بقلم شكري بسطوروس
نود ان نسأل رئيس مصر القادم عما ينوي عمله بخصوص عشرات الملفات القبطية التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم؟
ليته يوضح لنا كيف سيتعامل مع ملف مئات القبطيات المختظفات او المختفيات قسرياً وسط تواطؤ واضح من اجهزة الدولة الامنية والسياسية؟ ما هي خططه لوقف هذه الجرائم حال وصوله لسدة الحكم؟

هل هناك نية لتفعيل دور الشرطة وقيادات الدولة التنفيذية لحل هذه المشكلات التي طفح بها الكيل؟ إلى متى تستمر معاناة وآلام وعار اولئك المخطوفات واسرهن؟ والحال انه بالرغم من ان اسر اغلب هذه البنات ابلغت الشرطة عن اسماء خاطفيهم، فلم تحرك الاجهزة الامنية ساكناً! الغالبية العظمى من هذه البنات تم اسلمتهمن جبرياً بعد الاعتداء عليهن، بينما البوليس يمتنع تماماً عن اعطاء اي معلومات لاسرهن عن اماكن تواجدهن وما إذا كن احياء او اموات!

على سبيل المثال أبلغت اسرة القاصرة كرستينا محروس حنا (17 سنة – من قرية مير بمركز القوصية اسيوط) الامن مراراً وتكراراً بما في ذلك الامن الوطني وعلى مدى شهرين بأن خاطف ابنتهم هو ايمن احمد عاشور المقيم بنفس القرية حيث استدرجها عن طريق اختاه فاطمة ونورا اللتين كانتا تعملان معها. ولكن الاجهزة الامنية – كالعادة في مثل هذه الاحوال - لم تحرك ساكناً، فلا الشرطة قبضت عليه ولا النيابة استدعته لسؤاله. ثم اشيع انه تزوجها بعد ان تم اسلمتها بالمخالفة للقوانين المصرية التي تصنف هذه العمل على انه جريمة "اختطاف قاصر والاعتداء عليها" او "تغرير بقاصر". مما يثير عشرات الأسئلة ليس فقط حول التواطؤ الأمني بل ايضاً غياب الارادة السياسية لتطبيق القانون في هذه الحالات.

مثال صارخ اخر: في قرية سيلة الشرقية بمركز مطاي المنيا، قام مسلمون اخوان بتوزيع بطاقات زفاف على الأقباط هناك لحضور حفل زواج القبطية القاصر سارة ملاك سعد يوسف سارة (17 سنة، طالبة) من محافظة الدقهلية، التي تزوجت عرفياً من شاب مسلم من عائلة ابو الليل الاخوانية من القرية، كما مرت سيارة بمكبر صوت تدعو الجميع إلى حضور الاحتفال بالزواج وإشهار إسلام الفتاة، إذ يحاول الاخوان استخدام الواقعة للتحرش واستفزاز الأقباط ولإهانتهم والسخرية منهم ودفعهم للاشتباك معهم.

وكان ملاك سعد من ميت غمر دقهلية قد فوجئ يوم 7 مايو الجاري باختفاء ابنته، مما دفعه إلى تحرير محضر في اليوم التالي يفيد تغيبها. ولكن منذ عدة ايام ضبطت المباحث الفتاة بمنزل الشاب المسلم بقرية سيلة الشرقية بمركز مطاي، وأقر الشاب المسلم والفتاة بالزواج العرفي وإشهار إسلام الفتاة، فقامت النيابة بصرف والد الفتاة الذي تم استدعائه إلى النيابة.

كما تم إخلاء سبيل الشاب والفتاة بضمان محل إقامتهما. ورغم عدم اكمال الفتاة للسن القانوني للزواج هو 18 سنة، إلا نيابة المنيا أصدرت قرارها بإخلاء سبيلهما! مما يعتبر جريمة تغرير بقاصر! ورغم ان المادة 31 مكرر من قانون الطفل تنص على أنه "لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، ويعاقب تأديبيا كل من وثق زواجا بالمخالفة لأحكام هذه المادة".، إلا ان سارة ستتزوج رسمياً قبل السن القانونية! وليذهب القانون إلى الجحيم، بلا قانون بلا وجع دماغ.

لقد رصدت "رابطة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري" أكثر من 500 حالة تم اختطافها في الفترة الاخيرة اغلبها اثناء ذهاب البنت للمدرسة او العمل!! مما دعا الرابطة مؤخراً إلى تدشين حملة تدوين على صفحتي "السيسي" و"صباحي" بالعربية والانجليزية تحت عنوان "رجعي بناتنا الأقباط يا مصر" وذلك يوم السبت 17 مايو. حيث يقوم كل مشارك في الحملة، بكتابة رسالة نصها: "رسالة وصرخة إلي الرئيس القادم

لا مفر من فتح هذا الملف الإنساني، ملف الخطف والاختفاء الذي يهم مئات الأسر التي فقدت إحدي بناتهن القاصرات اللواتي تم إرغامهن علي تغيير الديانة وتزويجهن قسراً لرجال في سن أباءهم. وهذا يتعارض تماماً مع كل القوانين المصرية والدولية المعنية بحقوق الطفل. إنها صرخة الي سيادتكم من آباء وأمهات أعياهم البحث عن بناتهم وفلذات اكبادهم ولم يجدوا أي صدي لصرخاتهم لدي المسئولين عن تطبيق القانون في بلدنا الحبيب. دموعهم في عيونهم. وعيونهم نحو السماء تنتظر حلاً و حلاً عاجلاً جداً .. ولا مفر من فتح هذا الملف الذي يُسيئ إلي سمعة مصر. رجاء النظر بعين الأب إلي هذا الأمر ومساعدة الأسر المصرية في استعادة بناتهم القاصرات ومجازاة المُجرمين بالجزاء الذي ينص عليه القانون المصري بشأن التغرير بالقاصر."

الجدير بالذكر أن نيافة الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا؛ شارك بالحملة بهذه السطور: "يتخذ الاختطاف القسري عدة أشكال، منها الخطف المباشر عن طريق التخدير أو القوة والإكراه، أو التوريط، أو إستغلال الظروف، أو الإبتزاز والتهديد، وهي أمور تتنافى مع النبل والشفافية واحترام حرية واستقلال الشخص، ونرجو أن تفعل الدولة القوانين التي تحرم ذلك، وألا تسمح بوجود عراقيل في طريق من يود تدارك نتائج الخطف وتصحيح الوضع الذي أُرغم عليه."

ليتك تشارك اخي القارئ واختي القارئة.
كيف سيتصرف الرئيس القادم في ملف عمليات خطف الاقباط ومطالبة اسرة المخطوف بفدية بالملايين مما يضطرهم إلى بيع ممتلكاتهم لتجميعها. ورغم عودة الاجهزة الامنية لسابق قوتها، إلا ان التقاعس الامني في هذا الامر واضح وغير مفهوم بآن معاً. التفسير الوحيد لاستمرار هذه الجرائم ان هناك ارداة سياسية لإفقار الاقباط. على سبيل المثال في 27 ابريل 2014 تم خطف مكرم نظير تامر 54 سنة من قرية ادفا بسوهاج.  وبعد ان دفع اهله الفدية المتفاوض عليها وهي 50 الف جنيه، وجد اهله جثته ملقاه في ترعة بقرية الشيخ حمد بسوهاج.
 

تم اختظافه وقتله بهدف الانتقام منه على خلفية رفضه التنازل عن محضر الشرطة الخاص بمحاولة اختطاف ابنته والاعتداء عليها. ورغم ابلاغ الاسرة للامن بكافة اتصالات الخاطفين وارقام تليفوناتهم ورغم استمرار المفاوضات مع الخاطفين على مبلغ الفدية لعدة ايام إلا ان الامن كبر دماغه! بينما في 25 ابريل قام ايضاً اربعة مسلحون بخطف الطفل شنودة عماد نعيم من يد والده بقرية دلجا دير مواس المنيا. وقبلها بيوم واحد قد قام مسلحون مجهولون ايضاً باختطاف شاب مسيحي يدعى  مينا أمير دوس من قرية المدمر بطما سوهاج تحت تهديد السلاح والاستيلاء على 9 آلاف جنية كانت معه.

امثال هذه القصص بالعشرات اسبوعياً. ففي نفس التوقيت تقريبا، قام بعض المسلمين المتشددين (عائلة الجراجوة) بقرية أبو تلات التابعة لمركز سمالوط شمال المنيا بالاعتداء على الأقباط بدعوى ملكيتهم للمجرى المائي المتاخم للقرية، مما أسفر عن إصابة ثلاثة أقباط وحرق منزل مملوك لقبطي وتهجير الاسرة القبطية قسرياً من مسقط رأسها. ورغم ان بداية الاعتداءات وقعت في اسبوع الالام وليلة عيد القيامة إلا أن أحدًا من المتهمين لم يتم القبض عليه رغم كافة الجرائم والاعتداءات التي حدثت حينذاك. بل توعدوا الاقباط بانهم سوف يهجرونهم ويستولون على منازلهم وأراضهم إذا لم يتنازلوا عن بلاغاتهم. وقد كان! لأن البلاغات لم يحقق فيها، مما دفع عائلة الجراجوة إلي مزيد من الاعتداءات لاحقاً!

منذ عدة ايام قام متطرفون بسرقة وحرق عدة منازل للاقباط بعزبة فرج شحاتة بمحافظة القليوبية وذلك إثر مشادة بين شخص مسلم وأخر مسيحي. قام بعدها مجموعة من المتطرفين بالإعتداء على منازل الأقباط.  بعد بلاغات متكررة للشرطة، جاءت اخيراً لتحمي كنيسة القرية فقط وتترك الاقباط وبيوتهم للنهب والحرق. مما دعى المستشار نجيب جبرائيل - رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان - إلى اتهام اللواء محمود يسري مدير أمن القليوبية، بالتقاعس عن حماية الأقباط والصمت على حرق منازلهم، والإكتفاء بحراسة الكنيسة!!

هذا بعضاً من كل. كيف يعيش اهالينا في وسط هذا الرعب اليومي؟ كيف نفسر صمت الاعلام الحكومي والخاص عن هذه الجرائم إلا بانعدام الارادة السياسية لحلها؟
ما تزال الغالبية العظمى من ال 120 كنيسة وملجأ ايتام ومدرسة ومبنى خدمات مهدمة ومحروقة بالنار، بينما تم إعادة بناء مسجد رابعة في اسبوع! لماذا؟ والي متى؟

كيف سيتصرف الرئيس القادم في مشكلة بناء الكنائس المزمنة؟ ما هي آلياته للقضاء على التمييز ضد الاقباط؟ ما هي خططه لوقف التحريض العلني والدائم في المساجد و وسائل الاعلام والمدارس ضد المسيحيين والمسيحية وكل رموزها المقدسة؟ هذه الامور التي حولت الطابع القومي للشخصية المصرية من الاعتدال والتسامح إلى التطرف والتعصب مما يمثل تهديداً حقيقياً للسلام الاجتماعي والامن القومي المصري ويصعد بمصر اكثر فاكثر سلم الدول الفاشلة. باختصار، ما مدى حرص الرئيس القادم على تفعيل مبادئ حقوق الانسان وسيادة القانون التي هي الحل الفعلي لكل مشكلات الاقليات كالمرأة والاقباط ، بل وحل مشاكل مصر.

لقد اعطى ملايين الاقباط المشير السيسي شيكاً على بياض بانتظار تغير هذه السياسات العنصرية! فهل ستتعامى الدولة عما يعانيه الاقباط، أم سيتم تغيير السياسات؟
لنا عودة - ان احيانا الرب وعشنا - بعدما يكون المرشح قد صار رئيساً.