الأقباط متحدون - البابا بنيامين و الفتح العربي
أخر تحديث ٠٣:١٢ | الخميس ٥ يونيو ٢٠١٤ | بشنس ١٧٣٠ ش٢٨ | العدد ٣٢١١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

البابا بنيامين و الفتح العربي

 البابا بنيامين البابا رقم 38
البابا بنيامين البابا رقم 38

بقلم : ماجد ميشيل عزيز
يدعي البعض احيانا  ان الكنيسه  القبطيه المصريه تمالئ السلطه او تنافقها  عندما تتخذ بعض المواقف الوطنيه عند تعرض الدوله و كيانها للخطر سواء في الحروب او في غيرها من المواقف العصيبه التي تمر بها البلاد و هذا الراي يكذبه التاريخ تماما بل نجد العكس فطوال تاريخها نجد يدها ممدوده دائما بالسلام و المساعده دون اي منفعه او استفاده دنيويه بل علي العكس نجد كثيرا ما تعاني العنف و الاضطهاد كما ان من المهم ان ندرك انها طوال تاريخها لم تسعي و لم تحصل علي اي سلطه دنيويه او زمنيه علي عكس ما حدث بعض  الوقت في اوربا  بل دائما هناك فاصل بين   السلطه و المنصب الديني عند الكنيسه القبطيه لان الاغلبيه الساحقه من قياداتها رهبانا اتقياء يؤثرون حياه الزهد علي المنصب متي كان عليهم الاختيار
و ابرز الامثله علي ذلك هو عصر البابا بنيامين البابا رقم 38 فهذا الاب الفاضل لم يكد يتولي مهمه البطريركيه حتي ارسل اليه دون ان يستشير احدا من الاقباط او يسا لهم قيصر  الروم هرقل  قرارا بالخلع من منصبه  و عين بدلا منه اسقف اسمه كيرس و عينه قيصر الروم  هرقل و اليا دنيويا و بطريركا في نفس الوقت

و السبب ان القيصر هرقل  و هو امبراطور دوله الروم الشرقيه و  عاصمتها القسطنطينيه  او استنبول حاليا  و تقع  في تركيا الان قد ابتدع هو و اساقفته مذهبا جديدا  للتوفيق بين مذهب مجمع خلقيدونيه الذي يكرهه الاقباط  و المذهب القبطي لكنه  يبدو انه اصابه الغرور بعد انتصاراته علي الفرس و استعاده الصليب المقدس الذي سرقوه فتدخل في الامور الدينيه تدخلا قبيحا بغرض توحيد الدوله و لكن بالقهر و العنف و لم يامر بعقد مجمع يناقش الامر مع  بطريرك الاقباط و الاساقفه الاخرين كما جرت العاده  انما اصدر قرارا ديكتاتوريا بخلع الاب البطرك و تعيين ( كيرس ) المعروف بالمقوقس و هو اسقف من منطقه القوقاز شمال تركيا بطريركا و حاكما مدنيا في نفس الوقت و لان البابا بنيامين كان راهبا زاهدا في الاصل و قد كان من اسره غنيه تركها قبل الرهبنه فلم يتمسك بالكرسي و المنصب بل ذهب اولا الي منطقه وادي النطرون بعد ان اوصي الاساقفه و الكهنه بالثبات علي الايمان القويم ثم لما لم يجد مكانا ذهب الي الصعيد ليمارس حياته كما كان راهبا عاديا

و احيانا تخرج انتقادات للبابا بنيامين  بانه  هرب و ترك الاقباط لكن الحقيقه انه للاسف تم خلعه من الامبراطور و تعيين اخر اجنبي غير شرعي بدلا منه فاثر ان لا يتمسك بالكرسي حتي لا يموت احدا بسببه  او تحدث اضطرابات تهلك فيها الرعيه و تحدث حرب اهليه بين فريقين يكون سببها تمسكه  بمنصب  رئاسه فاني في نظره فذهب اولا الي وادي النطرون و لما وجد اديرتها في حاله سيئه بسبب غزو الفرس  السابق ذهب الي احد اديره الصعيد  للصلاه و الاعتكاف  و لو فعل البابا العكس ووقف ضد قرار الامبراطور رغم ظلمه الواضح  لقتل بسبب ذلك الالاف بدون فائده تذكر
اما البطريرك الروماني الذي جمع السلطتين في يده دين و دنيا فلم يتوقف عن اضطهاد الاقباط ليجبرهم علي قبول مجمع خلقيدونيه او ما يشبهه من ايمان و قبوله هو نفسه بطريركا لمده عشر سنوات قتل فيها مينا اخ البابا بنيامين و اضطهد رجال الدين المتمسكين بالامانه المستقيمه   و قتل الكثير من الاقباط

و اذا نظرنا الي السلوك الشخصي للامبراطور الطاغيه هرقل فرغم انه انتصر علي الفرس و اعاد خشبه الصليب و اصبح بطلا مسيحيا في نظر الناس لكنه كان ذو سلوكا وثنيا خالصا فقد استولي علي الحكم بالحرب و القتال و بعد انتصاره علي الفرس حدثت اباده لليهود في المملكه بزعم انهم تعاونوا مع الاعداء كما ان من اسوا اعماله انه اطاح بالقوانين المسيحيه في الزواج و تزوج من ابنه اخته مارتينا و هي من المحارم طبعا  في كل الاديان  (لانه خالها )و انجب منها 9 ابناء اغلبهم ولدوا معوقين

و بما ان الفساد ضرب بذلك الدوله من راسها الي اسفلها سواء كان الظلم و العنف لاتباع الطائفه الارثوذكسيه من اقباط و سريانيين و ارمن او تجاه اليهود او الفساد الجنسي الذي استشري و يظهر في سلوك هرقل نفسه و زواجه المحرم  الذي للاسف وافق عليه رجال الدين في القسطنطينيه و طبعا يتبعه اهل مملكته  في المحرمات و   فتكون النتيجه الطبيعيه ان الله يستر وجهه عن هذه الدوله و لا تنتصر في الحروب  فاتتها عاصفه شديده من الصحراء تتمثل في الفتح العربي الذي استولي علي املاك هذا الامبراطور في  الشام ثم مصر في سنين قليله 
اما كيرس الحاكم و البطريرك الروماني الاجنبي  الشهير بالمقوقس فلم يصمد امام العرب في مصر و قام بتسليم مصر في معاهدتين سريتين احداهما في حصن بابليون والاخري بعد سنتين في الاسكندريه مقابل ان يحتفظ بمنصبه كبطريرك و بعض النفوذ للروم مما جعل المؤرخ الانجليزي الفريد بتلر يتهمه بالخيانه  اكثر من مره في مؤلفاته

و لكنه وجد نفسه بلا صلاحبات و انه اضاع مصر من الدوله الرومانيه بسوء سياسته و ظلمه  فهزلت صحته و تذكر بعض المصادر انه شرب سما كان يضعه  في خاتمه و مات

اما هرقل ايضا فاصابته الامراض و مات مغموما بعد  ان تقلصت دوله الروم الشرقيين في عهده
و نعود الي البابا بنيامين نجده قد ظل في ديره معتكفا يصلي و لم يطلب شيئا لنفسه و لكن احد رؤساء الاقباط  بعد ثلاث سنوات من الفتح طلب من عمرو ابن العاص الحاكم الجديد ان يعطيه الامان و يدعوه للعوده حتي تنتهي الفوضي في البلاد  فاستجاب له و سمح له بان يستعيد الكنائس التي اغتصبها الروم  الخلقيدونيين فعاد الي الاسكندريه و اعاد بناء اديره وادي النطرون و الكثير من الكنائس المهدمه و بقي حتي اكمل 39 عاما علي كرسيه يعمل في صبر و اجتهاد علي اصلاح و تعمير ما افسده الحكام

..و الدروس التي نتعلمها  كثيره لعل اهمها ان الانحلال الجنسي و الظلم و العنف  هو سبب دمار الامم و ان كانت الحرب و قرارها  بيد الانسان الا ان النصر بيد الله كما ان كما ان دوله الروم عندما زاد ظلمها انهارت كذلك الدوله الامويه  التي حلت مكانها حدث لها المثل عندما زاد ظلمها ثم الفاطميه  حدث لها نفس الشيئ

قد ازالتها الدوله الايوبيه ..اما المماليك فاطاح بهم العثمانيون ..الخ الخ وكل دوله يزداد ظلمها و فسادها تنهار و تقع


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع