النظام الدولي الحالي تمت صياغته حسب مواصفات الأقوياء الرابحين في الحرب العالمية الثانية. وفي العادة، فإن التغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تحدث بسرعة، بينما التغييرات في البنى المؤسسية والقانونية تسير ببطء. حينذاك تضيق متطلباتها عن استيعاب احتياجات التغييرات المتواصلة.
نبرة الحزن في بيانات الزعماء الأميركيين عن الكلاب والقطط لا تضاهيها نبرة أخرى، ومهما كانت الحقيقة قاسية بالنسبة لنا أو لغيرنا، فإن بيزلي أو بارني بالنسبة لرئيس أميركي وعائلته اهم بكثير من ضحايا البشر في العالم؟
لفتت افتتاحية جريدة "الرأي الكويتية" في عددها الصادر اليوم الجمعة، الى الحزن والأسى اللذين أبدتهما أسرة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في حديثها الى عدد من الإعلاميين خارج منزلها في دالاس، حيث اعلن بوش أن كلبته "مس بيزلي نفقت"، معتبرًا أنها "ارتاحت بعد صراع طويل مع سرطان الغدد اللمفاوية".
وكانت عائلة بوش، قد أصدرت بياناً حول المناسبة، معتبرة أن "الكلبة مس بيزلي كانت مصدر سعادة خلال وجودنا في واشنطن وفي دالاس".
و مس بيزلي، هدية بوش لزوجته لورا في عيد ميلادها العام 2005، وانضمت الى كلب آخر قريب من فصيلتها اسمه بارني.
وفي هذا الصدد، اكد بوش في بيان النعي، على أن "مس بيزلي كانت رفيقاً لبارني، وعلى الرغم من تلقيه كل الاهتمام، فلم تكن له مس بيزلي أي ضغينة، و كانت حارسًا لقططنا بوب وبرناديت وستفتقدها القطط كما سنفتقدها أنا ولورا".
غير أن الافتتاحية التي كتبها جاسم بودي، حَمَلَت مقارنة بين حزن زعماء البيت الابيض على الكلاب والقطط من جهة، وحزنهم على الضحايا البشرية من جهة أخرى، وخصوصاً ضحايا السياسة الاميركية.
يقول بودي في هذا الصدد "لم نرصد هذه النبرة الحزينة في بيانات رؤساء اميركا حتى بالنسبة إلى رؤساء اصدقاء لهم توفوا، أو بالنسبة الى حلفائهم الذين سقطوا بنيران صديقة، وجميعنا يتذكر كيف كان بوش نفسه يتحدث بعبارات مقتضبة عن الجنود البريطانيين مثلاً الذين قتلوا برصاص أميركيين في العراق أو أفغانستان، وكيف أنه ينقل النعي من منطقة الحزن الى منطقة السياسة متحدثًا عن الإرهاب والحرب والأخطاء التي يمكن أن تحصل".
واعتبر بودي أن "نبرة الحزن في بيانات الزعماء الأميركيين عن الكلاب والقطط لا تضاهيها نبرة أخرى، ومهما كانت الحقيقة قاسية بالنسبة لنا أو لغيرنا، فإن بيزلي أو بارني بالنسبة لرئيس أميركي وعائلته اهم بكثير من الضحايا في فلسطين الذين يسقطون برصاص الاسرائيليين، ومن الضحايا السوريين الذين تجاوزوا مئات الآلاف بين شهيد ومصاب ومعاق وتجاوزوا الملايين تهجيراً، وأهم من اللبنانيين الباحثين عن استقرار وسط تعدد السلاح الداخلي والتفجيرات الموسمية ورياح الاقليم السوداء، واهم من العراقيين الذين استراحوا من ديكتاتور بشع ليجدوا انفسهم امام ميليشيات أبشع وتفجيرات أشنع ودولة ترفض أن تتكون، وأهم من المصريين المتنقلين بين الثورات وحلم الدولة، ومن الليبيين المتفرجين على بلد يتشظى ويتحلل بالدم، ومن التونسيين الخائفين على تجربتهم، ومن الجزائريين المترقبين للعهد (الحقيقي) الذي سيلي عهد بوتفليقة، ومن مجاعات الدول الأفريقية".
