده المِصريين لتصبح البلاد قطراً واحداً بلا انقسامات، أدرك الشعب دور «السيسى» فى توحيد المِصريين حوله، للعمل من أجل البلاد. وكما أدرك الملك «زوسر» الخطر الذى تتعرض له الحدود المِصرية من انتهاكات فقام بحمايتها، هكذا تصدى قائد الشعب ضد كل عدوان على أرض سيناء. وكما تصدى «رمسيس الثانى» للتحالفات ضد مِصر وتمكن من درء الشر والخطر عن البلاد، تصدى «السيسى» للتحالفات العالمية التى هددت أمن مِصر وسلامها. وكما استعاد «صلاح الدين الأيوبى» بيت المقدس، ووقف ضد كل تدخل خارجى فى شؤون البلاد، هكذا استعاد «السيسى» لمِصر وللعرب هيبتهما إزاء التدخل الأجنبى.
 
وأخيراً أهنئ السيد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» برئاسته لمِصر، ليفتح صفحة جديدة من صفحات التاريخ يخُط فيها أمجاداً جديدة لمِصر.هنيئاً لمِصر بكَ! ضارعين إلى الله أن يعضدكم ويسدد خطاكم لتستكملوا مسيرة دفاعكم عن الوطن الذى أحببتموه منذ فجر شبابكم، فوهبتم له حياتكم عن محبة عميقة له استمرت طَوال خمسة وأربعين عاماً لأجل الدفاع عنه وبنائه، لتستمر برئاستكم للبلاد بإرادة الشعب وتأييده.
 
قال الكتاب: «قلب المَلك فى يد الرب كجداول مياه، حيثما شاء يُميله»، وأيضاً قيل: «لأن الملك يتوكل على الرب، وبنعمة العلى لا يتزعزع». ونصلى من أجلكم فى صلواتنا قائلين: «اُذكر، يا رب، رئيس أرضنا عبدك. احفظه بسلامة وعدل وجبروت. ولتخضع له كل الأمم الذين يريدون الحروب فى جميع ما لنا من الخصب».
 
نطلب إلى الله أن يثبِّت أقدامكم، ويُنجِّح طريقكم، ويُكمِّل مسيرتكم التى هى مسيرة الشعب الذى اختاركم ووضع ثقته فيكم لتصنعون التاريخ، «فإن الذى يحكم مِصر بإمكانه أن يغيِّر التاريخ‏»!
 
وعن مِصر الحلوة الحديث لا ينتهى...!
 
* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى
نقلاعن المصرى اليوم 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter