إبرام مقار
بحملة إنتخابية فاشلة ، وبدون برنامج ، وبأقبال ربما اقل من المتوقع ، اكتسح "عبد الفتاح السيسي" الانتخابات الرئاسية بأكثر من 23 مليون صوت انتخابي. وهو ما يعني شعبية غير مسبوقة لرئيس مصري في العقود الاخيرة، تلك الشعبية التي تمنح السيسي قوة وتمكنه من قيادة مصر نحو الدولة الحديثة التي نحلم بها جميعاً، بعيداً عن الحلول التقليدية واساليب وخطايا الماضي.
شعبية تحمٌل السيسي مسئولية إصلاح هامة لوطن يعاني ليس فقط منذ ثلاث سنوات بل منذ ثلاث عقود. التفاف شعبي عارم يرفع سقف طموحنا معه لوطن متحضر ، عادل ، مستقر ، ينعم بالامن ولكن بدون قمع ، ويدعم الاستثمار ولكن بدون فساد. وطن خالي من عبارات سيئة السمعة، مثل جلسات صلح عرفية او احزاب دينية او فساد مسئول او اعتقال بدون محاكمة او حبس صحفي او وقف إعلامي او منع جريدة. وطن يتساوي فيه الجميع سواء اغلبية او اقلية ، غني او فقير ، مسئول او مواطن. التفاف شعبي مستحق حول شخص حمي مصر من فاشية دينية كانت ستقضي علي وطن حضارته اكثر من 7000 عام
ولابد من استمرار المواجهة مع تلك الجماعة الارهابية حتي تتطهر مصر تماما". الاصوات التي حصل عليها السيسي قادرة علي رأب الصدع بين جيلين لا يسمع منهم احد الاخر، وهو جيل الكبار وجيل الشباب ، وخلق توافق وطني تحتاجه مصر جداً هذه الايام. مع احتواء الشباب والذي هو القوة الفاعلة لأي عمل في المستقبل .
نستطيع أن نبدأ الاصلاح المجتمعي من الان دون البحث الطويل عن حلول او خطط ، فكل ما نريده هو أن يكون حجم الإنفاق علي الخدمات التعليمية والصحية من الموازنة العامة طبقاً لما بدستور 2014. لا نريد أكثر من التحرك للامام وأن نكرر فقط تجارب الاخرين في علاج مشكلاتهم ، فنسير علي خطي "كوبا"، والتي حين وجدت أن الأمية عقبة أساسية في سبيل نهضتها، استطاعت من خلال عمل المتطوعين وعلي يد الشابان الثوريان "فيدل كاسترو" و "تشي جيفارا" وفي خلال عامين أن تصل بمعدل الأمية للشعب من 40 بالمائة الي اقل من اربعة بالمائة
ويقال أن كوبا الان تقترب بها نسبة الامية من الصفر. لا نحتاج أكثر من أن نكرر تجربة دولة كانت في وضع إقتصادي اسوء من بلادنا بمراحل ، مثل "البرازيل" والتي كانت تعاني من إنهيار اقتصادي رهيب عام 1999 واُضطرت لاقتراض 43 مليار دولار، ووصف وقتها هذا القرض بأنه اعلي قرض تحصل عليه دولة من صندوق النقد الدولي. إلا انها وبعد أن تبنت خطة إصلاح اقتصادي علي يد الرئيس الاسبق "لولا دا سيلفا" وفي خلال ثمان سنوات فقط اصبحت البرازيل الاقتصاد الاول بأمريكا اللاتينية ، والثاني بالامريكتين ، والسادس عالمياً.
إصلاح إقتصادي باهر حمل معه إصلاح اجتماعي، حيث بدأت البرازيل في مكافحة التمييز ضد المواطنين من اصول افريقية ، وانتهت بنجاح سياسي باهر حينما فازت أمراة وهي "ديلما روسيف" برئاسة البرازيل في تجربة ديمقراطية وانتصار للمرأة لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية نفسها الوصول له.
وإذا كان قدر السيسي ان يحصل علي لقب "المشير" دون الدخول في حروب سابقة ، فأن قدره أن يخوض معارك لاحقة بمفاهيم وتحديات اخري ، ربما تكون اصعب من معارك الحدود وبأسلحة غير المعدات العسكرية المتعارف عليها