مسحة من جمال لا تخطئها عين، ولا يخفيها الطين الذى غطى وجهها وشعرها ومعظم جسدها، وهى تمشى حافية القدمين مرتدية جلباباً يكاد يذوب من اتساخه، فيما لا ينقصها لتعيد مشهد نبيلة عبيد فى فيلم «توت توت» سوى إطلاق العبارة الشهيرة «بطن كريمة أوجع».
تقترب بهيئتها المنفرة من أطفال المنطقة فى شبرا، فيهربون بناء على نصائح أسرهم، بينما لا تجد «أوكا»، الفتاة الثلاثينية المريضة عقلياً -كما يقول أهالى المنطقة- من يحنو عليها، وتخشى إذا وجدته أن يكون أحد الطامعين فيها، لذا تظل فى مكانها، القمامة بيتها، ومخلفات الطعام غذاؤها الوحيد. تدرك «أوكا» اسمها الحقيقى، وتردده أكثر من مرة «صابرين محمد»، لكنها لا تدرك قصتها بالكامل، تعرف فقط أن عطف السيدات عليها بأخذها من حين لآخر للاستحمام فى بيوتهن يقود الطامعين إليها، بمجرد أن تعود للشارع، تتحول إلى لقمة سائغة لذئاب الشوارع الذين يتناوبون اغتصابها، تبكى الفتاة كلما تذكرت، فتقرر: «مش عايزة استحمى تانى.. عشان محدش يغتصبنى». لا تعلم «أوكا» الكثير عن ماضيها، تتذكر أن لديها ابنة، لكنها لا تعرف مصيرها، ويقول بعض أهالى المنطقة إنها ماتت، ويدعى الآخرون أنها خنقتها وألقت بها فى صندوق القمامة.
«عايزة فلوس» لا تفارق هذه الكلمة لسان «أوكا» التى تعلم أنها من دون نقود لا تستطيع شراء أى شىء. فيما يتساءل مصطفى زيدان، أحد سكان المنطقة، مستنكراً: «أين الجمعيات والمنظمات الحقوقية لحماية أوكا واللى زيها.. دول أحق ناس بالمساعدة من غيرهم».