واختتم بودي الافتتاحية بالقول "بوش عشق كلبه بارني واعتبره صديقه الوفي لمدة طويلة لاعتبارات عدة أهمها أنه لم يناقش قط في السياسة".
سلاسل تقيّد العدالة
ووصفت صحيفة "الوطن" السعودية الفيتو الثنائي، الروسي والصيني، ضد مشروع قرار عرض بمجلس الأمن الدولي، لإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب من قبل طرفي النزاع، بأنه "سلاسل تقيّد العدالة".
وقالت الصحيفة إن "المشروع في أصله ليس خاصاً بالنظام وجرائمه، وإنما يمتد إلى طرفي أو أطراف النزاع، لكن المتهم الأول بارتكاب جرائم حرب هو النظام وقواته، سواء من خلال عمليات التعذيب المنهجية، أو باستخدام الهجمات الكيميائية، أو القصف بالبراميل المتفجرة، فضلاً عن العرقلة المتعمدة لوصول المساعدات الإنسانية".
واشارت الصحيفة الى أن "الفيتو المزدوج لا يحمي النظام السوري وحده، وإنما يقدّم حماية مجانية للجماعات الإرهابية، التي مارست جرائم بشعة في حق الإنسان، ما يعني إذكاء للصراع، وحماية للقتلة من كل نوع، واستهانة بالشعب السوري الواقع بين مطرقة نظام دموي، وجماعات تكفيرية لا ترى أبعد من أنوف قيادييها".
حركة الشطرنج
وفي افتتاحيتها التي حملت عنوان "حركة الشطرنج"، اعتبرت صحيفة "الخليج" الاماراتية أن هناك حرباً باردة جديدة في العالم رغم نفي البعض لذلك، والسعي الى تسويقها بمفاهيم جديدة.
وقالت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الجمعة، إن "معظم المواصفات قائمة في الاصطفافات الجارية. قد تكون الجديدة مختلفة عن القديمة من حيث بعدها الإيديولوجي. فكل المنخرطين فيها يمارسون الرأسمالية، فليس هناك اصطفاف إيديولوجي حقيقي، حتى وإن نسمع بين الفينة والأخرى تلميحات عن الديمقراطية في مواجهة الدكتاتورية، لكن ذلك لم ينفذ إلى عقول الناس بالرغم من كل الحروب الإعلامية".
واضافت الصحيفة أن "النظام الدولي الحالي تمت صياغته حسب مواصفات الأقوياء الرابحين في الحرب العالمية الثانية. وفي العادة، فإن التغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تحدث بسرعة، بينما التغييرات في البنى المؤسسية والقانونية تسير ببطء. حينذاك تضيق متطلباتها عن استيعاب احتياجات التغييرات المتواصلة. فليس هناك شك في أن عالم المؤسسات والقوانين الدولية يحتاج إلى تعديل يواكب متطلبات التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في العالم. غير أن ما نشهده من تحركات على رقعة الشطرنج لا ينبئ بأن التغييرات المقبلة ستكون لمصلحة الأرض ومن عليها".
وفي ختام تحليلها، خلصت الصحيفة الى القول إنه "في هذا المناخ الجديد ستكون حتى التفاهمات بين هذه القوى الكبرى على حساب البلدان الصغرى. فالعالم يحتاج إلى عقلاء يجعلون الأساس مصير العالم، وليس نقل قطع الشطرنج من مكان إلى آخر".
متى نعرف ونعترف فيه بسلبيات سلوكنا؟
وتساءل يوسف الكويليت في افتتاحية صحيفة "الرياض" السعودية عن "الوقت الذي يمكن أن نعرف ونعترف فيه بسلبيات سلوكنا"؟.
وفي تفاصيل خصائص المجتمعات وصراعات و"صرعات" الاجيال وخصوصية كل مرحلة، يشير الكويليت الى أن " كل جيل يحاسب ما بعده ويرمي زمنهم بالقصور الأخلاقي وقطع الأرحام والتسيب وهي قاعدة لاستيلاد التاريخ والواقع يرى أن لكل زمن أشخاصه ومجتمعاته التي وضعت القواعد لما بعده، وتنتفي المفاضلة بينهم طالما الجميع شراكة نسيج واحد وحتى الأخلاقيات نسبية أي أن المجتمع الصغير تسوده تقاليد القرية وشبه المدينة، ولذلك تبقى تركيبته أقرب لعادات الأسرة الواحدة في التكافل وتضخيم العيوب والفضائل ومجتمعنا الذي زاد سكانياً وتنوعت أفكاره وامتزاجه مع الوافد والعالم الخارجي دخلت عليه متغيّرات كثيرة غيّرت في السلوكيات كأي مجتمع يكتسب طبائع جيدة وسيئة".
واكدت الافتتاحية على أن "المجتمع يفتقد الى الدراسات الجادة لعمليات التحول في حياتنا عن الفرد والأسرة والمجتمع بكليته وقد أصبحنا نرى الانحرافات لدى الشباب في تعاطي المخدرات وشفط البنزين وشم صمغ (البوتكس)، وغاز الولاعات وتعاطي حبوب منع الحمل للذكور لتحسين بشرتهم، وهرمونات العضلات لبناء أجسام رياضية والتداوي بأعشاب قاتلة، لا ينم عن جهل فقط، أو مرافقة منحرفين، وإنما هي طبيعة الحراك العالمي الذي بدأ بتعميم سلوكياته المختلفة حتى أن ثقافة الجنس التي لا نتعامل معها بواقعية ضمن شرح تربوي يواجه الحقيقة من دون تحفظات ولكلا الجنسين تتحفظ عليها التقاليد والحياء رغم وجودها واستشرائها ونفس الأمر مع الانحرافات الأخرى".
إيقاظ أشباح هتلر
وتناولت صحيفة "القدس العربي"، الصادرة في لندن ردود الافعال التي تمخضت عن تعليق ولي العهد البريطاني الذي شبّه فيه بوتين بهتلر، ما اثار جدلاً دبلوماسياً بين بريطانيا وروسيا.
ومنصب وليّ العهد البريطاني لا يخوّله، حسب قوانين الدولة البريطانية، التعليق على الشؤون السياسية، لكنّ خروج الأمير تشارلز على هذا التقليد يدلّ على أنه شخص حقيقيّ من لحم ودم، وأنه لا يرغب أن يمنعه مركزه الحسّاس من التدخل بشكل فاعل في شؤون العالم، وبذلك يعطي الأمير للمنصب معنى جديداً مفارقاً لمعناه التقليدي، ولو عرّض ذلك مصالح راسخة في الأرض للخطر، بما فيها مصلحته هو شخصياً.
وكان ولي العهد تحدث في زيارة له العام 1979 الى هونغ كونغ عن قادة الصين "العجائز" مشبهاً إياهم بـ"تماثيل شمع بائسة"، كما سخر من حركات الجنود الصينيين وأسلوب عرضهم السوفييتي الشديد الإزعاج.
ولم تقتصر تعليقات الأمير القاسية على الشؤون السياسية، ففي زيارة له عام 2007 الى الإمارات العربية المتحدة قال إن "منع مطاعم مكدونالدز هو مفتاح للصحة الجيدة".
وفي صدد المقارنة بين بوتين وهتلر، اشارت الافتتاحية الى أن "التشابهات التاريخية بين هتلر وبوتين تستجلبها وقائع عديدة، أولها الشعور بالانكسار والرغبة في الانتقام والتسيّد لدى النخبتين الألمانية 1939-1918 والروسية 1991-2014، الأولى بنتيجة الحرب العالمية الأولى، والثانية بنتيجة تفكك الاتحاد السوفييتي، وثانيها هو الدور الكاريزمي للزعيم الدكتاتور الذي لعبه هتلر ويلعبه بوتين (والاثنان فازا بالانتخابات!)، وثالثها تنامي القوتين الاقتصادية والعسكرية، ورابعها الشعور بضعف الخصوم: الولايات المتحدة الأميركية واوروبا، وخامسها تحالف الدول المتضررة الذي جمع اليابان وايطاليا والمانيا، سابقاً، ويجمع الآن روسيا والصين حالياً".
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول "بوتين أقرب لنموذج هتلر مما نتصور وخصوصاً بعد تفعيل تحالفه مع تماثيل الشمع الصينية، وان من حق العالم أن يخاف".